دخلت مقاطعة اللحوم الحمراء التي كانت قد دعت إليها منظمة الدفاع عن المستهلك يومها الثالث والأخير. هذا الإجراء تراوحت فيه ردود فعل أهل المهنة والمستهلك ما بين الرفض.. واعتباره خطوة إيجابية ريادية لكنها أقرب للمسكنات. «الشروق» خرجت في جولة بين أروقة العرض بالسوق المركزي بتونس فكان الريبورتاج التالي: «زهير العمراني» موظف همّ بالخروج من السوق بعد أن قام بالتبضع ببعض من الخضر والغلال لاحظ بتفاعل أنه بمعزل عن انطلاق المقاطعة للحوم الحمراء التي كان من الأجدر أن تكون نتاجا لسلوك مدني تعبر عن حركة تضامنية فإن المستهلك التونسي يعاوده حنين اقتناء اللحوم الحمراء مع كل مناسبة وعيد يتجدد خاصة وأنه غير مستعد أن يدفع في أحيان أكثر من أجرة ساعات يومه من العمل لاقتناء كيلوغرام واحد من هذا الصنف من اللحوم أو ذاك. مسكنات وعلى الحكومة التدخل وفي جانب متصل بالمسألة أوضح السيد مصطفى القاسمي موظف بشركة أنه مع استحسان فكرة المقاطعة كإجراء للحد من لهيب أسعار احدى أبرز المواد الاستهلاكية «اللحوم» مراعاة لمدخول التونسي الشهري الآخذ في التراجع فإن مثل هذه الاجراءات تظل أقرب للمسكنات وهنا تبقى الدعوة إلى الحكومة للضغط على الأسعار وكذلك تفعيل المراقبة الاقتصادية التي أضحت بدورها مهدّدة لحظة التدخل الميداني، وهو تقريبا ذات الموقف للسيد «رابح غريبي» قابض الذي اعتبر أنه كمستهلك مساند لمثل هذه الحركات النبيلة وأن الأمل أن تمتد طلبات التخفيض إلى أسعار كل المواد الأساسية تعديلا لتكلفة قفة التونسي. الحاج «بلحسين قرندل» متقاعد طلب الكلمة ليقترح إحداث نقاط مراقبة قارة بالسوق وذلك خدمة لاستقرار الأسعار والحفاظ على البعد الأخلاقي بمثل هذه الفضاءات. المقاطعة ما بين الضرورة ومسالك التوزيع وفي رأي مغاير إزاء انطلاق المقاطعة اعتبرت السيدة «آمال اليامري» موظفة أن الحل للتخفيض أو بالأحرى مراجعة أسعار المواد الأساسية الآخذة في الاشتعال ليست بإعلان المقاطعة بل بفتح ملف مسالك التوزيع. فيما وصف السيد «صلاح الدين العبيدي» معطل عن العمل الذي كان بصدد وضع بعض المشتريات بكيس أن هذه الخطوة «باهية» وضرورية وهي حل من الحلول بعد أن أضحى الارتفاع المهول في الأسعار الشغل الشاغل للتونسي منذ فترة. مضيفا أنه شخصيا غير مقبل على استهلاكه وان تم ذلك فإنه لا يتجاوز المرة في الشهر.. وكانت الأروقة المخصصة للحوم الحمراء بالسوق المركزي قد غابت عنها المناداة لما عرض على الطاولات وبالمحلات وسط حضور للمتبضعين يعدون على أصابع اليد الواحدة. السيد «شكري الطرخاني» صاحب محل اعتبر أن وضعية عزوف المستهلك التونسي عن شراء اللحوم الحمراء تعود إلى ما يناهز السنتين. وأن تأثير المقاطعة المعلنة أثرت طفيفا على المدخول. وقد أضاف محدثنا أن الحل الأفضل في مباشرة العلاقة فلاح قصاب دون وسيط. وهو تقريبا ذات الموقف للحاج «حمادي التايب» الذي اعتبر أن المقاطعة ليست الحل متوجها بأصابع الاتهام إلى شركة اللحوم وأن من الحلول لتجاوز ارتفاع الأسعار في هذه المادة مراجعة دور الوسيط.. وهو تقريبا ذات رد فعل الشاب «مهدي» عامل بمحل الذي اعتبر أن جانبا من الحل بعيدا عن اعلان المقاطعة بيد الفلاح ومعالجة ظاهرة التهريب. وضعية التهيئة ورموز الفساد طبيعة التهيئة بجناح اللحوم الحمراء بالسوق المركزي كانت من المسائل التي توقف عندها البعض من أصحاب المحلات والتي أضرت بدورها بمعزل عن المقاطعة بمدخول القصاب. حيث اعتبر السيد «عبد السلام التايب» أن غياب المأوى وطبيعة التهيئة التي شملت أركان الجناح منذ 4 أعوام وتحرر أسعار البيع خارج السوق أفقد الفضاء 80٪ من الحرفاء كما أن خضوع العمل للتوقيت الاداري زاد الطين بلة.. مستنكرا المقاطعة لمادة «اللحم الأحمر» في ظل الاقبال على مادة «الزقوقو» مثلا التي قد يناهز سعر الكيلوغرام منها 20 دينارا. وقد أضاف محدثنا أن عددا من رواد السوق قد اقتنوا بتاريخ 19 مارس وما بعده بقليل كميات من اللحم استعدادا للمقاطعة.. وكان الشاب «وليد الشابي» أوضح أنه مع استشعار النقص في الاقبال منذ فترة فإن من المسائل الأجدر بفتحها مسالك التوزيع وفساد من يتحكم في تسيير السوق من اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية. لغة الحوار... بعيدا عن المعاقبة وفي اتصالنا بالسيد «سليم سعد الله» نائب أول لرئيس منظمة الدفاع عن المستهلك أوضح أن المقاطعة تعد ناجحة خاصة في جانبها التحسيسي وأنها كإجراء ليست بالمعاقبة لأي طرف كان ولكنها تهدف إلى تنظيم أكبر لقطاع الماشية ونشر ثقافة جديدة. وقد أضاف أنه من المرتقب أن يعرض الاثنين مختلف الاحصائيات. وفي جانب متصل بالمسألة قلّل السيد محمد الهادي الملياني رئيس الغرفة الوطنية للقصابين من تأثيرات المقاطعة على الطلب داعيا إلى الجلوس مجددا إلى طاولة الحوار بين كل الأطراف المعنية بعيدا عن التراشق بالاتهامات والأخطاء المجانية.