عقد الحزب الاشتراكي اليساري ندوته الوطنية الثانية بعد المؤتمر التأسيسي القانوني، المنعقد في 26 مارس 2011 بتونس العاصمة. والندوة الوطنية، هي هيئة استشارية تضم أعضاء اللجنة المركزية واللجان الجهوية،
تلتئم مرَة كل ستة أشهر، وقراراتها تقدم في شكل توصيات للجنة المركزية والمؤتمر. وقد حضرها70 من إطارات الحزب وسمحت لبعض عناصر شبابية من متابعة مداولاتها تقديرا للجهد الذي يبذلونها ميدانيا. وتواصلت أشغالها خلال يومين متتالين (السبت 31 مارس والأحد 1 أفريل) تناولت فيهما التطورات التي شهدها الوضع السياسي منذ 14 جانفي 2011 وسلوك الحزب وأداءه، ثم تعرضت للوضع التنظيمي للحزب وأخيرا للحلول والمخارج البديلة.
واعتبرت الندوة الوطنية أن المرحلة السابقة شهدت محطات كبرى وانعطافات وتجمعات أثرت في مجرى الحياة السياسية والمدنية، أهمها «القصبتين» ومجلس حماية الثورة واستقالة حكومة محمد الغنوشي وتعويضها بحكومة تكنوقراطية برئاسة الباجي قائد السبسي الذي أعلن عن قبول الدعوة لقيام مجلس تأسيسي وبعث الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي، تحركات شعبية اجتماعية ومطلبية، طرح موضوع العقد الجمهوري للنقاش، تكوين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، تأجيل موعد انتخابات المجلس التأسيسي من 24جويلية إلى 23 أكتوبر، وانتخابات المجلس التأسيسي التي أفضت إلى انتصار نسبي لحركة النهضة، ممَا أهلها، بالتحالف مع حزبي «التكتل» و«المؤتمر»، إلى مسكها بزمام السلطة وتقاسم النفوذ فيها مع حلفائها. وكان لهذا الحدث أثره الأبرز على عملية الانتقال الديمقراطي التي تتعرض لانحراف مسارها في اتجاه نظام استبدادي باسم الهوية والمعتقد، وتجلى ذلك في سعي حركة النهضة إلى فرض تصورها للحكم في تنظيم السلط وفي المساس من الدستور ومن القوانين الأساسية مثل مجلة الأحوال الشخصية. وفسحت المجال واسعا أمام الحركة السلفية لممارسة ضغطها على المجتمع التونسي لإجباره على القبول بها، باعتبارها «مرارة دون العلقم».وبالمقابل، ظهر مشروع الوسط الليبيرالي الذي يجمَع قوى متعددة تسعى إلى «تعديل المسار» وتستعد للتداول على السلطة. وإلى جانب هذين التكتلين، توجد مجموعة واسعة من الأحزاب السياسية، اليسارية والقومية والبعثية والجمهورية والديمقراطية، تسعى إلى رسم موقعها في الساحة السياسية.
وقد حمَلت الندوة الوطنية المسؤولية الكبرى في الوضع السياسي وفي مزيد دهورة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية للحكومة ولحركة النهضة وأذرعها داعية إياها للكف عن الضغط الذي تسلطه على المجتمع التونسي كي تجبره على القبول بمشروعها الاستبدادي.
وأكدت الندوة الوطنية أنها إلى جانب القوى الجمهورية المناهضة للاستبداد والمدافعة عن المكاسب الحداثية والثقافية والحضارية للمجتمع التونسي، وهي مع وحدتها لمواصلة مشروع تونس الجمهورية الاجتماعية، تونس الحداثة، تونس المتضامنة.
وفي تعرضها للوضع التنظيمي للحزب ولعمله التأطيري لمناضليه لاحظت الندوة أنه مازال معطلا بالأساليب القديمة ولم يقدر على التأقلم مع الوضع الجديد، أي العمل في الإطار القانوني العلني، ممَا انعكس على أدائه في العديد من المناسبات وتأثره بنتائج انتخابات المجلس التأسيسي، وبصورة خاصة أمام النتائج التي حصلت عليها حركة النهضة وبصورة جانبية لعدم تمكنه من تصعيد أي مناضل للمجلس. لذلك أوصت الندوة بضرورة عقد لقاءات مع كافة الجهات لتوضيح هذه المسائل وأكدت على إيلاء التكوين النظري والسياسي والعملي العناية التي يستحق.
وبعد التداول حول الخطة المستقبلية، أوصت اللجنة المركزية بإعداد مشروع في اجتماعها المقبل تمد به الجهات مباشرة، كي يدخل حيز التنفيذ مباشرة.