يتوقع الكثيرون أن يكون للاتحاد العام التونسي للشغل المنظمة الاجتماعية الأقوى والأكبر دور أكثر من مهم خلال المدة القادمة ليس فقط على الساحة الاجتماعية بل أيضا على الساحة الوطنية. هناك اعتبارات عديدة تجعلنا نقرّ بهذا الدور الهام للاتحاد العام التونسي للشغل فالاتحاد ستكون له في المدة القريبة القادمة محطة هامة هي المفاوضات الاجتماعية بما تعنيه هذه المفاوضات من انتظارات للأجير والعامل في تونس الذي يعيش الآن أوضاعا مادية صعبة للغاية بسبب تدهور المقدرة الشرائية وارتفاع الأسعار وارتفاع نسبة التضخم المالي غير أن المفاوضات الاجتماعية تعتبر على أهميتها محطة تقليدية بالنسبة إلى الاتحاد الذي سيخوض محطة هامة جدا ستكون لها دلالة كبيرة في تاريخه هي محطة الدستور الجديد للبلاد. دستور الاتحاد كان أول هيكل وأول منظمة قام بصياغة مشروع دستوره وكان أول من قدم مشروعا متكاملا لكل الأحزاب والأطراف ولأعضاء المجلس التأسيسي وقد تضمن مشروع دستور الاتحاد العام التونسي للشغل تنصيصا واضحا وصريحا على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لكل مواطن تونسي ولكل فئات الشعب... ولا نعتقد أن الاتحاد سيقبل بأن يكون مشروعه مجرد تصور قدم ليقرأ فقط ثم يترك جانبا وسط كل هذه التجاذبات التي صارت تعرفها الساحة السياسية وساحة المجلس التأسيسي وما يحبط بها بسبب كتابة الدستور الجديد. نعتقد أن الاتحاد العام التونسي للشغل سيسعى بكل قوة إلى دفع كل القوى إلى الأخذ بمشروعه الذي تضمن دستورا مدنيا ثم إن على كل القوى داخل المجلس التأسيسي أن تدرك أن الاتحاد العام التونسي للشغل ورقة هامة في كتابة الدستور الجديد. يطرح الاتحاد في مشروعه أبوابا مفصلة حول استقلالية السلطة القضائية وحول التفريق بين كل السلطات وصلوحيات رئاسة الجمهورية ومسؤولية الحكومة أمام نواب الشعب... أكيد أن الاتحاد لن يعمل كغيره على تنظيم مسيرات للضغط على المجلس التأسيسي لكنه سيسعى من خلال علاقاته القوية بالمجتمع المدني إلى إجبار المجلس التأسيسي على الأخذ بمشروعه وإلى ضرورة التنصيص على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في الدستور الجديد. انتخابات ليس الدستور فقط وليست المفاوضات هي الملفات الأهم لدى النقابيين الآن فالوضع السياسي الجديد في تونس والتجاذبات الشديدة التي برزت وظهور الكثير من المؤشرات دفع بالنقابيين إلى ضرورة التفكير بجدية في اللعبة السياسية عبر الانتخابات القادمة. الآن ترتفع الكثير من الأصوات داخل الاتحاد بضرورة أن يكون للهياكل النقابية وبالتالي للعمال والشغالين صوتهم وبأن لا يقتصر دورهم على النضال النقابي والمطلبي فقط... على مرّ تاريخ الدولة التونسية كان للاتحاد العام التونسي للشغل دور سياسي بارز ومؤثر وخطير في كثير من الفترات وقد يكون الآن مؤهلا للعودة إلى دوره. دور كان الاتحاد العام التونسي للشغل صاحب أكبر الأدوار في بناء الدولة المستقلة وكان برنامجه الاقتصادي والاجتماعي هو برنامج الدولة وكان برنامجه الاصلاحي في التعليم هو الذي أرسى المدرسة التونسية العصرية والحديثة لذلك يرى النقابيون الآن أن الاتحاد ينتظره دورا حقيقيا وكبيرا خلال المدة القادمة...