حمادي العقربي فلتة من فلتات الزمان وموهبة كروية لم تجد علينا السنون بمثلها لكن الأهم من ذلك أخلاقه العالية التي جعلته يحظى بمكانة متميزة في قلوب عشاق الكرة في تونس والتي زادت من حب الناس له وتقديرهم لشخصه. قدّم حمادي الكثير للمنتخب الوطني وللنادي الصفاقسي وبالتالي أصبح مرجعا من مراجع الكرة في تونس فهو يعرف كل كبيرة وصغيرة عن الكرة التونسية وعن النادي الصفاقسي وعلى هذا الأساس استضفناه ليحدثنا عن ال«سي آس آس» والمنتخب الوطني وخاصة وضع الكرة التونسية حاضرا ومستقبلا فكان الحوار التالي:لماذا بقي حمادي في المدة الأخيرة بعيدا عن الأضواء ؟ العقربي موجود على الساحة وأتلمس أخبار النادي الصفاقسي والمنتخب الوطني ولئن كنت بعيدا عن الأضواء في المدة الأخيرة فلأني مازلت تحت ألطاف الله بعد العملية الجراحية التي أجريتها على مستوى الرقبة وكللت بالنجاح والحمد لله وأعتبر نفسي لم أتجاوز إلى حد الآن فترة النقاهة ومع ذلك فإن حالتي الصحية في تحسن مطرد وبالمناسبة أشكر كل الذين وقفوا إلى جانبي وساعدوني على تخطي كل العوائق من طاقم طبي وإداري داخل المصحة التي أقمت بها أو خارجها كما أشكر كل الذين زاروني سواء في المصحة أو في منزلي وفي حقيقة الأمر تأثرت كثيرا بتعاطف كل الناس معي ولم أجد العبارات المناسبة للتعبير عما يخالجني لشكرهم وأكون ناكرا للجميل إن لم أذكر قرينتي «سارة» وأبنائي الثلاثة معز وزياد ومهدي الذين كنت بمثابة الأخ والصديق بالنسبة إليهم فتحملوني كما أنا وإني عاجز على شكرهم أما بالنسبة لعدم حضوري في الجلسة العامة الانتخابية للنادي الصفاقسي فهو شيئ عادي باعتباري لم أحضر في أي جلسة سابقا أما بالنسبة لحفل التكريم الذي نظمه النادي احتفاء بمرور ستين سنة على ميلادي والذي تزامن مع صدور كتاب خاص بي فإني أشكر النادي الصفاقسي على هذه البادرة الفريدة من نوعها كما أشكر كل من ساهم في إنجاز هذا الكتاب سواء بالقلم أو بأشياء أخرى وأطلب المعذرة من بعض الأشخاص الذين لم تذكر أسماؤهم في هذا الكتاب وإن العملية غير مقصودة وخارجة عن نطاق الجميع.هناك مشكل كبير يعاني منه النادي الصفاقسي، على امتداد عدة سنوات وهو مشكل العزوف عن تحمل مسؤولية الرئاسة فما هي الأسباب وما هي الحلول؟ أولا أشكر كل الرؤساء السابقين الذين خدموا النادي بتفان وإخلاص وكل واحد حسب اجتهاده (ومن اجتهد وأصاب فله أجران ومن اجتهد ولم يصب فله أجر واحد) كما أشكر كل المسؤولين الذين تطوعوا لخدمة هذا النادي العريق والشكر كل الشكر للسيد المنصف السلامي الذي قبل مسؤولية رئاسة النادي في هذا الظرف الصعب جدا وأخرج النادي الصفاقسي من مأزق ظل يعاني منه على امتداد عدة مواسم وأنا أعتبر السلامي رجل المناسبات الصعبة والرجل الغيور الذي يحب ناديه ولم يتأخر في التضحية من أجله ويبدو أن أسباب عزوف أحباء النادي على تقديم ترشحاتهم هي بالأساس أسباب مادية بحتة في غياب الموارد المالية القارة وتفاقم الديون وإن الوضع الحالي الذي عليه البلاد لا يشجع على تحمل أي مسؤولية.على ذكر الديون المتراكمة ما هو تعليقك على الشكاوى التي تقدمت بها بعض الفرق الإفريقية لل«فيفا» لإجبار النادي على دفع مبالغ مالية قد تجاوزت المليارين وهي عائدات اللاعبين ليلو مبيلي وأوبوكو؟ أنا شخصيا لا أريد أن أعلق على أشياء ليست من مشمولاتي لكني متأكد أن النادي برجاله وأحبائه الغيورين بإمكانه الخروج من هذا المأزق المالي بسلام ولا أعتبر هذه الديون كارثة كما قيل عنها بل هي مشكلة بسيطة بالإمكان حلها في أسرع الأوقات إن تكاتفت جهود الجميع وحرص كل الناس على وضع اليد في اليد من أجل صالح النادي وأنا شخصيا لا أعتبر ما حصل كارثيا وإن الحلول متوفرة.