على الرغم من تأكيد الأتراك أن تركيا بلد مؤسسات إلا أن تعطل الحزب ومن ورائه دواليب الدولة التركية وقت غياب رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وضع أكثر من نقطة استفهام حول مصير الحزب ومستقبل الحركات الإسلامية التي استلهمت الكثير من مبادئ الحزب وأطروحاته في العالم العربي. شهد حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم فراغا واضحا بعد تغيب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان للاستراحة المرضية في منزله في اسطنبول على أثر العملية الجراحية في الجهاز الهضمي في مستشفى «مرمرة» بذات المدينة. وذكرت صحيفة «ميلليت» التركية أمس أنه منذ دخول رئيس الوزراء أردوغان إلى المستشفى حتى يوم أمس لم يصدر أي قرار مهم ولم يعقد أي اجتماع رسمي أو حزبي وهذا يعني أنه لا يمكن أن تسير أمور حزب العدالة بشكلها الطبيعي دون وجود أردوغان. وتوصلت قناعة أغلبية المحللين السياسيين لهذا الاتجاه، مؤكدين أن حزب «الوطن الأم» انتهى من بعد ترك تورغوت أوزال رئاسة الحزب وتوليه منصب رئاسة الجمهورية بعد أن حل محله بولنت يلدرم الذي لم يستطيع السيطرة وإدارة الحزب رغم تدخل مؤسسه تورغوت أوزال في العديد من المرات. وأشارت الصحيفة إلى أنه بدأت من الآن النقاشات تتركز حول بحث اسم جديد يتولى رئاسة حزب العدالة من بعد تولي طيب اردوغان رئاسة البلاد عام 2014 . ويؤكد المحللون السياسيون أن السبب الرئيسي لإصرار وفتح أردوغان نقاشات حول النظام الرئاسي بدلا من النظام البرلماني المتعامل عليه في تركيا الان يعود لهذا السبب لمحاولة الحفاظ على قوة واستمرارية حزبه إضافة إلى منصبه. وعلى الرغم من بروز أسماء سياسية عديدة في المشهد السياسي التركي مثل علي باباجان وزير الاقتصاد الحالي ونائب رئيس الوزراء فإن أردوغان تجاوز حالة القائد السياسي في تركيا وبلغ مرحلة القائد القادر على تجميع الاختلافات الفكرية والتقريب بين التباينات النظرية وهو ما سيولد حالة من الترهل قد تؤدي إلى اضمحلال الحزب حال غياب أردوغان عنه . وينسحب الوضع كذلك على التيارات السياسية الشبيهة بالعدالة والتنمية والمتناسلة في الكثير من الأقطار العربية والإسلامية حيث يرى المراقبون أنها ستفقد بريقها وإشعاعها بابتعاد أردوغان عن المشهد السياسي العام إذ يؤكد المتابعون أن «العدالة والتنمية» لم ينجح في إرساء فكر سياسي عميق يؤمن له التواصل في الزمان والمكان إنما اكتفى فقط بالتواصل الذكي مع الواقع وبإفراز قيادات سياسية قوية هي في الحقيقة سليلة أحزاب تقليدية تؤمن بالتنظير أكثر من التطبيق .