شغل عيد الحب أغلب الصفحات التونسية وقرأنا المئات من التعاليق التي تقطر حبا وشوقا وكلاما معسولا منقولا من قصائد كبار الشعراء رغم اعتراض العشرات من الصفحات ذات التوجه الديني بحجة أن «سان فلنتين» احتفال وثني لا علاقة لنا به. قبل ذلك، يجب أن نشير إلى استمرار المعركة المثيرة بين أنصار الشيخ وجدي غنيم وخصومه الذين يسمونه «طهار النساء»، وازدادت المعركة إثارة وطرافة بنشر تصريحات للشيخ مورو بدت معقولة للكثير من أنصار المجتمع المدني وهو يدعو إلى الاعتدال والوسطية بطريقته البسيطة والمقنعة. غير أن عيد الحب قد شغل أغلب التونسيين حتى بالاستنكار والرفض كما قرأنا في صفحات قريبة من النهضة أو السلفية، حيث يصفون «سان فلنتين» بأنه عادة وثنية، تقليد غريب لسنا بحاجة له لأن في أعيادنا ما يكفينا، مع دعوات صادقة لحب الرسول صلى الله عليه وسلم، وحب المسلم للمسلم. كتبت ناشطة متدينة تعليقا على هذا الأمر: «في الحب الحلال، كل يوم عيد حب، وليس في مغامرات الحرام باسم سان فلنتين». يكتب ناشط شاب كلاما موجها إلى رافضي هذا العيد: «كل مناسبة للحب هي مناسبة جميلة، سواء كانت من المسلمين أم من الكفار، الحب هو الحب، ليس له دين ولا انتماء، لولا الحب لما كانت الحياة». وبصفة عامة، تقاسم التونسيون يوم أمس أفضل مشاعر الحب والود وصور الورود الحمراء بمناسبة عيد الحب، كما نشطت مئات الصفحات التونسية والشرقية لإحياء المناسبة، وتقاسم صور الورد العجيب الملون بآخر خدع برنامج فوتوشوب وصور العشاق من كل الآفاق، بالإضافة إلى تقاسم مقتطفات من أجمل ما قال الشعراء في الحب والشوق. وفي يوم أمس، اكتشفنا الدور الخفي للموقع الاجتماعي في إيصال رسائل الحب حتى الميئوس منها، حيث يتخلص الكثير من الناشطين من خجلهم أو ترددهم ويكتبون لمن يحبون رسائل حب واضحة، شكوى من الشوق والبعد، وخصوصا حين يكون حبا من جانب واحد. كثيرون يكتفون بنشر وتقاسم أغاني الحب الشهيرة، حيث يتصدر عبد الحليم وكاظم الساهر قائمة الفنانين الأكثر طلبا في الموسيقي العربية، دون اعتبار القائمة الطويلة لفناني أوروبا وأمريكا. تكتب ناشطة جامعية متقدمة في السن تعليقا على ذلك: «الحب في فايس بوك تخيلي، يحب الشاب فتاة من مجرد صورة في صفحتها قد لا تكون صورتها، ويتعلق بها أشهرا دون أن يراها، حتى أن صدمته تصل إلى الكارثة حين يراها في الواقع»، وحذر ناشط شاب في صفحته الشباب من حب ال«فايس بوك» معترفا أنه تعلق بفتاة مدة شهرين قبل أن يكتشف أنها في الحقيقة رجل عابث لا غير، كتبت له صديقة أكبر منه سنا: «الحب التخيلي لا ينجب أطفالا». وكما هي عادة التونسيين، فقد استغلوا هذا العيد لاختراع وتقاسم النكت والطرائف، سألت فتاة حبيبها: «عزيزي، بماذا يذكرك يوم 14 فيفري ؟ فأجاب: قرة العنز في الحساب العربي». وفي عيد الحب، قالت فتاة لحبيبها: «أنا وأنت نساوي واحدا، فقال لها مستنكرا: من الحمار الذي علمك الحساب ؟». وسألت فتاة حبيبها: «بماذا يذكرك يوم 14 فيفري؟ فقال لها مبتسما: وهل يمكن أن أنسى عودة مباريات الشامبيونز ليغ؟ فسقطت مغشيا عليها وأجهشت بالبكاء وفي رواية أخرى فسخته من اللّيست دامي (قائمة أصدقائها في صفحتها). أما أطرف ما قرأنا في هذا المجال، فقد جاءنا من ناشطة حقوقية أرسلت لنا نصا كتبه تلميذ له من العمر 12 عاما لتقديم صفحته جاء فيه: «شربت الخمر لكي أنساكي، ففي كل كأس أشربها أراكي»، وكتبت له هذه السيدة هذا الرد وطلبت منا نشره: «يكب سعدك، تي أمك مازالت لتوا تبردلك كاس الحليب باش ما يحرقكش وأنت تتحدث على خمر الحب»، أليس هذا من جنون التونسيين في الموقع الاجتماعي ؟