تبلغ حاجيات تونس من المواد البترولية 3.746 ملايين طن من النفط المكرر تنتج منها 1.683 مليون طن وتورد الباقي اي 2.790 مليون طن وربما لا يعرف التونسيون ان الشركة التونسية لصناعات التكرير هي الشركة الموكولة لها مهمة تكرير حاجياتنا من النفط وتوريد الباقي. هذه الشركة تعيش منذ حوالي الشهر موجة من الاضرابات قد تعصف بها والسبب مبلغ زهيد يعادل 70000 دينار يطالب به بعض العمال فيما تخسر الشركة يوميا جراء تلك الاضرابات مبلغ المليارين فهل من مغيث؟ وإن تدق «الشروق» ناقوس الخطر فلأن التونسيين قد يفيقون في الايام القادمة على محطات الوقود خالية من النفط اذا ما تواصل اضراب مجموعات من العمال العرضيين الذين يغلقون منذ أسابيع المداخل الرئيسية للمصفاة مانعين العملة والمهندسين والإداريين من الدخول وهو ما شل نشاط الشركة بنسبة 100٪ وفي غياب اطار اداري قادر على حل مثل هذه الأزمات الاجتماعية تعكرت الاوضاع لتغلق المصفاة أبوابها وتعجز عن استقبال حاملات النفط التي لا يزال العديد منها راسيا في ميناء بنزرت دون ان تتمكن من افراغ حمولاتها من النفط الخام او التزوّد بالبترول المكرر والموجه للسوق الداخلية. احتجاز رهائن الى ذلك تطورت الاوضاع في الشركة التونسية لصناعات التكرير الى الاسوإ يوم الجمعة 14 أكتوبر الماضي لما قامت مجموعة من العمال العرضيين باحتجاز المسؤولين داخل المؤسسة لمدة ليلة كاملة ولم يتم الافراج عنهم الا في الساعات الاولى من يوم السبت 15 أكتوبر. وبمجرد ظهور نهار السبت دخل الاداريون والمهندسون والعملة المرسمون في اضراب عام ومفتوح مطالبين بحماية أكثر لهم، وقال أحد المهندسين الذين استجوبتهم «الشروق» رافضا الادلاء باسمه مخافة تعرضه الى عمل انتقامي من العملة العرضيين أن الموت يحدق بالجميع داخل المصفاة نتيجة اجتياح مجموعات عديدة من العملة العرضيين للمصفاة ما يمكن أن يتسبب في حرائق وتسربات للنفط اذا ما اقترب المحتجون من المخازن التي تحتوي على مواد سريعة الالتهاب. ولمعرفة أسباب هذه الحركة الاحتجاجية اتصلت «الشروق» بأحد المضربين الذين أكد أن الشركة تتكبد يوميا خسائر تقدر بمليارين ووصلت خسائرها الى حد الآن الى ثلاثين مليارا وترفض صرف مبلغ زهيد لا يتعدى سبعين ألف دينار لتسوية أوضاع العملة العرضيين ويذكر أن كل هؤلاء العملة هم من أصيلي منطقة جرزونة التي تقع في منطقتها الصناعية مصفاة تونس الوحيدة وهو ما خلق تعاطفا كبيرا عبر عنه أهالي المدينة مع المضربين وما أصبح يمثل خطرا ثانيا اذا ما امتد فتيل الازمة الى المنطقة بأكملها. خسائر بالجملة وزيادة على ما تتكبده الشركة من خسائر فادحة منذ بداية الاضراب طفت على السطح مشكلة ثانية ضحاياها من المتعاملين معها ومن هذه الشركات الوطنية الناقلة للنفط التي تسبب هذا الاضراب المفتوح في توقف نشاطها وعدم الحصول على مستحقاتها ما تسبب في مشاكل لهذه الشركات والتي قد يدخل بعض عمالها واطاراتها في اضراب بسبب عدم الحصول على مستحقاتهم. الأزمة تولد الأزمة فيما رفضت كل الوزارات المعنية الرد عن أسئلة «الشروق» لمعرفة مصير هذا القطاع.