افتتح الجلسة مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي، مشيرا الى ان الموضوع الذي سيتم طرحه يتمثل في ما حدث يوم 9 أفريل اضافة الى محاولة تعبيد الطريق لوضع اليات لتفادي ما حدث يومها وعرّج على مبدإ التوافق الذي ميّز كل الجلسات.
ومن جهته اكد وزير الداخلية علي العريض لدى حضوره في المجلس ان الوزارة منعت التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة بعد تذمر التجار والاختناق المروري الذي أصبحت تتسبب فيه الاحتجاجات هناك وتعطيل مصالح الناس مشيرا الى انه تم ايقاف العمل بهذا القرار بعد المجلس الوزاري الأخير.
معلومات وتدخل
وأضاف الوزير ان التدخل الأمني جاء بعد «ورود معلومات عن دعوات لاقتحام الوزارة وأخرى لإسقاط الحكومة واستعمال بعض المتظاهرين للحجارة والزجاجات الحارقة ضد أعوان الأمن».
وقال العريض ان قرار فتح شارع الحبيب بورقيبة للتظاهر هو وفق شروط معينة «اذا تم احترامها فيمكن ان نعتبر ان الشارع عاد كما يجب ان يكون». وعرض الوزير على أعضاء المجلس عدة صور التقطتها كامرات الداخلية قال انها تبين بعض التجاوزات مثل إلقاء الحجارة من قبل المتظاهرين وأحد الجرحى من أعوان الأمن وتسجيل للمضايقات التي تعرض لها النائب خميس قسيلة من قبل عدد من العناصر في الزي المدني لا يعلم ان كانوا عناصر أمن أو تجار كما قال الوزير.
ونفى الوزير اتصال الوزارة بأيّة طلبات لتنظيم مظاهرة يوم الأثنين 9 أفريل المنقضي وأنّه كلّ ما كان إصدار بعض الأطراف بيانات تحريضيّة تدعو إلى الزحف على شارع الحبيب بورقيبة وتحريره ، وقال في هذا الصدد أنّه يعرف صحيفة بعنوان «الزحف الأخضر» وأخرى بعنوان «الزحف الأحمر» وأنّ الجميع يعلم مآل هذين الزحفين ، في ما فُهم منه توجيه اتهامات لبعض القوى اليساريّة والقوميّة التي قد يكون الوزير قصدها بتلميحاته تلك.
وانتهى الوزير إلى التأكيد على أنّ سياسيين وإعلاميين كانوا مناصرين لبن علي وممجدين له يسعون اليوم إلى ارباك عمل السلطة والتهجم عليها والدعوة إلى اسقاطها ، وقال من الغريب أنّ وسيلة إعلام عموميّة يدفع الشعب التمويلات لها ما تزال في قبضة جزء من هؤلاء، وكانت لهجته في هذا الباب حادّة.
انتقادات وتساؤلات
ثم تدخل ابراهيم القصاص النائب عن العريضة الشعبية الذي شبّه نقل ما حصل بنقل مباريات كرة القدم وهو ما استفز بعض الحاضرين وتدخّل النائب ايمن الزواغي النائب عن العريضة الشعبية محتجّا على نواب حركة النهضة الذين صفّقوا بعد مداخلة علي العريض وطلب منهم احترام المعارضة واصفا تصرفهم بالاستفزازي .كما تدخّل النائب اياد الدهماني مشيرا الى ان بعض اعضاء المجلس التأسيسي لديهم وثائق وأدلة تثبت تورّط عناصر من الامن في قمع المتظاهرين ويجب عرضها مثلما تم عرض وثائق وزارة الداخلية.
اما رئيس الكتلة الديمقراطية بالمجلس الوطني التأسيسي محمد الحامدي فقد اشار الى ان «الفيديو» الذي تم تقديمه من قبل وزارة الداخلية اقرب الى رواية المعارضة منها الى رواية الحكومة.. مؤكّدا ان الاعلام و المعارضة «لم يخلقا احداثا من فراغ».. أما عبد الرؤوف العيادي النائب عن حزب المؤتمر من اجل الجمهورية فقد قال أنه «عندما تكون المقاربات خاطئة فان النتيجة تكون كارثية» مشيرا الى ان الوزير يتحدث عن حفظ مصالح مادية في حين هناك مصالح معنوية يجب الحديث عنها.
