لا أذيع سرّا حينما أقول أنّي سعدت ككاتب بتعيين السيد مهدي المبروك وزيرا للثقافة لأسباب عديدة لعل أهمها أنّه كاتب قد مرّ بما مرّ به غيره من كتّاب تونس من شعور بالنشوة عند تأليف الكتاب وإصداره وإحساسه بخيبة الأمل عند توزيع الكتاب والعجز عن إيصاله للقارئ..
هذا الباب الذي سأطرقه وأخاطب من خلاله سي المهدي كاتبا ووزيرا ولعلّ ما دفعني إلى ذلك هو ما صرّح به أثناء اللقاء الوزاريّ الدوريّ بالإعلاميين حيث عبّر على حرص وزارته على ردّ الاعتبار إلى الكتاب التونسي وإشعاعه في تونس وخارجها الأمر الذي بعث الأمل في نفوس كتّاب تونس من جديد .
سيدي الوزير،
كي لا أطيل سأختصر القول في مسألتين أعتقد أنّ لهما تأثيرا كبيرا في رواج الكتاب التونسيّ هما في الأصل مسألة واحدة تتعلق الأولى بالنشر والثانية بالتوزيع، وتعلم سيدي الوزير ونحن تقريبا من جيل واحد ما كانت تقوم به الشركة التونسية للنشر والتوزيع من دور إيجابيّ في نشر الكتاب التونسيّ وأنّه ومنذ إغلاق هذه المؤسسة حدث الفراغ وأضحى كتابنا غريبا في بلده والكاتب عاجزا عن إيصال صوته إلى القارئ التونسيّ في مختلف جهات البلاد.. انتشرت دور النشر الخاصة وتمتعت بالدعم على الورق لكنها لم تتمكن من القيام بدورها الرئيسيّ على الوجه الأكمل لأسباب يطول شرحها، كما أنّ قنوات التوزيع أضحت شبه معطّلة وغير واضحة المعالم فلم يبق للكاتب من سبيل سوى طبع كتابه على نفقته الخاصة واستثمار شبكة علاقاته لترويج كتابه علّه يسترد مصاريف الطباعة في أحسن الحالات، وحتى في صورة تحقيق بعض الأرباح فإنّه يعجز على تحقيق الأهم والمتمثل في أن يقرأ الناس كتابه ويتفاعلون معه بأشكال مختلفة.. ولو اختزلنا الأمر لقلنا أنّ قنوات التواصل بين الكاتب والقارئ مفقودة وهنا تكمن المشكلة وهنا وجب البحث ..
لا أدعو هنا إلى إعادة بعث الشركة التونسية للنشر والتوزيع ، لكني أعتقد جازما أنّه من الضرورة بمكان تولّي إدارة ما مهمة نشر الكتاب التونسي وتوزيعه في تونس في مرحلة أولى وخارجها في مرحلة ثانية وأن تتولى تنظيم اللقاءات بين الكتّاب والقرّاء وتعمل على التشجيع على المطالعة فتحصل بذلك الفائدة للجميع ونساهم في الرفع من نسبة القراءة في المجتمع التونسيّ التي وعلى حالتها الحالية تمثل وصمة عار في جبين تونس ذات الرصيد الفكري والأدبي المستنير على مرّ العصور..
سيدي الوزير،
قد يكون هذا الكلام عاما ويحتاج إلى تفصيل ولكن إذا توفرت الإرادة فإنّ كلّ الأمور تصبح ممكنة، وحمدا لله أن بلادنا تزخر بالكفاءات القادرة على المساهمة في الرفع من مستوى عيش شعبنا في مختلف المجالات ، ولي عودة إلى هذا الموضوع في مناسبات قادمة بإذن الله..