أطلق مؤسس الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين الأستاذ سعد الذوادي النار على المتهربين من الجباية من بينهم عدد من أعضاء «التأسيسي»، كما انتقد بشدة تخصيص موارد هامة من ميزانية الدولة لأجور الوظيفة العمومية، مقابل جوع باقي أفراد الشعب... وذكر الذوادي خلال حديثه مع «الشروق» أن توزيع موارد ميزانية 2012 غير منطقي اذ تمت زيادة ألف مليار تقريبا للتأجير العمومي بالاضافة الى منع كبار الموظفين سيارات ومساكن وظيفية ووصولا للبنزين في حين تعاني فئة واسعة من التونسيين من الفقر والخصاصة...
وأضاف لقد أعدت ادارة فاسدة هذه الميزانية وهو مشروع مدمر ذلك أنه في 2011 ثم اهدار 7600 مليار في التأجير العمومي واعتبر ذلك جريمة لا تغتفر خاصة وأن دراسة فرنسية حسب قوله أظهرت أنه في تونس يعمل فعلينا موظف واحد مقابل خمسة موظفين «لا يعملون أو يتقاعصون عن العمل» وبالتالي فإن معدل العمل الفعلي بكل موظف يوميا لا يتجاوز بضعة دقائق.. فهل يكافأ هولاء بالمليارات على «بطالتهم»؟
ولاحظ أنه لابد من وجود خطة محكمة لمراقبة انتاج كل موظف يوميا خاصة وأن بلادنا تعيش حاليا أزمة اقتصادية ويمكن التخفيف من وطأتها اذا ما استغنى كبار الموظفين عن هذه الامتيازات التي لا تتلاءم مع الوضع الاجتماعي لأغلب التونسيين من ذلك وصولات البنزين والسيارات الادارية... وغيرها من الامتيازات واقترح أن تصرف الأموال المخصصة لهم الى الفقراء والمعوزين...
تهرب من الضريبة
ومن المشاكل الأخرى التي يمكن علاجها لتقويم الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد التهرب الضريبي ولاحظ أنه على بلادنا ان تقطع مع الفساد بخلق ثورة جبائية ولاحظ أنه من «العار أن يتواجد داخل المجلس متهربون من الضريبة...
ونحن متأكدون أن العديد من أصحاب المهن الحرة بالمجلس متهربون من الضرائب ومع ذلك يعطوننا دروسا في الديمقراطية وفي الضريبة... ومن العار أيضا ان القانون الانتخابي لم ينص على ان المترشح الذي يتهرب من دفع الضرائب لا يمكنه تحمل أي مسؤولية سياسية وذلك من باب المساواة والديمقراطية بين المواطنين...» ووصف الذوادي هذه الفئة بأنهم «الأميون الجدد» الذين يجهلون أبسط القواعد عن الاقتصاد والقانون ويقدمون لنا دروسا في كل المجالات في حين لا يؤدون واجبهم تجاه الشعب والوطن...
كشف المستور
وطالب الذوادي الادارة بأن لا تتستر على هؤلاء الأعضاء والسياسيين اليوم بل ان دورها هو كشفهم خاصة وأن منهم من لم يقم بالتصريح الجبائي منذ عشر سنوات... وأضاف ان منهم موظفين عموميين رخص لهم الوزراء في القيام بأنشطة حرة بمقابل يحققون بفضلها مداخيل هامة و«يتشدقون» اليوم بالحديث عن التهرب الجبائي الذي يكلف الدولة سنويا 15 ألف مليار وهو مرتبط بالفساد الذي ينخر المنظومة الجبائية.
وأضاف «مع كل هذا لم يفتح أي تحقيق جبائي في هذا الخصوص بل ان المورطين ينعمون بالزيادات والترقيات والامتيازات حسب قوله... ولاحظ أن الفساد في تونس يعد مؤسسة لها تشريع يحميها...
تفكيك الشبكة
سألنا الأستاذ الذوادي كيف تحمي التشريعات الفساد فأجاب بل ان القوانين الموجودة تؤسس للفساد والجرائم الجبائية محمية بمقتضى «مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية» ومشروع قانون المالية لم يحدث الية لمقاومة التهرب الجبائي ل2012 لأن الشبكة العنكبوتية الفاسدة (المشرفة على صياغة النصوص التشريعية والترتيبية) حسب قوله لم تفكك بعد. وطالب المجلس التأسيسي بأن يفكك هذه الشبكة التي وصفها «بالمافيوزية» ذلك أنها أصدرت نصوصا بعد الثورة أكثر فسادا مما أصدر في عهد النظام البائد مما جعلها تساهم في اهدار المال العام...
فتح تحقيق
ولاحظ الأستاذ الذوادي أن الاستثمار الوحيد المربح هو مكافحة الفساد وطالب المجلس بمراجعة المرسوم 120 «الفاسد» لسنة 2011 المتعلق بمكافحة الفساد ذلك أنه مخالف لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد ولم يستوعب كل ما جاء فيها...
كما طالب بفتح تحقيق بشأن الأطراف التي عطلت المرسوم المكمل للمرسوم عدد7 (المتعلق بلجنة تقصي الحقائق) «فيما يتعلق بإلغاء سقوط الحق بمرور الزمن» وذلك التواصل جاء للتغطية على المجرمين الذين تهربوا من دفع مال الشعب...
وأضاف ان بعض الشركات الاجنبية الناشطة في مجال البترول والغاز محمية من قبل شبكات الفساد المتغلغلة في الادارة وهذه العملية مازالت متواصلة بعد الثورة ولم تتطرق اليها لجنة «تقصي الفساد» التي تطرقت فقط لعائلة الرئيس السابق في حين هناك أطراف أخرى لم يتم الكشف عنها... وعموما ملف الطاقة والنفط لم يذكر منه تقرير اللجنة سوى قطرة من بحر وعلى الحكومة القادمة والمجلس تفكيك هذه العصابات...