أحداث شغب لا تتوقف في كل جهات البلاد، اعتصامات تتناسل في كل المدن والقرى، دعوات إلى العنف و«إعلان الثورة من جديد»، لكن الثورة على من؟ لقد رحل بن علي وانهار نظامه منذ قرابة عام وأجرينا انتخابات حرة، فعلى من يريد التونسيون الثورة هذه المرة؟ طلع الصباح على الموقع الاجتماعي بأخبار مثيرة عن اعتصامات كثيرة، بعضها قديم يتم تجديده، وبعضها الآخر لأسباب لم يعد أحد يريد أن يسأل عنه. «بسبب التهميش»، يكتب البعض بجدية أو حتى بسخرية. أما ما يدفع إلى الحيرة، فهي حالة الانفلات المخيف في الموقع الاجتماعي حيث تتكرر الدعوات إلى العنف، وإلى إعادة الثورة في ذكراها الأولى. لكن الثورة على من هذه المرة ؟ عادت عبارة «يضرم النار في نفسه أمام الولاية» التي رافقت الثورة التونسية إلى التداول في العشرات من المواقع، عن أشخاص كثيرين أضرموا النار في أنفسهم، أو حاولوا ذلك وتم إنقاذهم، ناشط حقوقي من الشمال الغربي روى كيف أنه اعترض صباحا شخصا يعرفه وهو يحمل «بيدون قاز» واعترف له أنه سوف يشعل النار في جسده أمام الولاية، يضيف هذا الناشط: «لم أفهم منه السبب الذي يدفعه إلى حرق نفسه، أعطيته خمسة دنانير وأعطاني بيدون القاز وانصرف عائدا إلى بيته». يكتب صديق له تعليقا: «إذن، عليك أن تجهز نفسك بالكثير من قطع الخمسة دنانير للأيام القادمة». كتب ناشط من الجنوب صباح أمس: «الدنيا هنا ماكلة بعضها وربي يستر»، لكن لا أحد يعرف على وجه الدقة من يأكل من ؟ يكتب صديق له تعليقا على ذلك: «أعضاء الحكومة تحولوا إلى رجال مطافئ، ما أن يخمدوا حريقا في جهة، حتى تشتعل عشرة حرائق في أماكن أخرى». يسأله تونسي مقيم في أوروبا: «سمعنا عن اعتصامات كثيرة في الطريق العام وبعض الإدارات، فما هي مطالبهم ؟»، لا يجيب ناشط الجنوب، لكن تونسيا آخر يكتب هذه الإجابة: «طبعا، يشكون من التهميش». بالمناسبة، لا تخلو صفحة تونسية في الموقع الاجتماعي من إعلان عن أحداث شغب واعتصام، لا تمر ساعة دون أن نقرأ مقالا يشكو فيه أحد ما من العبارة التي فقدت معناها: «التهميش»، من مدينة صفاقس ظهر مقطع فيديو مثير، لا يختلف في أي شيء عما تم تسجيله منذ عام، أيام المواجهات الدامية بين الشعب الأعزل وأعوان الأمن: «دخان وحرائق وغاز مسيل للدموع وسيارات شرطة وشباب يجري في كل اتجاه». أما الأغرب من ذلك، فهو ما جاء من تعليق مع هذا الفيديو المثير:»على إثر حادث مرور بطريق المطار ذهب ضحيته شاب من سكان المنطقة»، أما الباقي فهو وصف لتفاصيل تحطيم عدد كبير من سيارات خلق الله الذي لا علاقة له بالمسألة، وإشعال النيران ثم الدخان والمواجهات مع وأعوان الأمن. يكتب ناشط حقوقي من العاصمة: «ما هي مطالبهم ؟»، الإجابة: «هي حركة احتجاجية أرادوا من خلالها المطالبة بوضع مخفضات للسرعة». إليكم هذا النص الذي يتم تداوله بكثافة في عدة صفحات سلفية تونسية، دون أي تعليق: «الثورة الجديدة: المقاصل والمشانق التي لم تنصب أيام 14 و15 و16 سننصبها لكل خائن عدو الوطن، سنريكم العنف الثوري الحقيقي وارجعوا لتاريخ الثورة البلشفية مصدر تشريعكم وربكم الأعلى ستالين، من يعطل الدورة الاقتصادية ويخرب الوطن زمن الثورات يقتل، صحة ليكم علي العريض يسايس فيكم». أخيرا، نختار لكم هذه المقولة: «الأذكياء الذين يتحاشون الانخراط في السياسة، يعاقبون بأن يحكمهم الأقل ذكاء»