تربية اسماك البلطي بقابس لازالت تراوح مكانها ولم تتعد التجارب المعتمدة في الجهة تجربتين «نموذجيتين» إحداها لعائلة الطرابلسي... «الشروق» التقت فتحي السديري رئيس دائرة الصيد البحري بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بقابس. ينطلق محدثنا من ميزات سمك «البلطي» باعتبار تأقلمه مع المناخ و سرعة نموه وقدرته العالية على مقاومة الأمراض اضافة الى المظهر والطعم القريب من الاسماك البحرية وقد صنف في الولاياتالمتحدةالأمريكية سنة 2010 في المركز الرابع من بين أفضل 10 أصناف سمكية بما جعلها تستورد كميات كبيرة من شتى أنحاء المعمورة وتتطلب تربية هذا النوع من الاسماك خصائص فيزيائية محددة كدرجة حرارة مرتفعة تتراوح بين 24 و30 درجة ويمكنه ان يتحمل درجة ملوحة عالية مع انخفاض الاوكسيجين. وفي تونس انطلقت التجارب لتربية هذا الصنف من الأسماك في إطار تنمية تربية الأسماك بالمياه الداخلية وتعهدت به مصالح الإدارة العامة للصيد البحري لتربية الأسماك بالتعاون مع مشروع الأممالمتحدة للتنمية سنة 1998 وقد شهد حضور عديد الخبراء لبلادنا وتركزت مشاريع نموذجية بكل من قابس وتوزر وبناء محطة للأبحاث والتجارب بمنطقة بشيمة من معتمدية الحامة ويتبع المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار. وقد بينت الابحاث والتجارب ان هذا النوع من الاسماك سريع النمو حيث يبلغ وزن السمكة الواحدة حوالي 350 غراما في مدة تتراوح بين 5 و 7 أشهر ويمكنها انجاز دورتين خلال السنة وقد تم بعد هذه التجارب انجاز مشروعين نموذجين من طرف خواص احدهما من عائلة الطرابلسية لكن هذه التجربة لم تتواصل نتيجة تدني اسعار هذه الاسماك مع بداية منتصف الثمانينيات اذ لم تكن تتجاوز الدينارين الا ان الاسعار ارتفعت في الوقت الحاضر لتصل الى حوالي 9 دنانير في بعض الفضاءات باحجام تصل الى 600 غرام. الاشكالية الثانية التي حكمت على هذه التجربة بالفشل هي ارتفاع حرارة المياه الجيوحرايرية خاصة في فصل الصيف وهو ما يتطلب حلولا لتبريدها مع العناية بالاسماك ومتابعتها من كل النواحي وفرز الأسماك بطريقة الفصل الجنسي بعد ان أثبتت التجربة ان وحيد الجنس من الذكور يعطي مردودية أفضل من الإناث. النجاح في هذا القطاع يتطلب تكوينا علميا يوفره المركز الفني لتربية الاحياء المائية والمعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار ويعتبر مشروع جربة من المشاريع الناجحة بسبب تكوين المستثمر وحسن تصرفه في ما هو متوفر لديه والخصائص الطبيعية المناسبة وخاصة درجة الحرارة (24 درجة). ويتوفر بولاية قابس مخزون كبير للمياه الجيوحرارية يقدر بحوالي 1682 لتر في الثانية بدرجة حرارة تتراوح بين 30 و69 درجة وملوحة تقارب 3% غرام في اللتر ويمكن لأصحاب المشاريع الجيوحرارية تركيز هذا النوع من المشاريع في اطار مشروع مندمج يجمع بين الفلاحة الجيوحرارية من ناحية وتربية اسماك البلطي من ناحية اخرى بما يمكن من حسن استغلال المياه الحارة خاصة وان فيها مواد عضوية تساعد على نمو المنتوجات الفلاحية كما يمكن للمستثمرين الشبان من حاملي الشهائد العليا انجاز مشاريع في تربية اسماك البلطي في صورة توفر كميات المياه الحرارية اللازمة وبعد اعداد دراسة متكاملة تأخذ بعين الاعتبار كل مكونات المشروع خاصة وان اسعار اسماك البلطي قد شهدت ارتفاعا ملحوظا في السنوات الاخيرة نتيجة النقص الواضح للاسماك البحرية بما يجعل ترويجه ممكنا داخليا وخارجيا ويضمن نجاح المشروع.