اعتبر الاستاذ حافظ بن صالح المختص في القانون الدستوري لدى استقباله أمس في لجنة التوطئة ان المشرع يجب أن يطلع على حاجيات المجتمع ليعرف ماذا يريد معتبرا انه يمكن الاكتفاء بالتنصيص على الاستلهام من المبادئ السامية للشريعة الاسلامية. وأشار الاستاذ بن صالح الى ان أهم الاشياء التي يجب ان يتفطن اليها أعضاء المجلس الوطني التأسيسي هي كيف يضعون دستورا يحمي المواطن وكيف يحمون الدستور من أهل السلطة أي توضيح كيفية تنقيحه والتي اقترح ان تكون من صلاحيات الشعب دون غيره.
واعتبر الاستاذ حافظ بن صالح في مداخلته انه لا يجب ان يمنح المجلس الوطني التأسيسي البرلمان حق تغيير أو تنقيح الدستور وان ذلك الحق لا يجب ان يمنح لغير الشعب، مشيرا الى أنه لا يجب التوسع كثيرا في التفاصيل وان الدساتير في الدول الديمقراطية تكتفي بالتنصيص على المبادئ الاساسية.
وأشار الى انه يمكن ان يتم تأسيس محكمة دستورية لمراقبة مدى دستورية القوانين معتبرا أن المهم هو ان يصبح الدستور شأنا وطنيا ويضمن حقوق الناس ويحد من سلطة الحاكم. وأوضح الاستاذ بن صالح ان أكبر مشكلة في تونس منذ الاستقلال هي ظاهرة ربط السلطة بشخص معتبرا انه مهما كان الشخص بمرور الوقت سيحكم وفق رغباته هو وتصبح الدولة كليانية «من منطق أننا خرجنا من مؤسسة ودخلنا في الولاء لأشخاص».
ومن أبرز المسائل التي تطرق لها الاستاذ حافظ بن صالح وأثارت اشكالا هي مسألة العلاقة بين الدولة المدنية والدين حيث اعتبر أن التنصيص على مدينة الدولة يقصي الدين من الشأن العام. كما اشار الى انه لا خوف من التنصيص على الشريعة كمصدر في الدستور في حين قال إن الشريعة هي اجتهاد وانه هناك شريعة توصل الى السيوف وشريعة أخرى توصل الى التطور.
وتمحورت أسئلة أعضاء المجلس للاستاذ بن صالح حول كيفية تنقيح الدستور مستقبلا وكيفية الاتفاق على مفاهيم معينة منها المدنية والشريعة وما هي حدود الشريعة بالنسبة لرجال القانون. كما تطرق عدد من أعضاء اللجنة الى ما أسموه «تهكم» الاستاذ على المجلس وخياره بأن ينطلق من ورقة بيضاء الذي نعته بأنه ضرب من الشعر ورفض بعضهم ان يلعب الخبراء الذين يستضيفهم المجلس دور الاستاذ مع تلاميذه. وفي ردّه على الاسئلة قال بن صالح «هناك سوء تفاهم بيننا فأنا لست على علم بالتوازنات ولا بالانتماءات وقدمت بعض الافكار عن مسائل تهم رجل القانون. وتساءل عن سبب عدم الاعتزاز بالشريعة واظهارها للعالم بصورتها الحقيقية «وليس كما يروج من كونها قطع الأيدي وانما حضارة».
وتابع «ان تمسكنا بالشريعة لا يعني التنازل عن الحداثة والمبادئ السامية بل هناك مبادئ مشتركة الآن... لست اقترح الشريعة كمصدر للقانون لكن لا يجب أن نخاف منها فنحن أصحابها وحسب رأيي يمكن التنصيص على الاستلهام من المبادئ السامية للشريعة مثل حب الوطن والمساواة والعدل». وأضاف «كنت أدعو دائما الى أن يطّلع المشرع على حاجيات المجتمع ويناقشها ليعرف ماذا يكتب».