تسبب تساقط الثلوج بمدينة عين دراهم والذي تواصل لمدة طويلة دون انقطاع في حبس مجموعة كبيرة من الاشخاص داخل سياراتهم بالطرقات وسط الظلام الحالك وبرودة الطقس الشديدة . «الشروق» التقت كوكبة من الذين عاشوا هذه التجربة. بالرغم من المحاولات العديدة لفتح الطرقات والتدخلات التي باءت كلها بالفشل الذريع وصمدت قوة الطبيعة امام كل هذه المجهودات. مرت ساعات ليل الشتاء الطويل على هؤلاء وكأنها دهور حتى ان البعض منهم خالها النهاية الحتمية هكذا كان حال هؤلاء العالقين وسط الطرقات المؤدية الى العاصمة والمدن المجاورة ,ولكن البعض الاخر كانوا احسن حظا لقربهم من المدينة فتم ايوائهم بالقاعة الرياضية وتكفلت بهم جمعية «مرحمة» الخيرية لتوفر لهم الطعام والغطاء والماء ولكن كل الظروف كانت صعبة للغاية ويستحال توفير كل المستلزمات لهؤلاء وخاصة الحليب الذي ظل مفقودا لعدة أيام . «الشروق» توجهت الى القاعة المذكورة والتقت البعض من هؤلاء فكان اول لقاء مع السيدة حسنات العيساوي من مدينة اريانة تقول قدمت الى مدينة عين دراهم رفقة ابني لحمل الموسم الى خطيبته حسبما تقتضيه العادة وقد كانت الامور في البداية على احسن ما يرام ولكن تغيرت الاحوال الجوية منذ يوم السبت وبدأ تساقط الثلوج تدريجيا ثم تواصل بدون انطقاع وكان من المقرر عودتنا الى العاصمة يوم الاحد وبوصولنا الى مدينة عين دراهم قادمين من المنطقة التى تقطن بها خطيبة ابني انقطعت كل الطرقات واستحالت عودتنا الى منزل اصهارنا فتم ايواؤنا هنا وتكفلت بنا هذه الجمعية الخيرية التي احسنت الينا ايما احسان فوفرت لنا الطعام والغطاء . اما السيد كريم حويزي فقد حل من مدينة بنزرت اين يعمل لزيارة عائلته بمناسبة المولد النبوي الشريف وقد تعذرت عليه العودة وبحلول الظلام وقع ايواؤه وتوفير الطعام له وهو ما يزال يترقب فتح الطريق حتى يلتحق بمقر عمله وقد قضى هنا ثلاثة ايام كاملة ويطالب ان تقع مراعاة ظروف السكان وتوفير الاستعدادات اللازمة لمجابهة مثل هده الكوارث في المستقبل ويضيف ان ما تعرضت له مدينة عين دراهم كارثة باتم معنى الكلمة وحالة غير عادية بالمرة . اما الانسة ريم حويزي طالبة بالسنة الثالثة شعبة علوم ومحاسبة بكلية جندوبة لم تتمكن من الالتحاق بكليتها لانقطاع الطريق الرابطة بين عين دراهموجندوبة جراء تراكم الثلوج وقد تغيبت عن الدروس وقد تم ايواؤها هنا لاستحالة عودتها الى منزلها او الالتحاق بالكلية وترجو من ادرة الكلية ان تراعي ظروفها وتسعفها في الامتحانات لان ما تعرضت له اسباب قاهرة وتضيف ان ما وقع في مدينة عين دراهم كارثة انسانية فهناك سقوط اشجار على المنازل وانزلاقات ارضية وجبال من الثلوج وبرد قارس وانقطاع التيار الكهربائي والماء وفقدان المؤنة ولكننا صابرين . كان اخر لقائنا مع السيد فتحي عباده عبد الله السومري منسق اعمال جمعية رحمة للاعمال الخيرية حيث يقول لقد ساهمت هذه الجمعية بكل مجهوداتها في ايواء كل العالقين وتوفير كل المستلزمات من حشايا واغطية وأكل حسب ما استطاعت كما ساهمت في فتح الطرقات والتكفل ببعض العائلات من مؤنة وأدوية واحاطة نفسية ويدعو كل الجمعيات الخيرية والمجتمع المدني للتنسيق مع هذه الجمعية في ما يتعلق بالاغاثة وتوفير مراكز الإيواء ومراكز تجميع وتوزيع الاعانات وتبقى بيوت اهالي مدينة عين دراهم مفتوحة لكل الوافدين على هذه المدينة كما انهم متطوعين لاغاثة كل من هو في حاجة الى ذلك.