غدا احذر... فقد يكون أحدهم نصب لك فخّا في شكل خبر قد يحزنك وقد يفرحك لكن لا تنسى أن غدا كذلك هو 1 أفريل يوم الكذب والأخبار الزائفة وفي المحصّلة يوم للدعابة التي قد تغيّر مجرى التاريخ كما حدث في مناسبات عديدة على مدى خمسة قرون منذ بداية هذه الظاهرة. في عام 1564 قرّر شارل التاسع ملك فرنسا إحداث تغيير على التقويم الميلادي وتحويل بداية السنة من 1 أفريل الى 1 جانفي.
لم يصدّق الناس هذا الخبر واعتبروه كذبة بيضاء أطلقها بعضهم من باب الدعابة وقتل الوقت وبمجرّد أن تم تنفيذ القرار الملكي تحوّل تاريخ الواحد من أفريل الى يوم لاطلاق الاشاعات وترويج الأخبار الكاذبة من باب الدعابة لا غير لكن ومع مرور الزمن تطوّرت أساليب اطلاق الشائعات بل إن الكذب في حدّ ذاته أصبح يتكيّف مع طبيعة المرحلة وطبيعة الأحداث وفي تونس أصبح هذا التقليد أمرا مألوفا مع بداية القرن العشرين واكتشفه التونسيون من الفرنسيين الذين احتلّوا البلاد سنة 1881 وإلى حد اليوم لازال التونسيون يتفنّنون في ابتكار الخبر الذي يمكن أن يوقع بصديق أو زميل في العمل، يقول السيد عاطف عوجي موظّف بمركز تجاري كائن بوسط العاصمة، «مع أن هذه الظاهرة لا معنى ولا قيمة لها إلا أن البعض من أصدقائي والمقرّبين مني يسعون الى الايقاع ببعضهم البعض وعادة ما تتعلق الكذبة أو الخبر بالرياضة أو بالعمل كتأجيل مباراة فريقي المفضّل أو زيادة خيالية في الاجر وحتى افلاس المؤسسة الى ما ذلك من الاخبار التافهة التي قد تضرّ اكثر مما تنفع».
الواضح أن كذبة بسيطة قد تحدث أضرارا بالغة خاصة وأن الظروف التي تمرّ بها البلاد تهيئ الناس الى تصديق أي خبر مهما كان مصدره. هذا الرأي يؤكّده الطالب نصر شقراوي: «مع علمي المسبق بأن أصدقائي وصديقاتي مستعدّون لتصديق أي شيء فإنني بصدد التفكير في مجموعة من المقالب للايقاع بهم وطبعا لن أعلنها الآن لأنها ستفقد نكهتها لكنني أعلم مسبقا بأن العديد من أصدقائي سيقعون في الفخّ وربّما سأعيد بن علي الى السلطة».
يبدو جليا أن هناك من يتعمّد الايقاع بأصدقائه ويجد في الواحد من أفريل مناسبة جيّدة للتميّز والظهور ولعب دور فالسيد نوري شهباني وهو مواطن ليبي مقيم في تونس متأكّد من أن العديد من الليبيين سيسعون يوم 1 أفريل 2012 الى ترويج العديد من الأخبار المتعلّقة بما يحدث في بلادهم: «أنا على يقين من أنني سأتلقّى مكالمات من أصدقاء يخبرونني فيها بأن العقيد معمّر القذافي ظهر في طرابلس أو أن أحد أبنائه تولّى السلطة في ليبيا الى ما ذلك من الاخبار المثيرة التي تعكس الوضع النفسي لليبيين».
قد تكون كذبة أفريل كذبة بيضاء يتلهّى بها الناس للتخلّص من روتينية اليومي المرهق والمتعب لكن بعضهم لا يتوانى في الذهاب بعيدا وتجاوز خطوط حمراء قد تؤدي في بعض الاحيان الى مآس وهو ما ينبّه له السيد محمد العمدوني مربّ: «إن كانت الكذبة من باب اللهو والضحك فلابأس لكن إن تجاوزت هذا الحد وتحوّلت الى ترويع الناس وترهيبهم كالاعلام بموت شخص أو بحصول كارثة فذلك يُعتبر جريمة لابد من ردع صاحبها».
قد يكون هذا الواحد من أفريل يوما كغيره من الأيام لكنه قد يتحوّل الى كابوس بمجرّد أن يقرّر أحدهم الاساءة لغيره عبر مكالمة هاتفية أو ارسالية قصيرة أو رسالة الكترونية.