هل تقصد بيع المركب القديم للنادي باعتباره الحل الأنسب والأسهل لإخراج النادي من الوضع المالي الصعب؟ لم أقصد ذلك باعتباري أعارض الفكرة من أساسها وقد عبرت عن رأيي في هذا الموضوع لما فكر أحد الرؤساء السابقين في بيع المركب القديم الكائن بطريق المطار ولكني مع فكرة استغلاله كمركز تجاري مع بعث بعض المشاريع العقارية (قاعة للأفراح مركب تجاري إلى غير ذلك) وبالتالي اسغلال المركب كمورد مالي قار يدر على النادي أموالا طائلة وبالتالي النسج على منوال بعض الفرق الكبرى في أوروبا والعالم العربي.عديد اللاعبين عزز بهم النادي الصفاقسي صفوفه في الميركاتو الصيفي على غرار القصداوي والبغدادي وابراهيم خليل وداودا فهل أن هذه الانتدابات مدروسة وتؤكد أن اللجنة الفنية المختصة كانت على صواب وإن الانتدابات التي قامت بها كانت موجهة؟ عن أي لجنة فنية تتحدث فاللجنة التي تتحدث عنها لا تتوفر فيها الشروط وليس لها نفوذ بل هي تطبق التعليمات وما يهم النادي هو تكلفة الصفقة لكن على ما يبدو فقد أصاب النادي هذه المرة في اختياراته لما تعاقد مع اللاعب سلامة القصداوي أما بقية اللاعبين فلم نشاهدهم وليس بإمكاننا الحكم عليهم.الأكيد أنّك مازلت رافضا لأي مسؤولية داخل الهيئة المديرة للنادي فلماذا لا تنضم للجنة الفنية أو إلى لجنة كرة القدم على غرار رضا اللجمي وشكري شيخ روحه؟ تطلب المستحيل فأنا غير مستعد للانضمام لا للجنة الفنية ولا غيرها من اللجان ولست مستعدا لتحمل أي مسؤولية سواء في النادي الصفاقسي أو غيره من الهياكل الرياضية وهو مبدأ قطعته على نفسي.لكن لماذا لم تنسج على منوال طارق ذياب وزياد التلمساني وتترأس قائمة جديدة للتنافس من أجل رئاسة الجامعة خاصة أنك تتمتع بشعبية كبرى؟ لقد تركت الأمور لأصحابها في زمن تغيرت فيه عقلية اللاعب والمسؤول والمحب فما حصل ومازال يحصل في ملاعبنا لا يشجع على تحمل المسؤولية لا في النوادي ولا في الجامعات، شماريخ وتقليع كراسي وتهشيم الأبواب و«ضارب ومضروب» وخروقات لكل المبادئ الأخلاقية وأعمال شغب يندى لها الجبين...كلها لا تشجع حتى لمتابعة المباريات في ملاعبنا وكل ما أتمناه أن يقلع بعضهم عن مثل هذه الممارسات باعتبار أن المشجع التونسي يترفع عن مثل هذه الأعمال وأن الجماهير التونسية يضرب بها المثل في الأخلاق والسلوك الحسن وأتمنى أيضا أن تتغير بعض العقليات مع انطلاق الموسم الجديد.هل أنت مع سياسة التشبيب؟ لقد ناديت بالاعتماد على شبان النادي بالدرجة الأولى وتمنيت لو أعطى النادي الأولوية للشبان منذ زمان ويبدو أن عملية المراهنة على الشبان قد انطلقت بصفة جدية في نهاية الموسم الماضي أي منذ تعيين المدرب نبيل الكوكي على رأس الفريق وقد أثمرت هذه التجربة اكتشاف عديد اللاعبين الشبان على غرار الورغمي وبن صالح ومنصر والزواغي وكمون وكريشان والرباعي وقعلول وغيرهم باعتبار أن الانتدابات السابقة لم يجن منها النادي إلا المتاعب المالية فالنادي الصفاقسي يملك لاعبين من الطراز الرفيع وعلى المدرب الألماني الجديد أن يعرف كيف يتصرف فيهم.على ذكر المدرب الألماني الجديد رينهارد ستامب هل أصاب النادي الصفاقسي في تعامله مجددا مع المدرسة الألمانية. لا أؤمن بالمدارس الكروية وأعتقد شخصيا أن نجاح أي مدرب مرتبط بقيمة الرصيد البشري الذي يتصرف فيه وبنوعية اللاعبين ومدى قدرتهم على قلب الأوضاع فحجم اللاعب ووزنه داخل الفريق هو الذي يحدث الفارق فالإضافة تتوفر إن كان اللاعب من الحجم الثقيل كما أن النتائج تأتي بطبيعتها لما يكون الجو نقيا داخل الجمعية ويضع الجميع اليد في اليد من أجل تخطي عديد العقبات وخاصة منها المالية.