حراك كبير تعيشه بلادنا في مرحلة الانتقال الديمقراطي الذي تعيشه سياسيا واجتماعيا واقتصاديا أحيانا يتجه نحو المنحى السلبي وأحيانا أخرى نحو المنحى الايجابي والسؤال أين نصف المجتمع من كل هذا ؟ «الشروق» تحدثت الى وزيرة المرأة السيدة سهام بادي باعتبارها المسؤول الحكومي الأول المعني بهذا النصف فكان الحوارالذي تأجل مرتين (ربما بسبب ثقل هذه الحقيبة في هذه الفترة الحساسة ) فرصة للتطرق الى عديد المواضيع ذات العلاقة واستقبلتنا بمكتبها وانطلق الحوار وسط مقاطعات عديدة من هاتفها القار فيما البعض ينتظر بقاعة الانتظار . كيف ترين منصب وزيرة في حكومة انتقال ديمقراطي ؟ منصب الوزيرة في هذه المرحلة هو تكليف وليس تشريف وهو تحمل عبء كبير وأمانة ثقيلة بعد التركة التي تركها النظام الدكتاتوري. وبدا العمل اصعب اليوم باعتبار أن علينا رقابة صارمة من الشعب الذي يقول: «نحن قمنا بالثورة وأنتم عليكم الاصلاح» ورقابة من المجلس التأسيسي الذي منحنا الثقة. وعموما سعداء رغم كل المتاعب والصعوبات المرتبطة بهذه المهمة لأن الحكومة اليوم أصبحت في خدمة الشعب وليس العكس أو في خدمة عائلة مالكة، ونحن نجتهد بفرضية واحدة اما أن ننجح واما أن ننجح ما هو جديد الوزارة في المساهمة في التشغيل ؟ طلبنا من كافة القطاعات ( المرأة والطفولة والمسنين والمرصد الوطني لحقوق الطفل وقرطاج درمش و«الكريديف» رصد كل الشغور الموجود من أجل الانتداب، ولنا اجتماع قريب مع الأقاليم من أجل بعث تمثيلية جهوية للوزارة في كامل الولايات بما يمكن أن يفتح باب التشغيل. وتحرص الوزارة على الحفاظ على الاطارات وأصحاب الكفاءة والخبرة رغبة في وضع سياسات جدية للنهوض بالوزارة وانتداب طاقات أخرى حتى تستعيد دورها المحوري في المجتمع لا سيما وان هناك عديد القضايا الهامة كالأطفال المشردين والانقطاع المبكر عن الدراسة والمرأة الريفية. وفي اطار اعادة الهيكلة وقفنا على وجود العديد من الشغور الى مناصب في الوزارة من الحاجب الى المدير العام وفي ملف تسوية الوضعيات اطلعنا على عديد المظالم من عدم تسوية بعض الوضعيات الى وضعيات قانونية كالترقيات والتسميات وتثبيت الخطط ورفع التجميد وكلفنا بذلك اطارا مهتما بالاصلاح الاداري. هل سيتم تغيير اسم الوزارة ؟ نحن في مرحلة اعادة الهيكلة وإعداد البرامج وتنظيم مؤسسات الوزارة وهناك اقتراح من أطراف عديدة من داخل الوزارة وخارجها بتغيير اسم الوزارة من وزارة شؤون المرأة والطفولة والمسنين الى وزارة الأسرة (وهنا قاطعتها لقد كانت «الشروق» أول من اقترح هذا على أعمدتها في حوار سابق مع سعاد عبد الرحيم عضو المجلس التأسيسي) فواصلت فعلا الوزارة هي وزارة جميع أفراد الأسرة من المرأة والطفل والمسن والرجل ايضا باعتباره طرفا أساسيا في النهوض بالأسرة ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة أثقلا كاهل الأسرة التونسية وأثرا سلبا على ميزانيتها فماذا عن دور الوزارة في هذا المجال؟ باعتبار مصلحة الأسرة تقتضي الرفق بمقدرتها الشرائية نحن كوزارة معنية ندفع الوزارات الراجعة لها بالنظر الى ما فيه خير للمواطن في اتجاه التحكم في الأسعار والحد من الترفيع فيها حد الشطط. وأدعو المواطن من جهة آخر الى عدم الدخول تحت سقف الاعتصامات وقطع الطرقات حتى يتواصل نسق الانتاج ويتواصل نسق التزويد بطريقة عادية ويمنع بالتالي النقص والاحتكار وشطط الأسعار . ما هو موقفك من النقاب وما أقدمت عليه بعض المنقبات من الدخول في اضراب جوع ؟ كوزارة تعنى بالأسرة أسعى الى الحفاظ على حرية وكرامة كل التونسيات دون استثناء والى احترام تطبيقاتهم وشعائرهم الدينية باشكال مختلفة لكني أرفض أن تتحول هذه الحرية الشخصية الى اعتداء على حرية الآخر. وبصفتي وزيرة للمنقبات لأنهن تونسيات أدعوهن داخل الجامعة الى احترام القانون من تعرف على هويتهن أثناء اجراء الامتحان وامكانية التثبت من عدم اللجوء الى الغش اثناءه بالورقة أو الهاتف الجوال. ألا ترين أن المرأة توظف أحيانا لاثارة «البوليميك» الايديولوجي والسياسي ؟ بالنسبة لي ليس هناك فصل بين قضايا المرأة والرجل من استحقاقات في الشغل والتنمية والمساواة والتمثيلية السياسية والنقابية. وأنا ضدّ افتعال مشاكل تخلق صراعا بين المرأة والرجل باعتبارهما يكملان بعضهما البعض من حيث الوظائف البيولويجة والاجتماعية، وان كان الاهتمام بخصوصيات المرأة ضروري فعلينا الابتعاد عن استعمال المرأة في مشاكل هامشية وجانبية من أجل الهاء الرأي العام عن القضايا الأساسية. تفشّت ظاهرة تسول النساء في الشوارع وقرب المحطات بعد الثورة فماذا عن موقف الوزارة ؟ التسول هو ظاهرة تعكس حاجة الناس وافتقارهم لذات اليد ولأي سبيل لتوفير لقمة العيش للأسرة. وكوزارة أرى أنه لا بد أن تتظافر جميع الجهود من أمن ووزارة الشؤون الاجتماعية والتشغيل لأن الظاهرة لن تعالج الا بتعاونهم، إضافة الى توفير الحياة الكريمة للمواطن من شغل وسكن ستحد من اللجوء الى التسول، وأدعو من جهة أخرى رجال الأمن الى التثبت من امكانية وجود شبكات لاستغلال النساء والأطفال والزج بهم في دائرة استعطاف الناس وجلب أموال عن طريق التسول . دخلت جهات عديدة من البلاد في موجة من الاحتجاجات والاعتصامات فكيف تقرأ وزيرة المرأة هذه الموجة ؟ تمر البلاد باعادة تنظم وتشكل وتهيكل وهي مرحلة ضرورية لاعادة البناء وفي نفس الوقت نحن نواجه حركة احتجاجية منها ماهو مشروع ومنها ماتحركه قوى الردة وبعض الراغبين في تعطيل المسار الديمقراطي بالبلاد والذين لا يريدون خيرا لها وذلك بالركوب على استحقاقات المواطن واحتياجاته وتوظيف ذلك في شل الحركة الاقتصادية للبلاد ونحن مع ذلك نواصل النظر بعمق وجدية في الملفات العاجلة مع توفير مواطن شغل وتحسين الانتاجية وتحسين الأوضاع الاجتماعية بالبلاد من سكن وصحة وتعليم وشغل كما نسعى لتثبيت حد أدنى من الاستقرار والأمن وهو الكفيل بتشجيع المستثمرين بالخارج على الاستثمار ببلادنا. وأدعو العمال الى الاحتجاج السلمي والعمل ضمن نقابات مع عدم شل الحركة الاقتصادية وأعول على وعيهم حبا في البلاد ورغبة في الاصلاح بالتريث والتروي وعدم الانسياق وراء التيارات والأطراف الدافعة بالبلاد الى الهلاك. هذه الحكومة هي حكومة من رجال مناضلين وأبناء الشعب وبالتالي هم قريبون من المواطن وهمومه وعلى معرفة جيدة باحتياجات الناس الملحة ومن هم هؤلاء الأطراف؟ التجمعيون.. فهم يروجون أن ميليشياتهم «دخلوا البلاد في حيط» فمثلا شخص كان مديرا عاما سارقا جفت منابع السرقة في وجهه بعد تشكيل الحكومة ماذا عساه يفعل هل يصفق لنا؟ طبعا لا ...بل يجب أن يقوم ومن مثله بالتخريب وتعطيل عجلة النمو قصد التشكيك في قدرة الحكومة ولا ننسى كذلك المعارضة التي بدا البعض منها جادا لكن البعض الآخر حادوا عن دورهم الحقيقي المتمثل في النقد البناء للحكومة وتوجيهها وركزوا جهودهم في التخريب واقناع الناس أن الحكومة لم تفعل شيئا. هل من شراكة مع المنظمات والجمعيات النسائية ؟ المنظمات والجمعيات النسائية هي مكونات المجتمع المدني التي تلعب دورا أساسيا في النهوض بالمجتمع وبالتالي دورها مكمل لدور السلطة التنفيذية فقط، ونحن اليوم كوزارة بصدد رصد ودراسة الجمعيات والمنظمات والتثبت من ملفاتها للتحقيق في الفساد المالي والاداري خاصة وأن العديد منها كانت تلعب دورا هاما في تلميع صورة النظام البائد وخدمة أهدافه ونحن في اطار القطع معه بكل أشكاله وسياساته ورموزه سنتروى كثيرا قبل التعامل مع عديد الجمعيات خاصة وأن العديد من التجمعيين تغلغلوا فيها بعد الثورة وذلك بعد تضييق الخناق عليهم سياسيا . هناك خوف من تراجع مكاسب مجلة الأحوال الشخصية لا سيما فيما يتعلق بتعدد الزوجات والتبني فهل من توضيح؟ مجلة الأحوال الشخصية لا يختلف اثنان في أنها ساهمت مساهمة كبرى في الحفاظ على مكاسب المرأة ومهما كانت ايديولوجيات وتوجهات الأحزاب السياسية والفسيفساء الموجودة في المجلس التأسيسي فهي متفقة على أن المجلة مكسب للمرأة في تونس الا أنه منذ تاريخ بعثها تطور المجتمع التونسي وبالتوازي تطور وضع المرأة بما يجعلنا نطمح الى اعادة النظر في القوانين التي لا تنصف المرأة من أجل اكثر مشاركة لها في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية . أثارت الأم العزباء الكثير من الجدل بعد الثورة فكيف ستتعامل الوزارة مع هذه الشريحة؟ نحن اليوم نتحدث عن الأمهات العازبات كأنها مشكلة جديدة بينما هي قديمة تواجدت منذ تواجدت الأسرة وهي شكل من الأشكال الموجودة في كل الحضارات والثقافات وبالتالي أدعوالى عدم النظر الى الموضوع من زاوية أخلاقية بل من زاوية حقوقية وانسانية بما يحفظ للأم كرامتها وبما يحفظ للطفل حقه في التواجد والعيش الكريم واذا كانت هذه الأم صغيرة في السن يجب العناية بها عناية خاصة لأن في ذلك حفظا للطفل من الانحراف والتخلي عنه وفي هذا السياق نعتزم أن يتم تكوين هيكلة تنطلق من استقبال الأم وتوجيهها والنظر في كيفية تحديد احتياجاتها واحتباجات الطفل . المؤتمر من أجل الجمهورية يعيش حالة من الاحتقان الداخلي أسفرت عن عديد الاستقالات فهل لها علاقة بالمناصب الحكومية التي حصل عليها البعض من مناضليه؟ أكيد أن حزب المؤتمر يعيش حركية أعتبرها شخصيا ايجابية لأن الحزب بدأ بالعشرات ثم أصبح بالمئات ونحن اليوم بالآلاف ومن نقاط قوة الحزب أنه يضم تيارات وايديولوجيات مختلفة وأكيد أن هذا الاختلاف يؤدي الى اختلاف أحيانا في المواقف والآراء ونعتبره ايجابيا أما عن الاستقالات فهي جزئية أمام عدد المنخرطين الجدد في الحزب وعموما عملية الدخول والخروج للحزب ظاهرة صحية وبابه سيظل مفتوحا للدخول والخروج في أي وقت وبالتالي لا وجود لأي علاقة بين الاستقالات توزيع المناصب الحكومية.. علمنا أن طليقك رفع قضية لحضانة البنات فهل لاشاعة زواجك من السيد منصف المرزوقي علاقة بذلك على خلفية أنه سيكون الحاضن الأفضل بعد زواجك ؟ القضية لها علاقة بتقرير ما هو الأفضل للبنات ولمصلحتهم باعتبار أننا كنا مقيمين بفرنسا وهمن يدرسن هناك ولما دعيت لتولي هذه الحقيبة التي يمكن أن تدوم سنة أو أكثر صار نوع من الاختلاف بيننا حول التغيرات التي ستحدث كانقطاعهن عن الدراسة هناك والدخول الى المدارس في تونس وأمام تمسكهن بالعيش معي عدنا الى تونس.