عبّر العديد من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي عن امتعاضهم الكبير بسبب عدم إيلاء مشروع قانون المالية ومشروع ميزانية الدولة لسنة 2012 المناطق الداخلية المحرومة والفئات الفقيرة الهشة ما تستحق من الأهمية كما لو أن الثورة لم تحدث بعد.. وطالبوا الحكومة خلال الجلسة العامة المنعقدة مساء أمس بباردو والمخصصة للنظر في مشروع قانون المالية بتجاوز هذه النقائص الفادحة عند إعداد قانون المالية التكميلي. وكان عدد من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي من المعارضة يتقدمهم الأستاذ نجيب الشابي قد انسحبوا غاضبين من قاعة الجلسة العامة قبل الشروع في النقاش احتجاجا على عدم أخذ مقترحاتهم المتمثلة في عدم التسرع في نقاش هذا المشروع والمصادقة عليه بعين الاعتبار وقالوا إنه لا يعقل أن يصادقوا على نصوص تسلموها قبل يوم واحد ولم يتمكنوا من الاطلاع على جميع صفحاتها.. وخلال النقاش بين محمد براهمي إنه لا يوجد ما يطمئن الجهات المحرومة بتوفير مواطن الشغل، وما يطمئن صغار الفلاحين بمجابهة الظروف الطبيعية القاسية والمديونية التي أثقلت كاهلهم وما يطمئن المتسربين من الدراسة الذين لا يجدون مراكز تكوين وتأهيل ورعاية اجتماعية .. وعبر عن رغبته في الحصول على وعد واضح من الحكومة لتمكين أعضاء المجلس من إعادة مناقشة جميع المشاكل المطروحة لاحقا. ودعا مراد العمدوني إلى تجميد الأسعار خلال الثلاثية القادمة ومضاعفة الاهتمام بالقطاع الصحي وتوفير الأدوية في صيدليات المستشفيات العمومية والتخفيض في سن التقاعد للمربين.. واقترح احداث ولايات جديدة مثل منزل بورقيبة ومنزل تميم وساقية الزيت.. وعبر إبراهيم القصاص عن استيائه الكبير بسبب اسقاط قبلي من دائرة اهتمام الحكومة وطالب بالاهتمام بالسياحة الصحراوية هناك ومقاومة التصحر وتشغيل الشباب وتسعير الدقلة ومقاومة الحشرات السامة والأفاعي والعقارب وبعث المدارس والمعاهد.. وقال أزاد بادي إن ولاية توزر لم تحظ بالاهتمام اللازم وتوجد فيها إلى حد الآن عمادات لا تتوفر على الماء الصالح للشراب وحذر الحكومة من مواصلة تهميش أهالي الجريد ودعا لرصد اعتمادات ضخمة لتطويرها.. كما تساءل لماذا تم تخصيص ميزانية كبيرة لوزارة الداخلية. ولاحظ رابح الخرايفي ان مشروع قانون المالية لا يوحي بوجود منوال تنمية جديد خاص بالجهات المحرومة خاصة جندوبةوالقصرين والكاف وغيرها.. وتحدث عن المشاكل التي تعاني منها جهة جندوبة المتمثلة خاصة في مديونية الفلاحين وعدم توفر الطرقات التي تساعد على تنقل المستثمرين. وقال طارق بوعزيز ان مشروع قانون المالية لا يجسم انتظارات الشعب والفئات المهمشة وطالب الحكومة الجديدة بتحمل مسؤوليتها عند اعداد الميزانية التكميلية.. ودعا للاهتمام بمشاكل الحوض المنجمي وعملة الحضائر والبنية التحتية بالمناطق الداخلية.
المرزوقي.. لا يحب المال
وتعليقا عن الموارد المخصصة لرئاسة الجمهورية بين سمير الطيب أن الدكتور منصف المرزوقي رئيس الجمهورية عبر صراحة أكثر من مرة عن عدم رغبته في المال وقال إنه لا يحب المال لكن الميزانية المرصودة لرئاسة الجمهورية كبيرة جدا وكأنها أعدت على مقاس المخلوع.. وتساءل عن أسباب وضع صندوق ضمان ضحايا حوادث المرور وصندوق دعم تحديد الرصيد العقاري وصندوق تمويل الراحة البيولوجية ودعا لترشيد نفقاتها وضخ أموالها في خزينة الدولة لبعث برامج تنموية في الجهات.. وقال محمد علي نصري ان ولاية القصرين كانت أكثر الولايات فقرا لكنها لم تحظ بمشاريع تنموية وبين أن القصرين تريد مناطق صناعية بالولاية وبكل المعتمديات ومنطقة للتبادل التجاري بالحدود مع الجزائر ومد الطريق السيارة ومستشفى جامعي.. وتساءل وليد البناني كيف سيقع تعويض عائلات شهداء الثورة وجرحاها وعبر عن استعداد المجلس للسهر طيلة الليل لمناقشة مشروع قانون المالية قصد المصادقة عليه قبل موفى الشهر الجاري. واقترح منير بن هنية التخفيض في المعلوم الموظف على الاستهلاك.. ودعا لتوسعة ميناء طبلبة الذي لم يعد يستوعب العدد الهائل من السفن.. واستحسنت هالة الحامي وضع نظام جبائي خاص بالتمويل الاسلامي.. وفي نفس السياق بين معز بلحاج ان النظام المصرفي الاسلامي سيمكن من ايجاد الارضية الملائمة لتقوية الاقتصاد وسيساهم بشكل مباشر في ايجاد فرص جديدة للتشغيل في الجهات التي حرمت عقودا طويلة من