انتقلت الأحداث العنيفة التي رافقت مظاهرة المعطلين عن العمل من وسط العاصمة يوم أمس إلى صفحات الموقع الاجتماعي واستغل نشطاء المعارضة ذلك للهجوم على أعوان الأمن الذين تعاملوا بعنف شديد مع المتظاهرين. منذ عدة أيام هاجمت صفحات المعارضة في الموقع الاجتماعي وزارة الداخلية بسبب قرار منع التظاهر في شارع بورقيبة، وكتب ناشطون كثيرون تعاليق تنتقد هذا القرار بحجة أن الشارع كان مكان التعبير الأكثر أهمية في تونس وهو الذي مكن التونسيين من طرد بن علي ونظامه. وكتب ناشط حقوقي في صفحته نداء إلى السيد علي العريض وزير الداخلية جاء فيه: «بدل منع التظاهر في شارع بورقيبة، فكروا في نقل وزارة الداخلية من هناك، لأنها هي سبب التوتر والاحتقان في الشارع، والإجراءات الأمنية التي ترافقها تعقد حياة الناس، وزارتكم تستحوذ على نصف الشارع وعشرات الأبنية والفضاءات الواسعة التي يمكن استغلالها في الخدمات والثقافة وترحل وزارتكم عن وسط المدينة لتتركه للشعب». كما استعدت عدة صفحات لمسيرة المعطلين عن العمل في وسط العاصمة، في تحد واضح لقرار الوزير، وساند ناشطون كثيرون هذا الموقف، لكن الأخبار التي تتالت منذ صبيحة الأمس لمتابعة المسيرة تحدثت عن بضعة عشرات فقط من المتظاهرين، مع استعداد استثنائي لدى أعوان الأمن لقمعها بكل السبل، وهو ما حدث فعلا، حيث أجمع كل الناشطين والذين تابعوا ما حدث بأن تعامل جهاز الأمن مع المسيرة كان قاسيا جدا وبعنف مفرط لا مبرر له. ونقل عدة زملاء صورا للجرحى والمصابين بهراوات الشرطة وغازها المسيل للدموع ولمشاعر الغضب في العديد من الصفحات التونسية، مع تعاليق جاء في بعضها: «صمتا، إنهم يضربون». كما وجد نشطاء المعارضة في ما حدث مادة دسمة للهجوم على وزارة الداخلية والحكومة واتهامها باعتماد طرق نظام بن علي القمعية في التعامل مع تحركات الشارع، وتداولت صفحات اليسار والمعارضة شعار «السلطة تكشر عن أنيابها أمام الطلبة»، مع صور ومقاطع فيديو لملاحقات عنيفة حول ساحة محمد علي وما جاورها، بالإضافة إلى الشعار الشهير الذي رفعه شباب الثورة قبل رحيل بن علي: «التشغيل استحقاق، يا عصابة السراق». وفيما انتهت مسيرة المعطلين عن العمل في قلب العاصمة، انطلقت النقاشات في الموقع الاجتماعي حول ما حدث، خصوصا مستوى العنف الذي تعاملت به الشرطة مع المتظاهرين الذي لم يكن عددهم يتجاوز بعضة مئات (حوالي 200 حسب بعض التقديرات)، وحول مسارعة جهاز الأمن إلى قمع أية مسيرة أو مظاهرة بدل اعتماد مراحل معروفة في مثل هذا المجال، مثل التفاوض وتأطير المتظاهرين أو توجيههم نحو أماكن آمنة. وكما هي عادة التونسيين في صفحاتهم على الموقع الاجتماعي، فقد انقسموا إلى معارضة تستغل ما حدث للتشنيع على الحكومة واتهامها بكل التهم، ونهضويين يتعبرون ما حدث استفزازا للنظام العام وتهديدا للحياة الاجتماعية في بلد محتاج للهدوء والنظام حتى يستعيد نمط العيش العادي، مع أننا قرأنا بعض التعاليق كتبها ناشطون مقربون من النهضة تستنكر مستوى العنف الذي اعتمدته الشرطة في التعامل مع المتظاهرين خصوصا إزاء الصور التي تجسد الأضرار البدنية التي طالت العديد منهم، وهي صور قوية وتدفع فعلا للتساؤل عن مبرر كل ذلك العنف. أما أطرف ما عثرنا عليه يوم أمس، فهو تعليق طريف في الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية جاء فيه: «رسمي: تأكد اليوم حصول أصحاب الشهادات العليا على وظائف في قلب العاصمة».