رفعت طالبة تدرس بكلية الآداب والعلوم الانسانية بسوسة قضية لدى المحكمة الادارية بسبب رفض ترسيمها لارتدائها النقاب، وطلبت في قضية استعجالية توقيف التنفيذ. «الشروق» تنشر نص القرار القضائي كاملا لتوفير الوثيقة للقرّاء. بعد اطلاع المحكمة على المطلب المقدم من الطالبة م.س والمرسم بكتابة المحكمة الادارية بتاريخ غرة نوفمبر 2011 تحت عدد 413983 والرامي الى الاذن بتأجيل وتوقيف تنفيذ قرار رفض ترسيمها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة. وتذكر العارضة أنه بعد قيامها بالاجراءات الأولية للترسيم عبر الانترنات توجهت لاستكمال تلك الاجراءات بالكلية الا ان الإدارة رفضت ذلك نظرا لارتدائها النقاب متعللة باستحالة التعرّف على هويتها رغم استظهارها بملفها الدراسي وببطاقة التعريف الوطنية وقبولها كشف وجهها أمام أي امرأة سواء كانت مسؤولة ادارية أو أستاذة أو غيرهما. وأضافت الطالبة ان القرار المذكور لا يستند الى نص قانوني وانما الى منشور وزاري وان ارتداء النقاب يدخل ضمن حرية اللباس والمعتقد وممارسة الشعائر الدينية التي كفلتها جميع الدساتير والمواثيق الدولية، كما ان القرار موضوع الطلب الماثل من شأنه ان يمس من حقها في التعليم، هذا فضلا عن ان حرمانها من استئناف الدروس ستنجرّ عنه نتائج يصعب تداركها باعتبار أن نظام الدراسة بالكلية يعتمد الاختبارات الجزئية في البرنامج الدراسي. وبعد اطلاع المحكمة على التقرير المدلى به من عميد كلية الآداب والعلوم الانسانية بسوسة بتاريخ 18 نوفمبر 2011 والرامي الى الحكم برفض مطلب توقيف التنفيذ المقدم من العارضة بالاستناد الى أنه استحال على الادارة اتمام اجراءات ترسيمها لتعذّر التعرّف على هويتها نظرا لارتدائها النقاب، ولاحظ أنه من مهام المجلس العلمي لكل مؤسسة جامعية النظر في المسائل المتعلقة بالتدريس. وفي هذا السياق فلقد تطرّق المجلس العلمي للكلية لمسألة ترسيم طالبة منقبة من الناحية البيداغوجية بغاية الحرص على تحقيق التواصل البيداغوجي والتعرف على هوية الطالبة حتى يسهل التعامل بين الأستاذ والطالب. ولاحظ ان منع النقاب لا يمس من الحرية الشخصية باعتبار المقتضيات العلمية التربوية التي يحتاج فيها الاستاذ الى التعرف على طلبته بصفة فردية دون عائق سواء لتقييم نشاطهم أو لتكوينهم، كما ان الطالبات اللاتي يرتدين الحجاب، ويتم التعرّف على هويتهن لم يقع الاعتراض على تسجيلهن علما وأن المؤسسة لم تعترض على نوعية اللباس بل طالبت المعنية بالأمر بكشف الغطاء عن وجهها داخل الكلية حتى يتم التعرّف على هويتها تفاديا لأي لبس ولها حرية استعمال النقاب بمجرد مغادرتها الكلية. وأضاف ان الكلية تحترم جميع المعتقدات والأديان وأن حق العارضة في التعليم مكفول بشرط أن تلتزم بالنظام الداخلي للكلية وبالقوانين والتراتيب الجاري بها العمل. أما بخصوص ادعاءات العارضة المتعلقة بخرق الكلية لمبدإ المساواة فإنها مجانبة للصواب باعتبار أن مبدأ المساواة يقتضي الامتثال للقانون الداخلي للكلية من جميع الطلبة دون استثناء وأن مطالبة العارضة بإتمام عملية التسجيل واستعدادها كشف وجهها أمام أية امرأة سواء كانت تابعة للسلك الاداري أو سلك الأستاذة الجامعيين يعتبر تدخلا في مشمولات الادارة وإخلالا بسير المرفق العام. وبعد أن اطلعت المحكمة على كل أوراق الملف وعلى القانون عدد 40 لسنة 1972 المؤرخ في 1 جوان 1972 المتعلق بالمحكمة الادارية وعلى جميع النصوص التي نقحته وتممته وآخرها القانون الأساسي عدد 2 لسنة 2011 المؤرخ في 3 جانفي 2011. وبعد التأمل صرّحت الرئيسة الاولى للمحكمة الادارية بأن الطالبة ترمي الى الاذن بتوقيف تنفيذ قرار رفض ترسيمها بكلية الآداب والعلوم الانسانية بسوسة، وقد اقتضى الفصل 39 من القانون المتعلق بالمحكمة الادارية ان «لا تعطل دعوى تجاوز السلطة تنفيذ المقرر المطعون فيه، غير أنه يجوز للرئيس الاول ان يأذن بتوقيف التنفيذ الى حين انقضاء آجال القيام بالدعوى الأصلية أو صدور الحكم فيها اذا كان طلب ذلك قائما على أسباب جدية في ظاهرها وكان تنفيذ المقرر المذكور من شأنه ان يتسبب للمدعي في نتائج يصعب تداركها». واعتبر المحكمة انه لئن كان اختيار اللباس مظهرا من مظاهر الحرية الشخصية، فإن ممارسة تلك الحرية شأنها شأن كافة الحريات والحقوق الأساسية الفردية والعامة تقتضي مراعاة تنظيم المرافق العامة وحسن سيرها. واعتبرت ايضا ان قيام العون المكلف من إدارة المؤسسة الجامعية بالتثبت في هوية الطالبة عند اجراء الترسيم من خلال التأكد من مدى تطابق الأوراق الثبوتية المقدمة مع شخصها انما يندرج، في ظل التراتيب الجاري بها العمل في نطاق الضوابط التي يقتضيها حسن سير المرفق العمومي للتعليم والحفاظ على مصالح الطلبة أنفسهم. ورأت المحكمة أن مطلب العارضة في ضوء ما تقدّم غير قائم على أسباب جدية في ظاهرها.