السيد عبد الحميد الجرّاية الكاتب العام للنقابة الوطنية تحدث عن النقابة بالقول : «لقد تحصلنا على تأشيرة النشاط الفعلي يوم 4 جوان 2011 ونشرت بالرائد الرسمي وهي تشمل جميع الولايات ففي كل ولاية هناك نقابة جهوية تضم بدورها نقابات أساسية من شرطة وحماية وسجون أي لنا ما يقارب 85 في المائة من الأمنيين ينضوون تحت لواء النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي. أي دور نشأت من أجله النقابة؟ يقول السيد عبد الحميد إن نقابة قوات الأمن الداخلي لم تنشأ من خلال إرادة طرف أو مجموعة محددة من الأشخاص بل كانت وليدة لرغبة في الانعتاق والتحرر فلا نستطيع الحديث عن نشأة بقدر حديثنا عن ولادة لمولود جديد أشرق مع نسائم ثورة 14 جانفي المباركة هذا الوليد جاء ليحمل نفس الخصائص الجينية للثورة أولى صرخاته كانت باسم الحرية والكرامة لقوات الأمن الداخلي، هذه الشريحة التي تم قمعها واستبيحت كرامتها لمدة خمسة عقود بدءا بقانون أساسي وقانون التكوين اللذين حاكتهما أيادي صلب السلطة التشريعية وفقا لمقاسات محددة ومضبوطة ومدروسة تجعل من رجل قوات الأمن الداخلي مجرد أداة مسلوبة الإرادة لتنفيذ أجندات سياسية تصب كلها في مصب واحد : شخصنة الدولة هذه القوانين التي باركتها المجموعة الوطنية والتي اضطهد بمفعولها الجهاز طيلة هذه العقود ولدت شعورا بالضيم والحيف لدى هذه الفئة المسلوبة الإرادة بمباركة وطنية والمهضومة الحقوق على مختلف المستويات والتي تعاني من الحيف الاجتماعي (أوضاع مادية مزرية لأعوان أقوى جهاز وطني وأعرقها أنشئت قوات الأمن الداخلي في 18041948 أي قبل الاستقلال وقبل إنشاء الدولة وبقية أجهزتها) هذه المعطيات جعلت رجل الأمن يضم صوته لكل القوى المضطهدة ويتمسك بهذا المولود استجابة لأحلام كانت تخالج صدور كافة الأعوان والإطارات صلب قوات الأمن الداخلي أحلام كلها تصب في خانة واحدة أمن جمهوري يهدف إلى إنشاء علاقة أفقية مع مختلف مكونات المجتمع المدني الولاء من خلاله للّه والوطن والمقدسات والقانون والشعب، في إطار منظومة متكاملة تقطع نهائيا مع كل الانحرافات ومحاولات تسييس الجهاز أو توجيهه خدمة لمصالح شخصية أو لفئات محددة على حساب المجموعة الوطنية، ويضمن العيش الكريم وكافة الحقوق المادية والاجتماعية والمعنوية لأعوان هذا الجهاز وإطاراته. هل هناك تحفظات على اصلاح المنظومة الأمنية؟ من خلال ما سبق ذكره فإن هذا الوليد والمقصود به النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي هي وليد ثوري وهذه الصفة النعتية تحتم على كل نقابي الانخراط في المسار الإصلاحي للجهاز الأمني وفقا لمتطلبات المرحلة وهو ما تجسم في كل البيانات واللوائح النقابية الصادرة عن نقابة قوات الأمن الداحلي حيث لم نتوان لحظة واحدة في المناداة بالإصلاحات صلب وزارة الداخلية والتي لنا فيها وجهة نظر يجب على مختلف مكونات المجتمع المدني أخذها بعين الاعتبار إذا ما أرادت فعلا إنجاح الثورة فلا يجب أن تكون هذه الإصلاحات إصلاحات مسقطة قد تمس الشكل دون المضمون فتقدم حلولا ظرفية بمفعول الزمن ستتلاشى وسنستفيق على واقع أمر مما كنا نعانيه وأقول أمر لأننا سنجد أنفسنا في النقطة الصفر بعد ان استنشقنا طعم الحرية فهذه الإصلاحات وجب خلالها استشارة القاعدة فلن يستطيع أي شخص مهما بلغ من مستوى علمي واجتماعي أن يجري إصلاحات صلب جهاز قوات الأمن الداخلي دون أن يكون معايشا له ودون أن يتدرج في سلالمه ومن هنا أصبح على كل باعث مشروع إصلاحي أن يشرك نقابة قوات الأمن الداخلي والخبرات المتقاعدة من الجهاز وإجراء دراسات مقارنة مع الدول الغربية التي لا تختلف كثيرا عنا بل نتجاوزها في بعض المجالات الأمنية والتركيز خاصة في دراسة المقارنة على الجانب التقني والإحاطة الاجتماعية. ماهو رأي النقابة تجاه البوليس السياسي ومقترحات التعامل معه؟ «لنتفق أولا على مصطلح تسمية البوليس السياسي هي تسمية لجهاز أمني صلب عهد المخلوع كانت تطلقه الأغلبية المضطهدة على أجهزة أمنية كانت مسلوبة الإرادة في عهد كان الحق في ممارسة السياسة حكرا على الحزب الحاكم أو على أحزاب الموالاة ولكن بعد 14 جانفي المبارك أصبح العمل السياسي حقا مشروعا لكل فرد في إطار المنظومة الوطنية بمختلف أطيافها وألوانها فإن هذا الجانب في العمل الأمني أصبح آليا في حكم المنتهي، وهذا التخصص في جهاز أمن الدولة هو جزء بسيط مما يقوم به هذا الجهاز للصالح العام فلا يجب أن نستند إلى التجاوزات التي حصلت في ظل التغييب الكلي لإرادة الأعوان والإطارات وفقا لما سبقت الإشارة إليه لنمس بجهاز أمني يمثل الركيزة الأساسية لأمن تونس. مضيفا القول : «إن الجهاز لا يعمل فقط على الأحزاب السياسية بل أهدافه اشمل واهم مما حاول البعض حصره فيه فهو أحد أهم الأجهزة التي تسهر على حماية الأمن الوطني من كل العمليات الاستخباراتية وهو الذي يسهر على جلب المعلومة في المجال الاقتصادي والسياسي والتجاري وفي كل المجالات الحياتية والتي يقع استغلالها من قبل الحكومة في رسم كافة البرامج الاقتصادية والتنموية ووضع المخططات العامة والخاصة ووضع ملامح المخططات الخماسية والتوجهات العامة للدولة في مختلف المجالات الصحية والاجتماعية والاقتصادية وحتى الأمنية منها. هذا الجهاز لا يجب المس به لما يمثله ذلك من خطر على الأمن الاجتماعي والاقتصادي وحتى العسكري للوطن بل يجب فقط تحييده عن الجانب السياسي وهذا الأمر لا يتطلب كثيرا من التفكير بل يقتضي فقط التنصيص صلب الدستور على ماهية قوات الأمن الداخلي والمهام الموكولة إليها لتصبح تستمد شرعيتها من علوية الدستور ويستحيل بعدها على أي جهة استغلالها لتوظيفها لمصالح فئوية كأن يقع تعريف قوات الأمن الداخلي على سبيل المثال بأنها قوة مدنية مسلحة مكلفة بحماية الوطن ومقدساته وحماية الشعب ومبادئ الثورة وفقا لنظرية الأمن الجمهوري ويتم في مرحلة ثانية تغيير القانون الأساسي لقوات الأمن الداخلي بقانون يتماشى وطبيعة المرحلة يقع خلالها تحديد الواجبات والحقوق في مختلف الوضعيات الأمنية ويقع خلالها التنصيص بشكل واضح وصريح على تحييد الجهاز عن كل ماهو سياسي وربط مهامه بحماية الحريات وتكون فيه الموازنة عادلة بين الحقوق والواجبات، لنمر إلى تغيير قانون التكوين من أجل خلق جيل أمني جديد وفقا للتطور الحاصل على المستوى الوطني والعالمي جيل أمني قادر على رفع الرهانات الحينية والمستقبلية والاستجابة لكل الطموحات التي تنادي بها مختلف مكونات المجتمع المدني والانتظارات التي دفع من أجلها أبناء هذا الوطن الحبيب بدمائهم وبالغالي والنفيس. أي تطلعات للنقابة لمسألة علاقة رجل الأمن بالمواطن؟ النقابة من أهم مطالبها استرجاع حق المواطنة لعون الأمن والفكر النقابي يتعارض كليا مع هذه المقاربة التي تفصل بين المواطن ورجل الأمن فعن أية علاقة نتحدث ونحن نريد من رجل الأمن أن يكون مواطنا بخطة موظف مكلف بتنفيذ القانون أثناء أوقات عمله؟ هذه المقاربة غرسها النظام البائد في اللاشعور الوطني ففي كل الإدارات أحدثت مكاتب خدمات سريعة وصلب وزارة الداخلية انشئت مكاتب للعلاقة مع المواطن وكأن عون الأمن رجل قادم من دولة أخرى لنحتكم إلى مكتب ينظم العلاقة بينه وبين المواطن هذه المقاربة التي نجح النظام القمعي في إرساء مفهومها في اللاشعور الفردي والجماعي كانت سببا رئيسيا في انبتات عون الأمن عن مجتمعه فالعون بمقتضاها أصبح يشعر بعلوية عن المواطن والمواطن أصبح يشعر بضغينة على رجل الأمن وهو ما أحدث شعورا بالاغتراب لدى الطرفين ونحن كنقابة وطنية سنستميت من أجل القضاء نهائيا على هذه التفرقة لنعود بالدر إلى معدنه. هل سيكون للنقابة الوطنية دور في تحديد خارطة عمل الوزارة؟ النقابة لن تكون طرفا في رسم ملامح سياسة الدولة وتوجهاتها لتشارك في تحديد خارطة عمل وزارة الداخلية لكن ستكون اليد التي تقف في وجه كل من يحاول تسييس الجهاز مستقبلا أو الالتفاف على مبادئ الثورة لن نسمح بذلك إطلاقا ولن نسمح باستباحة كرامة رجل قوات الأمن الداخلي وكرامته سنبقى محايدين بالمفهوم الايجابي للكلمة وسندافع عن المطالب المشروعة للمنخرطين ولن يكون دورنا إلا في هذا الإطار أو في الجانب المتعلق بالأفراد الذي يجب الرجوع إلينا في بعض جوانبه لما فيه مصلحة الفرد والهيكل ككل.