«عندما نتحدث عن الإصلاح الإداري نكون متواضعين في شيء وفي نفس الوقت لنا طموحات في أشياء أخرى»، هكذا افتتح الأستاذ محمد عبوالوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالإصلاح الإداري مداخلته المعنونة ب «الإصلاح الإداري بين الواقع والآفاق». مداخلة عبوهذه كانت في إطار الندوة التي نظمها مؤخرا المكتب المحلي لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية بمدينة أكودة مساء السبت .
ذكر الأستاذ عبوأن الفساد الإداري في تونس كان عبارة عن سياسة ممنهجة طغى فيها شراء الذّمم والمحسوبية بأنواعها مثلما شكل في جانب منه وسيلة اعتمدها الحاكم لضرب خصومه ومن يخالفونه الرأي ، مؤكدا على ضرورة التعجيل بالإصلاح الحقيقي الذي سيكون على مراحل تنتهي الأولى يوم 31 ديسمبر يكون إثرها الشروع في المرحلة الثانية على أن تواصل الحكومة اللاحقة مختلف الإجراءات ضمن استراتيجية متكاملة .
عرّج السيد الوزير على بعض الإجراءات التي تنوي وزارته تفعيلها ضمن خطة الإصلاح هذه منها العمل وفق خمس أيام في الأسبوع والتنقيص من الوثائق ومن الآجال في الردّ على مختلف الخدمات والمطالب التي يتوجه بها المواطن إلى الإدارة منها اعفاء المنتدب في الوظيفة العمومية من استخراج بطاقة عدد 3 حيث ستتولى وزارة الداخلية تأمين هذه الخدمة من خلال بنك معلومات الكتروني يتضمن مختلف المعطيات .كما أكد الأستاذ عبوعلى أهمية إصلاح وضعية الموظفين مقرّا في نفس الوقت أن «سنة 2012 ستكون سنة المكاسب غير المادية» مضيفا بالقول « لقد سعينا إلى التعاون مع الإتحاد العام للشغل في هذا المستوى مركزين بصفة خاصة على مجالي التشغيل والتنمية لذلك لم نفكّر هذه السنة في مسألة الزيادة في الأجور».
حاسبونا لو....
«حاسبونا لواعتمدنا المحاباة والأكتاف في الإنتداب أوتغاضينا عن الرشوة» هكذا صرّح الأستاذ عبوفي ردّه عن جملة الإنتقادات التي لحقت وزارته والتي في جانب كبير منها غير موضوعية مؤكدا حرصه على تفعيل الشفافية في مختلف المناظرات وتطبيق القانون بعيدا عن سياسة التعليمات التي كان ينتهجها النظام البائد، مضيفا في هذا السياق» إلى اليوم هناك من يهدد بحرق نفسه وآخرين فعلوا ذلك والعديد يفضلون الإعتصام بدل المشاركة في المناظرات وظنوا أن الحكومة ضعيفة مستغلين الثورة من حيث تفعيل الإنفلات وقد قمت بالعديد من الزيارات الميدانية في الإدارات العمومية واستنتجنا أن 63 بالمائة من الموظفين غائبون عن عملهم وهورقم يثير الإستغراب وحول مسألة تعيين الولاة والمعتمدين أكد الأستاذ عبوأن هذه المناصب هي سياسية بالأساس وتخضع إلى إجراءات مخالفة لموظفي الإدارة العمومية وحول خلفية تأويل التعيين الأخير لوالي المنستير أضاف بالقول «تجنبا لكل التأويلات طلبت من السيد حمادي الجبالي أن نختار شخصا غير منتم إلى حزب النهضة لتعيينه في خطة وال فوافق على ذلك وعندما وقع اختياري على أربع أشخاص رجلان وسيدتان رفضوا جميعهم هذا المنصب واعتبروها مسؤولية حساسة رغم الإمتيازات الممنوحة».
ملفات فساد مخفية ولكن سنكشفها !
في تصريح جريء أكد السيد الوزير قائلا :« هناك ملفات فساد وقع اخفاؤها وحمايتها من طرف حكومة السبسي لا أقول مؤامرة منهم ولكن ربما ذلك راجع لضعف تلك الحكومة في تلك الفترة فخافت فتحها فهناك عشرون شخصية مفسدة لم يقع ذكرها في حكومة السبسي ،فالناس قاموا بثورة ضد الفساد ولا يمكن الحديث عن المسامحة ،نظرا لوجود وجوه مفسدة اختفت في الأيام الأولى بعد الثورة وبدأت الآن في الظهور وجمع الأموال من جديد ولكن سنكشفها قريبا ، وعن الأسماء التي يشتكي منها العديد فنحن لها بالمرصاد.»
أجمع الحاضرون على مدى تقديرهم للسيد محمد عبووثمنوا قيمته العلمية ومسيرته النضالية وحجم العمل الذي يقوم به ولكن ذلك لم يمنعهم من طرح بعض النقاط النقدية حيث اشتكى أغلب الحاضرين من استمرار تواجد الوجوه التجمعية في العديد من المندوبيات الجهوية بسوسة كمندوبية التعليم والثقافة وغيرها وكذلك في الولاية والمعتمديات والعديد من المؤسسات العمومية بالجهة داعين السيد الوزير إلى الحسم فيهم نظرا لاستحالة مواصلة انخراطهم في منظومة الإصلاح الجديدة بعقلية النظام الحاكم البائد وضرورة ضخ دماء جديدة ، كما تمت الإشارة من طرف العديد من الحاضرين إلى ما وصفوها بالفتنة التي يسعى الباجي القايد السبسي إلى تفعيلها بوجوه تجمعية من خلال الإجتماع الذي نظمه في المنستير وعبر أحدهم عن استغرابه من المليشيات على حد وصفه التي جابت الشوارع في ذلك اليوم لجمع الناس إضافة إلى الحجم الكبير للحضور الأمني في وقت يتغيبون عند تنقل الوزراء كما استغل البعض حضور السيد الوزير لتبليغ مشاكله المهنية في ظل تفاعل وإنصات دقيق من الأستاذ عبو الذي حرص على الإجابة عنها بكل دقة وإقناع جعلت الحاضرين يستبشرون بزيارته ويأملون خيرا في جملة الإصلاحات المقررة .