الزمن. ولاحظ زياد العذاري أن عدم المصادقة على الميزانية في 31 ديسمبر الجاري سيؤدي الى تعطيل كل مشاريع الاستثمار المبرمجة وهذا يكتسي خطورة كبيرة على البلاد.. وعبر عن رغبته في ان يضع جميع الاعضاء مصلحة البلاد فوق كل اعتبار وهو ما ردده العديد من الأعضاء.. وبين أحمد الخصخوصي أنه يمكن الموافقة على مشروع قانون المالية الآن على ان تقع العودة الى مناقشته لاحقا واستحسن عدم لجوء الحكومة لاقتطاع 4 أيام من أجور الموظفين. ولاحظ عبد الرزاق الخلولي أن هناك تسرعا في إرساء نظام جبائي خاص للتمويل الاسلامي وعبر عن رغبته في تأجيل النظر في الموضوع. واستغرب كريم بوعبدلي كيف سيقع تحقيق نسبة نمو قدرها 4 فاصل 5 والاقتصاد التونسي مرتبط بأوروبا التي تمر بدورها بأزمة. ولاحظ صلاح الدين الزحاف ان مشروع قانون المالية المعروض على أنظار المجلس "خفيفا" لا يتماشى والظرف الاقتصادي الذي تمر به تونس حاليا فهو لا يشتمل على اجراءات من شأنها ان تعيد دفع عجلة التنمية في تونس وتوفير مواطن الشغل.. وعبر عن رغبته في ان يكون القانون التكميلي جاهزا قبل موفى فيفري.. وقال المنجي الرحوي :"نحن مع تونس جديدة.. تونس بلا رشوة.. تونس بلا فساد.. وتونس بلا تهرب جبائي.. وفي تونس الآن اكثر من مليون جائع ومليون مهمش فقد الثقة في المستقبل الامر الذي يتطلب مراجعة ميزانية الدولة على أساس البحث على موارد جديدة كبيع ممتلكات عائلة المخلوع".. وطالب محمد نجيب الحسني باحترام حقوق الموظفين والعملة في صندوق 21 21 ودعا لتسوية وضعياتهم.. واقترح مبروك الحريزي ان يشمل الاعفاء من القيمة المضافة كل الجمعيات.. وطالب العديد من الأعضاء بتسوية وضعيات عمال الحضائر.
مشروع قانون المالية
تضمن مشروع قانون المالية لسنة 2012 الذي شرع المجلس في مناقشته بحضور السيد حسين الديماسي وزير المالية، 51 فصلا تعلقت بأحكام الميزانية وبإجراءات تتعلق بالمجلس الوطني التأسيسي ومصالح مجلس المستشارين سابقا وتسديد التسبقة القارة وتيسير طرق استخلاص الضريبة المستوجبة على غير المقيمين غير المستقرين بتونس والتخفيض في المعاليم الديوانية المستوجبة عند توريد بعض المواد الأولية والمواد نصف المصنعة وبعض المنتجات الأخرى وتوقيف العمل بالمعاليم الديوانية المستوجبة عند توريد بعض البذور والمشاتل وارساء تسبقة من فائض الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات دون مراقبة مسبقة وتوحيد النظام الجبائي التفاضلي لقطاع النقل العمومي للأشخاص وإجراءات ظرفية لحث مؤسسات القرض على مساندة المؤسسات الاقتصادية التي تضررت جراء الأحداث الأخيرة وارساء نظام جبائي خاص للتمويل الاسلامي.. كما تتعلق هذه الاجراءات بتعليق آجال المراجعة الجبائية المعمقة وآجال التقادم وتيسير أعمال مصالح الجباية بشأن سلطة إصدار قرارات التوظيف الاجباري للضرائب وإكساء بطاقات الالزام الصبغة التنفيذية من قبل أمناء المال الجهويين بصفتهم الوظيفية وتعليق سريان آجال التقادم في مادة استخلاص الديون العمومية وتخفيف الجباية الموظفة على العربات السيارة المعدة خصيصا لاستعمال المعوقين جسديا.. وتحديد قيمة تعويض المصوغ المودع بالقباضات المالية والذي تم نهبه وفقدانه في أحداث جانفي 2011 وتيسير عمل المؤتمنين العدليين والمتصرفين القضائيين وغيرهم من مساعدي القضاء المعينين للتصرف في الممتلكات العقارية والمنقولة التي تمت مصادرتها.. واعتماد المحاسبين العموميين للمعطيات المدرجة بالمنظومة الاعلامية المعمول بها داخل المراكز المحاسبية للشروع أو لاستئناف إجراءات استخلاص الديون المثقلة أو المؤمنة بدفاترهم وعند الاقتضاء لطرحها من تلك الدفاتر وترشيد الانتفاع بالامتيازات الجبائية، وملاءمة الأحكام الجبائية في مادة الأداء على القيمة المضافة المتعلقة بالجمعيات مع المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات ومواصلة العمل بالعفو الجبائي بعنوان خطايا التأخير المستوجبة على التصاريح الجبائية. وفي كلمة توجه بها لأعضاء المجلس الوطني التأسيسي قال حسين الديماسي وزير المالية :" إننا بصدد إعداد قانون المالية التكميلي لسنة 2012 وسيكون جاهزا بعد اسابيع قليلة.. وسيعرض على النقاش ويمكن الآن التخلى عن الامور الشكلية والاهتمام بما يفيد البلاد التي تمر بوضع حرج للغاية يتطلب التركيز والوفاق قصد الوصول إلى برّ الأمان".