تجسيد الأنبياء والصحابة في الأفلام والمسلسلات موضوع أثار الكثير من الجدل وبالنظر إلى بعض الخلافات الفقهية بين المؤيد والرافض لتجسيد الأنبياء في تلك الأعمال وبالنظر إلى عدم وجود نص من كتاب الله عز وجل ولا في سنة رسوله يحرم إبراز ملامح وجه الممثل الذي يقوم بدور احد الأنبياء أو الصحابة.
على اعتبار أن مادة الإنتاج السينمائي والتلفزي من المستحدثات العصرية أي إحدى الأدوات الفنية التي لم تكن موجودة في تلك العصور فان الفقهاء ممن أباحوا ذلك يستندون على المصلحة لما تقدمه مثل هذه الأعمال من خدمة على اعتبار أن الانتاجات الدرامية تعد في عصرنا الحالي وسيلة لا يمكن لنا تغافلها لما لها من تأثير في حياة المتلقي في عصرنا الحديث وبالتالي فهي تساعد في نشر القيم السمحاء بوسائل عصرية ومستحدثه.
غير أن منطق التحريم يعتبر درء المفاسد مقدما على جلب المصالح فإذا كانت الثقافة تحتاج إلى خروج على الآداب فإن الضرر من ذلك يفوق المصلحة وان عصمة الله لأنبيائه ورسله مانعا لذلك.
وهذا لا يعني أن لا تكون حياة الأنبياء مادة لأحد أشكال الدراما, فهدا أمر يدخل في باب الإباحة أو المستحب على الأقل. بعيدا عن هذه التجاذبات الفقهية التي تبقى من مشمولات الفقهاء يقول الأسعد بالغائب مخرج و منتج هذا الشريط: «أردت تناول الموضوع بعيدا عن الجدل الفقهي بل في علاقته بالمتلقي أي المستهلك لتلك الأعمال الدرامية والذي غالبا ما ترسم في مخيلته صور مثلى لرسله وأنبيائه قد توفق آو لا توفق تلك الأعمال في تجسيد الصور الروحية والوجدانية المرسومة في مخيلة المستهلك للمادة الدرامية».
وانطلاقا من كل هذه المعطيات توجه الأسعد بالغائب مخرج ومنتج هذا الشريط إلى طهران لملاقاة بعض المخرجين الذين قدموا أعمالا في هذا المجال مثل المخرج طالب زادة مخرج مسلسل المسيح عليه السلام الذي قدمته إحدى قنواتنا التونسية وكذلك المخرج فرج الله صلاحشور مخرج النبي يوسف عليه السلام فضلا عن أراء بعض الباحثين الاكادميين من استراليا واسبانيا والولايات المتحدة الامركية من خلال رابي كوهين من الجماعة المعروفة بدعوتها إلى إزالة إسرائيل بسلام, حيث تناول الوثائقي الموضوع من وجهة نظر مختلف الديانات السماوية كما يتخلل الشريط بعض المقتطفات من بعض الأعمال التي تناولت الأنبياء والرسل.
يمثل هذا العمل لبنة في مجال التحليل العلمي للمنتوج السمعي البصري الحضاري حيث يستوجب موضوعه تناولا أكاديميا وندوات بحثتهتم بصفة خاصة بما هو علاقة وجدانية للمتلقي الذي غالبا ما ترسم في مخيلته صور مثلى لرسله وأنبيائه. وبناء عليه وانطلاقا من حرصنا على أن يتبوأ موضوع تجسيد الأنبياء في الأعمال الفنية منزلة مهمة في اهتمامات المنتجين وقنوات البث يقول مخرج العمل الأسعد بالغائب: «أنتجنا هذا الشريط بعيدا عن الجدال الفقهي بل في علاقته بالناحية الفنية الحضارية. ونحن سعداء باختيار وترشيح هذا العمل الوثائقي ضمن فعاليات انشطة مهرجان «كان» المتعددة.