قسم الاستعجالي بمستشفى شارل نيكول بالعاصمة من بين اهم الاقسام التي تستقبل يوميا ما بين 250 و300 مواطن أي بمعدّل 90 ألف تونسي سنويا, الا انه عانى طويلا من الحالة المزرية التي اضحى عليها القسم في بنيته التحتية استنجاد الاطباء بأوعية بلاستيكية للتخلص من الامطار التي تتقاطر من الاسقف. وكانت الشروق تابعت مشروع بناء اول استعجالي في تونس مطابق للمواصفات العالمية الذي طال انتظاره لمدة تزيد عن العشرة اعوام حيث تم تدارس المشروع مع اطباء الاختصاص قبل اعداد الانموذج. الجميل أنه أخيرا وبعد طول انتظار انطلقت منذ أسابيع قليلة أشغال بناء هذا القسم الجديد الذي سيمتد على مساحة أكثر من ألفي متر في طابقين مميّزين يطلاّن على شارع 9 أفريل بالعاصمة و سيجد فيه التونسي بعد أشهر قلائل كافة احتياجاته في الاستعجالي الطبي بمفهومه العالمي. وداعا للاكتظاظ أسرّة للعلاج السريع.. رتق للجروح ولفّ للضمادات.. فحوص أولية للخدمات الخفيفة.. التي هي في الأصل معضلة الاستعجالي في تونس بخصوص ما يطلق عليه الفرز الأولي.. مصاعد كهربائية مخصصة لنقل الأسرّة بمرضاها..غرف لإقامة الأطباء زوايا للراحة قاعات علاج متطورة لأجهزة السكانار والتصوير بالأشعة والرّنين المغناطيسي وبالصدى.. عالم مصغّر للخدمات الطبية الاستعجالية بكل مواصفاتها التي تخضع لما هو معمول به عالميا في المجال الصحي حتى في أدقّ الجزئيات وهو ما سيسمح بتوديع الاكتظاظ الذي عان منه المرضى سنوات طويلة في استعجالي شارل نيكول. لن يتوقف الاستعجالي القديم أثناء اعداد الجديد قسم الاستعجالي بمستشفى شارل نيكول مازال يعمل بطريقته التقليدية في ظروفه الصعبة من بنيته التحتية التي تستوجب بدورها التدخل العاجل في الوقت الذي تكون فيه الاشغال منطلقة لبناء القسم الجديد. وقال الأستاذ كريم الحوات رئيس القسم في هذا الصدد: «سابقا كان جزء من بناية الاستعجالي يحتله قسم التخدير والانعاش اليوم حظي هذا القسم ببناية خاصة به بالجانب الأيمن للمستشفى، فعادت البناية إلى قسم الاستعجالي حيث تم اعدادها كاملة وصيانتها وتوفير غرفة مجهزة بالأسرة والتجهيزات الطبية لتصبح مكملا وجزءا من الاستعجالي الحالي هذا التوسع سيظل قائما وستبقى أبواب استعجالي شارل نيكول مفتوحة للمواطن كما هو حالها دائما إلى حين الانتهاء من اعداد الاستعجالي الجديد حيث ستنقل إليه الخدمات كلها في حين يبقى المقر القديم تابعا لها. جزء منه كمستودع للتجهيزات وصيدلية وجزء ثان مخصص كحجرات ملابس للإطارات الطبية وشبه الطبية». مشروع وطني قبل أن يكون صحّي هذا المشروع الذي دخل حيّز التطبيق بعد انتظارات طويلة يقول عنه الدكتور كريم الحوات: «أهم ما سيكون عليه هذا المكان أن الداخل إليه لن يلتقي بالطرف الذي هو في طريقه الى المغادرة وذلك لتفادي الاكتظاظ بالأروقة أو بالأحرى القضاء عليه نهائيا. كيف هو ؟ سيتكون الاستعجالي من طابقين: طابق أول يفتح إلى الطريق العام بشارع 9 أفريل به مداخل للمترجلين ولأصحاب السيارات وآخر لسيارات الاسعاف.. يمكن لكل الوسائل أن تمر إلى الداخل وتغادر عبر طريق آخر إما للطريق العام أو داخل المستشفى.. ودون الحاجة الى الوسيلة الناقلة للعودة الى الوراء أو تعطيل حركة المرور. الفرز الأولي وعن معضلة الفرز الأولي لتحديد الحالات الاستعجالية من غيرها أضاف الأستاذ حوّات: «قد يعتقد البعض أن شخصا مصابا مثلا بطعنة سكين هو الحالة الاستعجالية التي قد تتطلب وقتا طويلا وهذا ليس صحيحا فالاصابات الظاهرة يعرفها الأطباء ويمكن التدخل في حينها بتحديد وجهة ذلك المريض سواء لفحصه السريع أو لاعداد غرفة العمليات وإجراء العملية الاستعجالية، لكن الاشكال الحقيقي يكمن في بعض الحالات التي تكون مصابة مثلا بمجرّد ألم، أو للمصابين بالجلطة الدماغية أو القلبية فهذا يحتاج الى العناية الخاصة الاستعجالية والى الصور والمتابعة الطبية الدقيقة، لذلك وجب الاعداد للفرز الأولي حتى تنظم الحالات الاستعجالية لكن في ذات الوقت حين لا يمكن مثلا في قسم الاستعجالي الجديد أن تجد شخصا مصابا بأزمة قلبية في نفس الجناح مع الشخص الذي أصيب بكسر في الرجل أو بمن يحتاج الى رتق جرح بيده، ستصبح العملية أكثر حكمة.. وسيضّم الاستعجالي الجديد أكثر من شباك للتسجيل وغرفتين للخدمات الطبية ستعنى بمن يحتاجون الى خدمات سريعة ورتق الجروح.. إعداد وربط الضمادات وغيرها من الخدمات الأخرى التي لا يحتاج فيها المواطن الى الدخول والتجول في أروقة الاستعجالي. ومن ثم يوجد القلب الداخلي لهذا القسم حيث يمكن فحص 10 مرضى في ذات الوقت من خلال الأسرّة العشرة التي تتجانب لكنها في الواقع معزولة عن بعضها بواسطة جدران مركبة يمكن ازالتها متى شئنا أو احتجنا الى إزالتها وهذا الفحص سيكون بدوره خاضا بالطب الاستعجالي لتحديد كل حالة وتوجيهها التوجيه الصحيح كل الى مقصده حيث توجد بالطابق الأرضي غرفة للسكانار ولن نبقى محتاجين الى نقل مريض الاستعجالي الى داخل المستشفى. وهناك أيضا غرفتان للتصوير بالأشعة لنقضي على الانتظار وكذلك غرفة للتصوير بالرنين المغناطيسي والصدى ستصبح كل العمليات المتعلقة بالمريض بنفس المكان هذا دون نسيان غرف التجبير المستقلة بدورها». 4 قاعات خاصة أحيانا يضطر المريض للبقاء داخل قسم الاستعجالي لساعات من أجل الحصول على الخدمات المطلوبة قال عنها الدكتور كريم حوات: «بولادة الاستعجالي الجديد هناك بالطابق الأرضي 4 غرف يمكن للمريض الاقامة فيها لمدة لا تزيد عن الساعة والنصف يتلقى خلالها كل الخدمات من صور وتحاليل وغيرها ليغادر بعدها إما لفهم حالته والسماح له بالمغادرة أو للاقامة بقسم من أقسام المستشفى أو في صورة ثالثة للاقامة لفترة لا تتجاوز 24 ساعة داخل الاستعجالي لكن بالطابق الأول منه حيث تم اعداد حوالي 15 سريرا في غرف منعزلة تحتوي كل واحد منها على كافة التجهيزات الطبية المطابقة للمواصفات العالمية والمراقبة بواسطة أجهزة خاصة. كما يمكن للعائلة الزيارة من خلال ممر خاص بشبابيك بلورية تطل على رواق يفتح على جانب المستشفى. هذا دون اعتبار أن نقل المريض من الطابق الأرضي الى الطابق الأول سيكون منعزلا عن باقي رواد القسم من خلال مصاعد مطابقة للمواصفات العالمية مخصصة لنقل الأسرّة ولا تعمل إلا بمفاتيح خاصة بها. بقسم الاستعجالي الجديد ستوجد أيضا غرفتان للأمراض المعدية وهما مخصصتان للمرضى الواجب الاحتفاظ بهم بمعزل عن بقية المرضى. هذا دون اعتبار مكاتب الأطباء و الاطارات الطبية وشبه الطبية.. ليستجيب حينها الى كل حاجات التونسي». اشغال بناء قسم الاستعجالي الجديد رأى الاستاذ الدكتور الحوّات أنه يجب أن يضاهيه أيضا توفير أطباء الاختصاص للاستعجالي حينها يمكن فعلا أن نتحدث عن مشروع وطني مواكب للمواصفات العالمية.