بيننا وبين الموزمبيق كم طارت من دعوة خير تلاحق نسور قرطاج في مهمتهم الاخيرة قبل إمضاء الوثيقة الرسمية الخاصة بالتواجد في المونديال... وبين تونس والموزمبيق مسافة لم نكن نسأل عن حيثياتها ومخاطرها سواء كانت معبّدة أو «ثنية عربي» إلا أننا صرنا نراها على مدى نظرنا المتجه صوبا نحو جنوب افريقيا هذه التحفة الارضية التي أعادتنا الى المنتخب وأعادت المنتخب إلينا... اليوم قد ينتفي الحديث عما جهزه كويلهو والماجري من تخطيط لأنه بكل بساطة لا يتجاوز النسبة الصغيرة على أن تبقى الأمور كل الأمور بأرجل اللاعبين المطالبين قبل كل شيء بإبراز أحقيتهم بالعبور الى المونديال وهذا لا يحتمل افتراضات عدة (رغم وجود سبعة منها في صالحنا) بل يمرّ من الباب الكبير والفوز على الموزمبيق لتقرير المصير. البعض يتحدث عن ثلاثة مهاجمين قارين... في حين أن الكرة العصرية تتطلب أحد عشر مهاجما يقومون ب «عمل مزدوج» (لا يعقاب عليه القانون هذه المرة) على مستوى الدفاع ليكون المنتخب كتلة واحدة ملطّخة بحشيش وتراب الملعب ومضرّجة بعرق الرجولة الذي نعتبره أساس الخطة التي سنلعب بها اليوم ضد منتخب «مخيف» قد يزداد خطورة إذا طاله «مسّ» الطرف النيجيري وبالتالي فإن الواقع الذي سيعيشه أبناؤنا لمدة تسعين دقيقة ليضعهم أمام مسؤولية رد جميل هذه البلاد التي أنعمت عليهم بالشهرة والثروة واستلّتهم من تحت أنقاض اليأس نحو حياة الأمل... ولن يكون ذلك إلا بإسعاد هذا «الشعب الكريم» الذي فيه من يؤثر الكرة على أولاده وقوته اليومي... تسعون دقيقة هي كل ما تبقى من حسابنا في الطريق الى المونديال وهي مدة زمنية كافية لنكتشف قولا وفعلا إن كان أبناؤنا «نسورا» حقيقيين أم «عصافر سطح» لأن فرصة اليوم لا تتوفر كثيرا لنعبر مرة أخرى الى مونديال العمالقة رغم أننا في المرات الاربع الماضية عدنا فيه منذ الدور الاول... وبالتالي يبقى الشرف الحقيقي في مغالبة الظروف والمحاولة ثم الانجاز خاصة أن المنطق يضعنا في خانة العابرين الى جنوب افريقيا على الأقل على الورق في انتظار لترات العرق. اليوم لن نرضى بغير الانتصار لأننا على يقين بأن الموزمبيق التي تحوّلت بقدرة قادر الى «وحش» ليست في نهاية الامر سوى منتخب يبحث له عن ربع مكان في النهائيات الافريقية وبالتالي من غير المعقول أن نخوض أصلا في متاهات الحساب طالما أننا حفظنا جدول الضرب والطرح والقسمة ولم يعد أمامنا غير مطالبتكم بأن تمرّوا أو تتركوا غيركم ليمر إن كنتم غير أهل للعبور يا «نسور»... على جناح الأمل كل الاصوات التي سمعتموها تمدح أمو تذم المنتخب ستنقلب إن شاء الله بعد تسعين دقيقة بحساب يقدر ب 180 درجة.