تعتبر الندوات الفكرية أحد ركائز برنامج أيام الشارقة التراثية لعام 2012 حيث يضم خمس ندوات بمعدل ندوة كل يومين. «تأصيل التراث الشعبي لدى الطفل» هو عنوان احدى هذه الندوات الفكرية الهامة. أشرفت على هذه الندوة الباحثة العراقية الدكتورة بروين نوري عارف وتنسيق عام للأستاذ التونسي محمد الشافعي ومشاركة مجموعة من الباحثين والأساتذة الجامعيين من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والأردن والكويت وتونس.
استثمار
اختيار هذا المحور لم يكن اعتباطيا بل له عدة أهداف منها ايجاد الأرضية المناسبة لفتح الأبواب بوجه التراث الشعبي وميادينه المتعددة للمساهمة في تنشئة الطفل منذ مراحله الأولى واستنادا الى المفاهيم الاجتماعية وأطروحات علم نفس الطفل باعتبار الانسان ابن بيئته.
كما تسعى الندوة الى استثمار ميادين التراث للاسهام بدور ايجابي في اعداد أجيال المستقبل والتخطيط السليم لتقديم التراث الشعبي الى الطفل ليشكل جزءا مهما من مكوناته الثقافية الأولى.
أما الهدف الرئيس من إقامة هذه الندوة هو حرص ادارة التراث والشؤون الثقافية بدائرة الثقافة والاعلام بإمارة الشارقة على ادراج التراث الشعبي كمادة مواد المنهاج المدرسي في المدارس الابتدائية والاعدادية وهو حلم يراود المشتغلين على التراث وتسعى الدوائر الثقافية في الشارقة الى تحقيقه على أرض الواقع.
رؤية تربوية
من المداخلات في الندوة مداخلة الدكتور عبد ا& صالح السويجي من الامارات والتي كانت تحت عنوان «مؤسساتنا التربوية والتراث: رؤية تربوية»، عرض من خلالها المتدخل دور كل من الأسرة والمدرسة في ترسيخ مفهوم التراث، وتعزيز حضوره الثقافي، وبين أثر ذلك في تحقيق الهوية الوطنية وتميزها الثقافي مستشهدا في ذلك بمقولة مؤسس اتحاد الامارات العربية المتحدة الشيخ زايد رحمه ا&: «إن الالمام بالتراث ينير الافكار وينير طريق الحياة». وتناول الأستاذ محمد جاسم بن حربان (من البحرين) في مداخلته مفهوم الثقافة الشعبية والتربوية وبين الأهداف العامة لسياقات الثقافة الشعبية، كما تطرّق الى مجال التعبيرات الثقافية الشعبية كفنون الغناء الشعبي والحرف التقليدية.
أما الدكتور أسامة سماعنة (من الأردن) فتطرق في مداخلته الى دور التراث في التفكير والمشاعر والسلوك الانساني، مشددا على الأثر العميق للتراث في نمو وتطوّر الانسان وخاصة الأطفال منهم، حيث التأثير في ملكات التفكير والتفاعلات الاجتماعية بين الأجيال.
وكذلك التوازن الروحي والأخلاقي بين الثقافات والمجموعات البشرية المختلفة، ويخلّص المتدخل الى وجوب توظيف التراث بشكل صحيح وفعال في خدمة الدولة وبناء أبنائها بشكل سليم وفعّال.
أصناف
أما الدكتور محمد الغزي فكانت مداخلته تحت عنوان «تجليات التراث الشعبي في قصص الأطفال». خلال مداخلته أثار الدكتور محمد الغزي تساؤلا مهما وهو كيف تعامل الكتّاب مع الموروث الشعبي عندما أقدموا على نقله الى الأطفال؟ وقد صنف المتدخل في معرض اجابته عن السؤال كتاب قصص الاطفال التي استدعت الموروث الشعبي الى ثلاثة أصناف: 1 صنف اكتفى بنقل التراث غفلا فلم يحدث فيه صفة. 2 صنف ثان عمد الى سلخ التراث عن لغته وأجراه وفق الأساليب الحديثة. 3 الصنف الثالث اكتفى باستلهام التراث دون ان يلتزم به التزاما حرفيا فغيّر وطوّر وحذف وأضاف.
وأشار الدكتور محمد الغزي في مداخلته الى أن العودة الى الموروث الشعبي في كتب الاطفال لم تواكبها حركة نقدية ترصد الظاهرة وتفككها ثم تدرسها وتأولها، في حين ان هذا العمل من شأنه ان يطوّر هذا النمط من الأدب الطفلي الذي استند الى الموروث الشعبي ويضخه بدماء جديدة.
وقد أجمع المتدخلون في هذه الندوة على ضرورة ادراج التراث الشعبي كمادة ضمن المناهج التعليمية في الدول العربية وهي توصية من توصيات الندوة التي من المنتظر ان تجد صداها لدى سلط الاشراف في الوطن العربي.