عرف المعهد العالي للموسيقى بسوسة خلال الأسبوع الماضي تحركات طلابية، حيث نظم طلبة هذا المعهد اضرابا عن الدروس واعتصاما داخل المؤسسة الجامعية. عن هذه التحرّكات وعن الوضع داخل المعهد كان لنا حوار مع الموسيقار الدكتور محمد القرفي مدير المعهد العالي للموسيقى بسوسة الذي كشف لنا فيه عن حقيقة هذه التحرّكات ودوافعها الحقيقية ومن لوبي المفسدين يحرض الطلبة للتغطية على التجاوزات يقف وراءها.
دكتور ما الذي يحدث في المعهد العالي للموسيقى بسوسة؟
هو اضراب للطلبة له علاقة «بالعوادة» ولا صلة له بكل ماهو فكري أو ايديولوجي أو اداري.
هل من توضيح؟
الطلبة يريدون تكوين فرقة موسيقية داخل المعهد وتنظيم حفلات وعروض داخل المؤسسة وهو ما رفضته جملة وتفصيلا باعتبار ان المعهد مؤسسة جامعية لها نواميسها، وضمن البرنامج هناك دروس تطبيقية ونظرية وتعليمية، وضمن التطبيقات هناك أوركستر سمفوني وفرقة موسيقى عربية ونادي الجاز ومجموعة موسيقى الصالون، وكلها تدخل في اطار تطبيقات جامعية، لكن الطلبة يريدون تشكيل فرقة عوادة.
ألم يسبق هذا الاضراب حوارا مع الطلبة؟
نعم، التقيت مجموعة من الطلبة تمثل البقية وناقشنا الموضوع وبيّنت لهم مبرّرات رفض لهذا المشروع لكنهم تمسكوا بموقفهم، لأنهم كانوا يريدون الاضراب، لأن مسألة «العوادة» ليست إلا السبب الظاهري، لكن الأسباب الحقيقية غير ذلك.
وماهي الأسباب الحقيقية؟
المؤامرات بدأت منذ تمّ انتخابي مديرا للمعهد، فقد قام أعضاء المجلس العلمي بتقديم استقالة جماعية لاحداث فراغ، لكنني قمت بتعيين مجموعة من الأساتذة ضمن المجلس العلمي وهو ما يخوله لي القانون، وأردت احداث تغيير في البرامج وقمت باستفتاء داخل المعهد والاجابة كانت في أغلبيتها ايجابية، وكان هذا التغيير قد أثار حفيظة اللوبي داخل المعهد.
وهل هناك لوبي؟
طبعا هناك مجموعة كانت مستفيدة من الوضع السابق وتنتمي الى النظام السابق منهم من كان رئيس شعبة ومن كان في لجنة التنسيق، كلهم أزلام النظام السابق قامت بتجاوزات كبيرة وتخشى على مصالحها، وهي التي تحرّض الطلبة اليوم لاحداث الفوضى وتعطيل المحاسبة.
نتحدث عن تجاوزات وعن محاسبة؟!
طبعا، اكتشفت تجاوزات خطيرة وفساد داخل المعهد وهدرا للمال العام، حرّرت فيه تقريرا أحلته على سلطة الاشراف وهيئة تقصي الحقائق حول الفساد والرشوة، وغيرها من الجهات المعنية بالمسألة.
وما طبيعة هذه التجاوزات؟
وجدت آلات موسيقية وتجهيزات تمّ شراؤها بمئات الملايين لا أحد يستعملها.
ولماذا لا تُستعمل ولا تُستغل؟
لأنها لا تصلح، هذه آلات موسيقية تم اقتناؤها من آسيا ولا تستجيب للمعايير العالمية ورفض الأساتذة استعمالها في التدريس والحق معهم.
وهل من مظاهر اخرى لسوء التصرّف؟
طبعا، وجدت تجهيزات اعلامية ومكتبية تفوق بكثير حاجيات المعهد، تصوّر في كل مكتب هناك ناسخة، في مكتب المدير وجدت ناسختين، تخيّل ثمّة أعداد من الحواسيب لازالت في علبها لم تستعمل. أليس هذا اهدار للمال العام؟!
برأيك، ونحن نمر بمرحلة اعادة نظر في كل المجالات، ماهي الحلول أو الوصفة للنهوض بالتعليم الموسيقي العالي؟
برأيي، البداية تبدأ بجمع كل المعاهد في أكاديمية قدمت تقريرا الى السلط العليا حول الفساد وإهدار المال العام في المعهد واحدة، فليس من المعقول أن في مصر التي تعد أكثر من 85 مليون نسمة، لا نجد إلا أكاديمية واحدة للفنون، وفي فرنسا التي تعد 60 مليون ساكن، لا نجد إلا معهدا بباريس وآخر بمدينة ليون. أما في تونس التي تعد 12 مليون ساكن نجد 6 معاهد، في تونس وسوسة وصفاقس وقابس وقفصة والكاف، لا بدّ من التفكير في جمع هذه المعاهد في مؤسسة جامعيةواحدة في أحد هذه المعاهد هناك 17 أستاذا ب18 طالبا بمعدل أستاذ لكل طالب، فهل هذا منطقي؟!
هناك أيضا مسألة البرامج لا بد من مراجعتها وغيرها من المسائل التي أعددت فيها تصوّرا وسأقدمه قريبا لسلطة الاشراف.