يبدو أنّك ملمّ بما يجري في جامعة كرة القدم وفي وزارة الإشراف وبالخروقات في القانون وقد يؤدي ذلك إلى عقوبة تونس من طرف الجامعة الدولية؟ يبدو أنّه لم يتغيّر شيئ في تفكير بعضهم من الذين مازالوا يستعملون «العصا» من أجل فرض رأيهم حتى ولو اخترقوا الشرعية الدولية وبالتالي أصحبت تونس ملكا من أملاكهم ولهؤلاء أقول إن تونس اليوم ليست تونس الأمس وعليهم التمسك بالشرعية الدولية أو الابتعاد فهناك قوانين ال«فيفا» على الجميع تطبيقها وأن نترفع على مثل هذه الممارسات ولن نقبل أي عقوبة من ال«فيفا» مهما كان نوعها ولا نقبل ما يجري في كواليس الكرة بعد الثورة المباركة.وما هو تعليقك عن الاستقالات الجماعية (قبل تراجع البعض) لأعضاء الجامعة فضلا عن التراشق بالتهم؟ ما يحصل لا يليق بالكرة التونسية من تراشق بالتهم ونشر غسيلنا عبر الفضائيات وهو شيء غير مقبول ويساهم بقسط وافر في تشويه سمعة تونس التي يضربون بها المثل فعلينا أن نفتح صفحة جديدة بعد ترشح منتخبنا إلى نهائيات كأس إفريقيا وأن يسلم المكتب الجامعي الحالي بكل لطف وهدوء المشعل إلى متطوعين آخرين لخدمة تونس باعتبار أن المسؤولية تداول وتكليف وليست تشريفا.ألا ترى أن الحلول تكمن في فتح ملفات الكرة التونسية؟ كرتنا في حالة كارثية وبالتالي وجب فتح الملفات وإعادة النظر في عدة أشياء وإعادة الهيكلة والرسكلة حتى تسترجع بطولتنا مكانتها وهيبتها ويعود منتخبنا الوطني إلى إشعاعه وبريقه ولا نبقى تحت رحمة أي فريق مثلما حصل لنا قبل الترشح لنهائيات كأس إفريقيا ننتصر وننتظر نتيجة التشاد والمالاوي حتى نتنفس الصعداء.ألا ترى أن الأزمة انطلقت من النوادي التي تجاهلت التكوين ولهثت وراء النتائج العاجلة فضلا عن أنها تعيش على التبرعات فماذا تقول في هذا الموضوع؟ صحيح الأزمة التي تمر بها كرتنا على مستوى نتائج وأداء المنتخب الوطني تتحمل فيها الأندية جزءا من المسؤولية بعدم إعطاء الأولوية للتكوين وأصبحت بعض الأندية تتهافت وراء النتائج وتحاول بشتى الطرق الفوز بخدمات أبرز اللاعبين كلفها ذلك ما كلفها وقد وصل الأمر إلى الشكاوى وتشريك ال«فيفا» في القرارات وتبقى الفرق الضعيفة متضررة من هذا السباق رغم أن مستوى فرقنا متقارب وفيما يتعلق بالأزمة المالية التي تعاني منها معظم الأندية فهي منتظرة بما أنها تفتقر إلى موارد مالية قارة وأعتقد أن دخول الاحتراف في تونس سابق لأوانه وكما يقولون «حضرنا الحصيرة قبل الجامع» هل حقق سامي الطرابلسي المطلوب أم أن الحظ خدمه وهل تنصح ببقائه أو رحيله؟ الوضع الصعب الذي مر به منتخبنا الوطني في الفترات الأخيرة لا يتحمله سامي الطرابلسي الذي قدم كل ما عنده وكل ما في جرابه من أجل راية تونس وكان نزيها في اختياراته وقد غلّب العقل على العاطفة ووفقه الله وكان الحظ إلى جانبه وإلى جانب كل التونسيين وحققنا الهدف المنشود.ماذا كنت تتصور أن يحدث لو لم نترشح؟ ستكون الكارثة على الكرة التونسية إن لم نترشح وكادت كرتنا تسقط في هاوية باعتبار أن عدم الترشح له انعكاس سلبي على أنديتنا وعلى الكرة التونسية بصفة عامة فالمطلوب من الآن مراجعة أنفسنا وغرس سياسة جديدة في الأندية والمنتخب الوطني حتى نلتحق بركب بعض الأندية الإفريقية التي هربت علينا كثيرا.