يتحدى التلاميذ بالمناطق الريفية حاجب العيون قساوة الظروف الطبيعية وصعوبات التنقل الى المدارس بسبب غياب الطرقات المهيئة من أجل طلب العلم والرقي في سلم الدراسة ويتحصّلون على نتائج متميزة ساهمت في التقليص من حدّة معاناتهم. حوالي مائة تلميذ يدرسون بمدرسة «عيثة النساء» الواقعة بعمادة المناسة الواقعة 12 كلم على مدينة حاجب العيون (القيروان) يمرون بظروف صعبة وحياة دراسية قاسية. حيث يتنقلون مسافات متفاوتة تصل أحيانا الى 10 كلم يقطعونها على الأقدام وعلى ظهور الحمير وقل من تسعفه وسيلة نقل.
أثناء زيارتنا الى المدرسة والاطلاع على أوضاع التلاميذ، التقينا بتلميذتين، وهما طفلتان صغيرتان وكانت لنا معهما مصافحة تعرفنا من خلالها الى طموحات أبناء المنطقة وتحديهم للظروف الصعبة.
«أحلام» من «سندس»
الأولى اسمها أحلام المنيسي عمرها 12سنة تلميذة مرسمة بالسنة السادسة أساسي بمدرسة «عيثة النساء « تسكن بمنطقة عيثة النساء بالمناسة. وقد تحصلت على معدل 15.40من 20 وأمام الصعوبات قالت أحلام» أتمنى أن أصبح مهندسة لأقرب المدرسة إلى بيتنا حتى يرتاح أخوايا من مشاق التعب الذي أمر به». الطفلة الثانية اسمها سندس بن جمعة عمرها 12 سنة تلميذة مرسمة بالسنة السادسة أساسي ومعدلها خلال الثلاثي الأول 15.20 من 20 وعن أمنيتها المستقبلية قالت «أريد أن أتعلم وأنجح لأصبح إطارا مهما في الحياة لأنهض بمنطقتنا النائية.
معاناة يومية
الطفلتان تحدثتا عن معاناة يومية في التنقل من البيت الى المدرسة وقالت أحلام «بما ان منزلنا يبعد عن المدرسة قرابة العشرة كلم وبما أننا مطالبتان بالحضور في القسم قبل الساعة الثامنة صباحا فاننا ننهض عند بشائر الفجر لنقصد مدرستنا التي نغادرها في حدود الساعة الثالثة مساء لنصل الى بيوتنا في حدود الساعة الخامسة».
ليس طول المسافة وحده ما يتعب او يخيف اذ اضافت سندس قائلة «في الواقع نحن نخاف الطريق الوعرة وغير المعبدة المليئة بالحفر كذلك نخاف من الحيوانات المفترسة وخاصة الذئاب والخنازير التي طالما تعودنا على عويلهما في ليالي الشتاء. كما نخاف الأفاعي والحيوانات السامة التي تربض في طريقنا الى المدرسة».
ورغم انهما مجتهدتان في الدراسة فان يوم الأحد هو افضل الأيام لدى أحلام وسندس وتقولان «لأنه يوم راحة وكذلك نستطيع فيه الدراسة بكل أريحية وإعداد لوازمنا المدرسية على أكمل وجه هذا الى جانب قضاء شؤوننا اليومية».
نقص التجهيزات وانقطاع الماء
من جهة ثانية يجد التلاميذ عديد النقائص وسط المدرسة من اكتظاظ في الأقسام ونقص في التجهيزات. وينتظر التلاميذ والمربون ان يتم ترميم المدرسة وزيادة عدد أقسامها لأنها تحتوي على قسمين فقط وإرجاع الماء المنقطع بمدرستهم منذ أربعة اشهر. وتقول التلميذتان «نحلم بإنشاء قاعة مطالعة مليئة بالقصص وتهيئة ملعب بساحة المدرسة لممارسة الرياضة». تدخل مدير المدرسة المربي جمال بوعلاقي موجها نداء خاصا للسلطات المحلية والجهوية لمزيد العناية أكثر بهذه المدرسة والاهتمام بها والتدخل السريع لتوفير ما ينقصها خاصة وان هذه المدرسة تعاني من انقطاع المياه منذ أربعة أشهر والذي أصبح هاجسا للتلاميذ خاصة وان منازلهم بعيدة كل البعد عن المدرسة والماء ضرورة أكيدة من ضرورات الحياة.