يروج رسميا وإعلاميا عن ولاية القيروان كونها تمثل قطبا فلاحيا وتتوفر على مقدرات طبيعية هائلة. وتحتل الجهة المراتب الأولى في إنتاج العديد من المواد الفلاحية. لكنها تحتل المرتبة الأولى أيضا من ناحية حجم المشاكل والصعوبات التي يواجهها الفلاح. مشاغل الفلاح كثيرة منها اضطراب الموارد المائية وضعف قدراته الاستثمارية واهتراء البنية التحتية وخلل في العلاقة بين الفلاح والإدارة بمختلف اختصاصاتها وارتفاع أسعار البذور والمشاتل والأدوية وتكلفة المحروقات والكهرباء. ويعد مشكل الديون من اهم المعوقات التي تكبل الفلاح نتيجة تتالي الأزمات دون أن يتم تعويض الفلاحين عبر صندوق دعم.
كما يحتاج الفلاح الى دعم ومساعدة في تعامله مع مختلف الأطراف سواء المزوّدين او مع المصانع التحويلية التي تستغله وتسلبه محصوله بأسعار بخسة وهو الذي يتعب ويشقى من اجل إنجاح المحصول إضافة الى مشكل تزويد أسواق الجملة وما يحدث فيها من تلاعب بالأسعار وبالإنتاج من قبل المتدخلين.
وتوفر القيروان أرضية جيدة للاستثمار الفلاحي ومناخا ملائما لمختلف المنتجات الفلاحية بما في ذلك المنتجات والأصناف غير التقليدية. وتطور القطاع الفلاحي في القيروان مرتبط بالاستثمارات الخاصة التي يجب ان تسبقها تدخلات عمومية لإصلاح القطاع الذي لم تستثمر طاقته الإنتاجية بالشكل المطلوب رغم بلوغها مراتب متقدمة في إنتاج عدة أصناف. ووفق الأخصائيين الفلاحيين فان القطاع قادر على تجاوز ما هو كائن الى ما هو ممكن من حيث طاقة الإنتاج والقدرة التشغيلية.
ولعله من الضروري ان تتجه نية وزارة الفلاحة وأنظارها في الوقت الراهن، الى إصلاح القطاع انطلاقا من القيروان التي تعتبر من اهم الأقطاب الفلاحية بالبلاد. وذلك من خلال مساعدة صغار الفلاحين ماديا ورفع الحواجز عن الاستثمار وتلبية طلبات القروض الحسنة وحل المسائل الإدارية المعقدة وتسوية المسائل العقارية التي تكبل الفلاح وتحول دون استغلال الأرض وتعرقل المستثمرين الوافدين.
ويرى المختصون ضرورة إعادة النظر في المقاسم الفنية الفلاحية التي استفاد منها مئات المتقاعدين والمتنفذين الذين استحوذوا على الأراضي الفلاحية الدولية في شكل هبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، داعين الى إعادة توزيع تلك المقاسم الكبيرة والمتعددة على الفلاحين الصغار وعلى الشبان من أصحاب الشهائد العليا قصد استثمارها وفق مقاييس ومتطلبات علمية. ويعد موضوع الأراضي الدولية من اهم المواضيع المثيرة للحساسية والجدل. ويرى البعض ضرورة إعادة النظر في الشركات الفلاحية التي استأثرت بآلاف الهكتارات من المقاسم الفلاحية الدولية دون ان تقدم إضافة انتاجية معتبرة ولا طاقة تشغيلية بحجم استحواذها على الأراضي.
ولعل مباشرة وزارة الفلاحة للقطاع الفلاحي بولاية القيروان عبر إجراءات شجاعة وإصلاحات هيكلية ومراقبة مدققة وتطوير للبحوث وتدعيم للكفاءات والفنيين والتكوين من شأنها مضاعفة الطاقة الإنتاجية وتأمين الاكتفاء الذاتي من الإنتاج النباتي والحيواني كما سيمكن تطوير القطاع الفلاحي من تدارك تراخي الاقتصاد الوطني الذي يعاني من الهشاشة بسبب التركيز على القطاع السياحي الموسمي وعلى قطاعات صناعية وتحويلية غير مستقرة ومرتبطة بالسوق العالمية.
ولاية القيروان، جهة فلاحية بالأساس وتمثل مائدة البلاد التونسية بتنوع منتوجها الفلاحي ووفرته، غير ان هذا القطاع يحتاج الى جهود مضاعفة لتحقيق ما يطلب منه. خصوصا وان والي القيروان الذي عين حديثا هو مهندس فلاحي ويحتاج القطاع الى خبرته و«حسّه» الفلاحي. وهذا التدخل يجب ان يكون سريعا ومباشرا ودقيقا وان تتجند جميع الأطراف في مشروع الإصلاح الفلاحي لتحقيق الاكتفاء الذاتي.