قرّرت أمس الدائرة الجناحية الاستئنافية بالمحكمة العسكرية بتونس، التخفيض في الحكم الذي صدر سابقا ضدّ المتهمين في ما عرف بقضيّة براكة الساحل، إلى عامين سجنا، مع الإبقاء على نفس العقاب بالنسبة إلى المحالين بحالة فرار. وصرّحت المحكمة أمس بالحكم استئنافيا، وذلك بالحط من العقاب الذي كان ضدّ أربعة متهمين موقوفين بينهم، عبد الله القلال وزير الداخلية الأسبق ومحمّد علي القنزوعي المدير العام للمصالح المختصّة بوزارة الداخلية الأسبق، من السجن لمدّة أربع سنوات، من بينهم متهم حكم عليه بالسجن لمدّة ثلاث سنوات، الى السجن استئنافيا لمدّة عامين اثنين، فيما أقرّت المحكمة الحكم الابتدائي القاضي بسجن المتهمين المحالين بحالة فرار والقاضي بسجنهم لمدّة خمسة أعوام . القضيّة تورّط فيها تسعة متهمين وهم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ووزير الداخلية الأسبق عبد الله القلال والمدير العام للمصالح المختصّة بوزارة الداخلية الأسبق محمّد علي القنزوعي والمسؤول عن أمن الدولة الأسبق عز الدين جنيح والمسؤولون الأمنيون عبد الرحمان القاسمي ومحمّد الناصر بن العليبي وزهير الرديسي والحسين الجلالي وبشير السعيدي، وقد مثل القلال والقنزوعي وعبد الرحمان القاسمي ومحمّد الناصر العليبي بحالة ايقاف فيما أحيل بقيّة المتهمين بحالة فرار. وقد أدين المتهمون من أجل ما نسب إليهم من تهم وفق أحكام الفصل 101 من المجلّة الجزائية، الذي يعاقب بالسجن لمدّة خمسة أعوام « الموظف العمومي أو شبهه الذي يرتكب بنفسه أو بواسطة، الاعتداء بالعنف دون موجب على الناس حال مباشرته لوظيفه أو بمناسبة مباشرتها» وكانت النيابة العمومية قد وجّهت لهم تهم متعلّقة بالتعذيب مثلما نصّ عليه الفصل 101 مكرّر والذي يصل العقاب فيه الى السجن لمدّة ثمانية أعوام بالنسبة الى «الموظف العمومي أو شبهه الذي يخضع شخصا للتعذيب وذلك حال مباشرته لوظيفه أو بمناسبة مباشرته له...» الاّ أنّ هذه التهمة لم يتمّ اعتمادها نظرا لكون الفصل 101 مكرّر أضيف سنة 1999، في حين جرت أحداث براكة الساحل سنة 1991، لذلك تمّ اللجوء الى الفصل 101 . الوقائع تعود إلى بداية التسعينات عندما تمّ اتهام مجموعة من الكوادر العسكرية بالتخطيط للتآمر على نظام الحكم والسعي إلى قلبه، وذلك في إحدى المنازل ببراكة الساحل من ولاية نابل، وتمّ إخضاعهم للتعذيب وعزلهم من وظائفهم، إلا أنّ الأمر تبيّن أنّها عملية تلفيق، وبعد سقوط نظام بن علي توجّه المتضرّرون سنة 2011 إلى القضاء. وكان القائمون بالحق الشخصي قد طالبوا بالادانة واعادة الاعتبار الى منوّبيهم، وطلبوا في وقت سابق بالتخلّي عن القضيّة لفائدة القضاء العدلي باعتبار الصبغة الجنائية للقضية، فيما تمسّك محامو المتهمين بسقوط الجريمة بمرور الزمن نظرا الى عدم وجود مانع قانوني أو مادي لرفع القضيّة زمن نظام بن علي، وهو ما لم تقتنع به المحكمة، التي قرّرت الادانة في الطورين الابتدائي والاستئنافي. ويمكن الطعن في الحكم الاستئنافي بالتعقيب. يشار الى أنّ المتهمين قضّوا إلى حدّ الآن قرابة السنة في السجن.