أعادت الاضطرابات الدامية التي هزّت مدينة بورسعيد الليلة قبل الماضية الى الواجهة تساؤلات حقيقية حول مستقبل وسيناريوهات الأوضاع في مصر... فما الذي يحدث... ولماذا الآن؟.. ومن الذي يحرّك ويدير خيوط مثل هذه «القلاقل»؟ اتهم الوزير المصري السابق محمد فائق في تصريحات ل«الشروق» عبر الهاتف من القاهرة أجهزة خفية بالوقوف وراء أحداث الشغب التي هزت مدينة بورسعيد الليلة قبل الماضية. كارثة غير مسبوقة وقال الدكتور محمد فائق إن ما حدث كان كارثة غير مسبوقة في تاريخ مصر داعيا الى التحرك بشدة من اجل التصدي بقوة لمثل هذه الجرائم الخطيرة معتبرا ان السلطات الحاكمة ارتكبت بدورها أخطاء في مواجهة مثل هذه الأحداث الدامية. وقال: «في الحقيقة ليس واضحا بعد من يقف بالضبط وراء هذه الأحداث لكنه من الواضح ان هناك مجموعة ميليشيات خفية خطيرة وبلطجية أرادوا تخريب البلاد». ولم يستبعد الوزير المصري السابق في هذا الصدد وقوف أيادي خارجية وراء هذه الكارثة قائلا «إنه ما من شك في ان هناك أدوارا خارجية مشبوهة وأموالا تدفع هنا وهناك بهدف تعطيل المسار السياسي المصري وارباك الثورة المصرية ومنعها من تحقيق أهدافها لكن يجب ألا نتغافل كما يضيف عن حقيقة ان هناك تقصيرا أمينا معتبرا في ذات الوقت ان التهاون في محاكمة مبارك ساهم في انفجار مثل هذه الاوضاع. وحذر من ان هذه الاوضاع قد تسوء أكثر وقد تفضي الى تدمير مصر في حال لم تسارع مختلف القوى والأطراف الى إخماد هذا الحريق الذي يتهدد ليس فقط الثورة المصرية بل البلاد. «مؤامرة داخلية» مثل هذا الرأي كان حاضرا ايضا في تحليل الدكتور عبد ا& الاشعل، المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة المصرية الذي وصف في اتصال مع «الشروق» عبر الهاتف ما حدث بأنه حلقة من مؤامرة تستهدف القضاء على الثورة المصرية. ورأى الشاعل ان هذه المؤامرة هي داخلية قبل ان تكون خارجية معتبرا ان من طرفها الأساسي ما وصفه ب«النظام القديم»... كما اتهم السلطة الحاكمة وتحديدا المجلس العسكري المصري بالتواطؤ مع «بقايا النظام القديم» لتفجير البلاد. وأضاف الاشعل «هناك ثأر قديم بين الشعب وأمن مبارك... وهذا الأمن لم يقدر حتى الآن على التواؤم مع الثورة لأنه لا يزال تابعا لنظام الرئيس المصري المخلوع». وشدد الاشعل في هذا الصدد على ضرورة ان تدقّ هذه الأحداث ناقوس الخطر لدى الجميع وأن يتحرك الكل قبل فوات الأوان معتبرا ان هناك مخططات للقضاء على الثورة وتمزيق المجتمع المصري. الأستاذ أشرف بيومي، المفكر المصري المعروف أكد أن أحداث الشغب التي عصفت بمدينة بورسعيد خلال مباراة الأهلي والمصري البورسعيدي تطرح أكثر من سؤال حول طبيعة القوى التي تقف وراء مثل هذه القلاقل والاضطرابات. واستبعد البيومي في رده عن أسئلة «الشروق» بهذا الخصوص ضلوع القوى الاسلامية، مؤكدا ان هذه القوى لا مصلحة لها في إثارة هذه القلاقل بعد فوزها في الحكم... كما رأى أنه ليس من مصلحة المجلس العسكري الحاكم ان يثير هذه القلاقل «مع ان البعض يرى بإمكانية ان يلعب هذا المجلس دورا في تحريك هذه الاحداث حتى يستمر في الحكم، ولكن في الحقيقة كما يوضح البيومي هناك شك كبير في مثل هذا التحليل على اعتبار ان هناك غضبا متزايد على المجلس العسكري من يوم الى آخر. وفي هذا السياق اعتبر المفكر المصري أن معظم أصابع الاتهام تتجه الى نظام مبارك الذي في رأيه لديه مصلحة كبرى في ما حدث ولديه الأموال والاشخاص الذين يستطيعون القيام بمثل هذه الاضطرابات. نوايا ومخططات خارجية الأستاذ أشرف بيومي اتهم ايضا في هذا الاطار دولا اقليمية نفطية بتدبير هذه الأحداث معتبرا ان هذه الدول من مصلحتها ألا تكون مصر في حالة استقرار اقتصادي... كما لم يستبعد الاستاذ أشرف بيومي في السياق ذاته ضلوع قوى أجنبية في «كارثة بورسعيد» على خلفية تصاعد التوتر في العلاقات الامريكية المصرية بشأن المعونة الأمريكية مؤكدا ان مثل هذا الامر ليس ثابتا بعد لكنه ايضا ممكن ان يحدث خاصة ان الولاياتالمتحدة لها سجل حافل في هذا المجال. كما دعا المفكر المصري في هذا الصدد الثورة المصرية بتنظيم صفوفها وبتوخي اليقظة والحذر حيال ما يتربص بمصر من مخاطر وتهديدات قد تنطوي على عواقب وخيمة على مسار الاوضاع بمصر خاصة في ضوء حالة الاختناق الاقتصادي التي تتخبط فيها البلاد في هذه المرحلة الدقيقة والحرجة.