قالت مصادر حزبية الثلاثاء ان المشاورات المكثفة بين ابرز الاحزاب الفائزة في انتخابات المجلس التاسيسي في تونس تتعثر بسبب تشبث كل طرف بمواقفه وغياب روح التنازل بين "حلفاء" المشهد السياسي الجديد وقال احد هذه المصادر لوكالة فرانس برس ان "التجاذبات القائمة وتمسك كل طرف خصوصا من الاحزاب الثلاثة الكبرى بمواقفه ربما مرده الى ان المفاوضات لا تزال في بدايتها ولا يزال هناك بعض الوقت" قبل انعقاد المجلس التاسيسي المتوقع الاسبوع المقبل واشار راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الاسلامي اكبر الفائزين في انتخابات المجلس التاسيسي (90 مقعدا) في تصريحات الاثنين في الدوحة الى ذلك حين قال ان "المفاوضات لا تزال في بداياتها" رغم تاكيده ان "نواة تشكلت لتحالف حكومي مقبل يتمثل في حركة النهضة وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية (30 مقعدا) بالاضافة الى حزب التكتل الديموقراطي (21 مقعدا) وهو قابل للتوسع" والمجلس الوطني التاسيسي مؤلف من 217 مقعدا غير ان مصدرا قريبا من حزب النهضة قال الثلاثاء "لم يتم الاتفاق حتى الان على اي شيء. وحتى حزب المرزوقي المنسجم اكثر من غيره مع النهضة لا يوافق حتى الان على تقييد فترة المرحلة الانتقالية بسنة" وكانت ابرز الاحزاب السياسية في تونس وبينها حزبا النهضة والتكتل، وقعت اتفاقا قبل الانتخابات ينص على ان الفترة الانتقالية الثانية التي تلي الانتخابات لن تزيد على سنة، غير ان حزب المؤتمر من اجل الجمهورية رفض ذلك ولم يوقع الوثيقة ويدعو المنصف المرزوقي الى تنظيم مؤتمرات وطنية حول ابرز القضايا المطروحة اليوم في تونس لوضع استراتيجيات المستقبل مع تشكيل حكومة ائتلاف وطني يمكن ان تستمر في العمل ثلاث سنوات لاتاحة الفرصة لها لتنفيذ البرامج التنموية الملحة معللا بان اي حكومة تعرف انها ستنتهي مهامها في سنة لن تكون قادرة على مواجهة الوضع الاقتصادي المتدهور وعقد مساء الاثنين اجتماع بين قيادات في النهضة وحزب المؤتمر اشارت بعض المصادر الى انه كان يفترض ان ينضم اليه حزب التكتل لكن ذلك لم يحصل ونفى حزب التكتل ان يكون دعي الى اجتماع ثلاثي. واكد زعيمه مصطفى بن جعفر في مؤتمر صحافي الثلاثاء ان كل المشاورات القائمة حاليا ثنائية وبمثابة "جس نبض" ولا وجود لاي تحالف ثلاثي مع النهضة وحزب المؤتمر بزعامة المرزوقي. غير انه اكد ان "الشعب يريد تحقيق اهداف الثورة والتخلص من منظومة الاستبداد ووضع تونس على سكة التقدم ونحن في التكتل نعتبر ان ذلك ممكن بشكل افضل من داخل جهاز الحكم" وهو موقف مختلف تماما عن موقف الحزب الديموقراطي التقدمي (17 مقعدا) الذي كان اعلن بعيد الانتخابات انه تحول الى المعارضة وايضا حزب التجديد (الشيوعي سابقا) الذي يطرح تشكيل "حكومة كفاءات وطنية" من خارج الاحزاب. ويتمسك التكتل بتشكيل "حكومة مصلحة وطنية" وليس حكومة ائتلاف وطني كما يطرح حزبا النهضة والمؤتمر او حكومة تكنوقراط كما تطرح بعض الاحزاب اليسارية. وقال بن جعفر ان "الوضع في تونس يحتاج الى حكومة مصلحة وطنية تجمع اغلب الاطراف التي اختارها الشعب في المجلس التاسيسي"، مضيفا ان البعض "يطرح حكومة تكنوقراط وكأن مشكلتنا هي تنظيم حركة المرور". من جهة اخرى، رفض بن جعفر حكومة وحدة وطنية معتبرا "انها تعني جمع كل الاطراف" السياسية. وقال ان هذه الحكومة سبق ان جربها الشعب التونسي بعيد الاطاحة ببن علي وفشلت. وبدا كأن بن جعفر يحاول تشكيل تحالف كبير لقوى الوسط واليسار بقيادة حزبه من اجل ايجاد توازن قوى مع النهضة. وقال في هذا السياق ان "مؤهلات التكتل تجعل منه حزبا قادرا على ان يكون قاطرة لجميع القوى التقدمية: الوسط واليسار". وفرق بن جعفر بين مهام حزبه في المجلس التاسيسي وفي الحكومة، وقال "في المجلس التاسيسي سيدافع التكتل عن مبادئه وعن القيم الديموقراطية دفاعا مستميتا وهذا ليس متنافيا مع وجودنا في الحكومة مع اطراف قد نتفق معها وقد نختلف". في هذه الاثناء لا تزال شخصية الباجي قائد السبسي واحتمال ان يكون له دور في المرحلة المقبلة، يثير مواقف متباينة. ومع اشادة الجميع تقريبا بعمله خلال المرحلة الانتقالية الاولى قبل الانتخابات، فان المرزوقي مثلا يرفض اي دور لقائد السبسي ولاي "من الوجوه القديمة" في السلطات المقبلة في حين تباينت تصريحات قياديي النهضة بهذا الشان. واشاد بن جعفر الثلاثاء بقائد السبسي "الوطني الغيور" غير انه لم يبد موقفا واضحا بهذا الشان في حين ترى بعض الاوساط انه قد لا يكون هناك بد من الابقاء على بعض الوزراء القدامى في الحكومة العتيدة بداعي "الاستمرارية". ويتوقع ان يدعو الرئيس التونسي الموقت فؤاد المبزع المجلس التاسيسي المنتخب الى الاجتماع الاسبوع المقبل. ويتولى المجلس التاسيسي اختيار رئيسه ونائبيه والاتفاق على نظامه الداخلي ونظام مؤقت لادارة الدولة كما يعين رئيسا مؤقتا جديدا خلفا للمبزع الذي كان اعلن انه سينسحب من العمل السياسي حال تسليم الرئاسة. وبعدها، يكلف الرئيس المؤقت الجديد من تتفق عليه الغالبية في المجلس تشكيل حكومة جديدة للمرحلة الانتقالية الثانية منذ الاطاحة بنظام بن علي. أخر تعديل في الأربعاء, 02 نوفمبر 2011 02:17