رمزية شارع الحبيب بورقيبة
واضاف العيادي انه يجب المحافظة على رمزية شارع الحبيب بورقيبة حتى لا يقال «ما تبقّى من اللص اخذه المنجم» ثم طالب وزير الداخلية بالاعتذار للشعب التونسي.
ثم تدخّل الصحبي عتيق رئيس كتلة حركة النهضة في المجلس التأسيسي وقال ان حقيقة الصراع ليست على شارع الحبيب بورقيبة بل هناك قوى جذب الى الوراء وأناس يرغبون في إحياء بقايا التجمع واعتبر ان ما حدث محاولة فاشلة للإرباك مشيرا الى انه في «الفيديو» الذي تم عرضه لا يوجد أي داع لتضخيم ما حصل ووصف وزير الداخلية بانه رجل دولة.
وفي اشارة الى موقف حركة النهضة قال الصحبي عتيق ان الحركة مع حماية التظاهر السلمي الذي لا يعتبر أمرا خلافيا بل متفقا عليه بين كل الاطراف مشيرا الى انه وقع استعمال «عنف مفرط يستحق التنديد» وقال ان حركة النهضة تطالب بلجنة يكون أعضاؤها من المجلس التأسيسي للتحقيق في ما حصل.
وفي ختام مداخلته قال الصحبي عتيق ان حركة النهضة ليس لها ميليشيات بل لها مناضلين مشيرا الى أن تونس الان تعيش تجربة نموذجية يقودها «معارضو الماضي».
اما النائب هشام حسني عن حزب النضال التقدمي فقد قال ان «بن علي كان يضرب الناس بهدف التصدي الى الاسلاميين اما حركة النهضة فهي تضرب الناس بهدف التصدي لبقايا التجمع» كما قال لوزير الداخلية «لولا شارع الحبيب بورقيبة و ما حصل فيه لما كنت في مكانك.
ومن جانبه أشار المولدي الرياحي رئيس كتلة التكتل الى انه مع «هيبة الدولة» لكن يوم 9 افريل يوم مشحون بالرمزية و مرتبط بإرادة الشعب في استعادة حريته و لذلك كان من الممكن التعامل مع المتظاهرين بطريقة مغايرة.
مؤشر خطير
وفي الاتجاه ذاته قال رمضان دغمان ان «منع التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة مؤشر خطير يؤشر على عودة القمع ونطالب بلجنة تحقيق مستقلة ليتحمل كل مخطئ مسؤوليته وخاصة الذين اعتدوا على شباب سيدي بوزيد الذين ضحوا بأرواحهم وجاؤوا بالحكومة الحالية».
واعتبر نور الدين المرابطي «ان ما شهدته بلادنا مؤخرا يدعونا الى اطلاق صيحة فزع وحتى نطمئن الى نجاح المسار الديمقراطي أطالب الوزير بالحذر خاصة في ما يتصل بالحقوق والحريات... كما أدعو كل الأطراف الى الالتزام بالمسؤولية».
ومن جانبه تساءل شكري القسطلي «كيف اتخذ وزير الداخلية القرار ويلغيه دون الرجوع الى أعضاء المجلس أيضا كيف يضرب أشخاص دون زي رسمي المتظاهرين وكيف نعرف أنهم ليسوا ميليشيات وأين ذهبت الميزانية المرصودة لشرا أزياء جديدة للأمن...».
ومن جهته قال زياد العذاري «لا أحد في هذا المجلس يمكن ان يكون ضد الحقيقة ونحن لا نريد ان تتحول قبة المجلس الى قاعة للمحاكمة والحقيقة ستظهرها اللجنة التي ستشكل ... لا أحد مع العنف مهما كان مأتاه وهذا الوزير عرف العنف قبل ان يصبح وزيرا وسيبقى مناضلا... العنف ليس رأيا وانما هو تأكيد لغياب الحجة».