بعد أن تأكدت فداحة الخسائر التي لحقت الفلاح نتيجة ما تسبب فيه «حجر البرد» أو «التبروري» من أضرار للمزارع طيلة الشهر الماضي، فإن ما ينتظره الفلاح اليوم هو آلية تدخل سريعة لتعويضه عن جانب من الخسائر من جهة ومساعدته على الانطلاق في الموسم الفلاحي المقبل للزراعات الكبرى الذي ينطلق الشهر القادم وكذلك مساعدته على خلاص ديونه تجاه المزودين وتسوية او جدولة الديون لدى البنوك. وتسوية علاقته بمعامل التحويل. هذه المقترحات مثلت نقاطا ساخنة خلال اللقاء الذي عقده والي القيروان مع عشرات الفلاحين من مختلف معتمديات القيروان وعدد من المزودين والوسطاء وممثلين عن المؤسسات المالية الى جانب حضور مسؤولين عن الفلاحة والتجهيز و«الستاغ» وغاب عنها اتحاد الفلاحين في ساعة العسرة. وقد تنوعت المقترحات وتضاربت أحيانا واختلفت بين عديد الاطراف لكنها اكدت على ابرز عنصر وهو الحالة الملحة والمؤكدة لتدخل عاجل من وزارة الفلاحة والحكومة المؤقتة لمساعدة الفلاح على تجاوز الخسائر وتدارك الموسم الفلاحي المقبل. وفي استعراضه للأضرار الفلاحية التي لحقت عديد المزارع وتسببت في خسائر لمئات الفلاحين استهل مندوب الفلاحة بالقيروان محمد المحمدي كلمته بالحديث عن الامطار التي تهاطلت على ولاية القيروان خلال الايام الماضية (بين 8 ماي و8جوان 2011) وقال انها مفيدة لكنه اشار الى ما سببه نزول البرد في اربع مناسبات من أضرار فلاحية كبيرة. حيث تسبب في اتلاف آلاف الهكتارات من المزارع. 50 الف طن اتلفت وقدم مندوب الفلاحة ارقاما مذهلة وخطيرة تبين حجم الأضرار التي وصفها بعض الفلاحين بالكارثية والقاصمة للظهر رغم ايمانهم بانها قضاء وقدر. حيث اشار الى ان نسبة الأضرار تراوحت بين 20 و100 بالمائة في مختلف القطاعات الفلاحية وبنسب متفاوتة بين المناطق الفلاحية. وقد امتدت الاضرار على مساحات واسعة قدرت ب15 الف هكتار في قطاع الحبوب بتقديرات انتاج ب150 الف قنطار. و1532 هكتارا من الطماطم باتلاف انتاج يقدر ب3500 طن من الطماطم. الى جانب تضرر نحو 10 آلاف هكتار من الزياتين (5743 طنا) و950 هكتارا من المشمش (1500 طن) و1645 هكتارا من اللوز (700 طن) الى جانب تضرر نحو 16 الفا و300 من القرعيات و780 طنا من البطاطا. ويبلغ مجموع المساحات المتلفة حوالي 30 الف هكتار. في مختلف الزراعات التي تمتاز بها القيروان. وبين أن عدد الفلاحين المتضررين تجاوز الالفي (2000فلاح) وانهم تضرروا من جانبين. فمن جهة اتلف المحصول وضاعت الصابة، ومن جهة هم مدينون بمبالغ طائلة للمزودين والوسطاء. وهم في حالة لا يحسدون عليها لا تمكنهم من الانطلاق في الموسم الفلاحي المقبل الذي يحتاج الى استثمارات كبيرة. مشيرا الى ان الهكتار الواحد من الدلاع يتطلب ما بين 6 آلاف و7 آلاف دينار. و5 آلاف دينار في الهكتار الواحد بالنسبة للطماطم التي تحتل القيروان في إنتاجها المرتبة الأولى. وأكد أن هذه الأمطار تسببت في عدة أمراض فلاحية ستتطلب مصاريف إضافية. داعيا الى ايجاد حل على مستوى جهوي بالتنسيق بين مختلف الأطراف. نظرا لكون الفلاح يحتاج في هذه الفترة الى تدخل عاجل من قبل الجهات المعنية والتفاتة عاجلة. وبين انه تم رفع تقرير الى الجهات المركزية وانه سيتم النظر في امكانية اسناد مساعدات للفلاحين من قبل وزارة الفلاحة ستتضح تفاصيلها في الايام القليلة القادمة. الفلاح صامت...الى متى؟ وقد كان اللقاء فرصة تحدث خلالها الفلاحون عن معاناتهم في صمت وما تعترضهم من صعوبات يواجهونها بمفردهم دون تدخل من وزارة الفلاحة او من السلط الجهوية. ومن بين الصعوبات التي تحدث عنها الفلاحون الى جانب مسالة الأضرار، هي كهربة الآبار وتخفيض اسعار التكلفة وتقديم دعم خاص للفلاحين. وتسوية الوضعية العقارية للأراضي الفلاحية علاوة على ما يتعرض اليه الفلاحون من ابتزاز من اكثر من طرف. وتنطلق رحلة الابتزاز والاستغلال من اقتناء المشاتل والبذور من خلال ديون تثقل كاهل الفلاح وترفع من سعر المواد الفلاحية التي يقتنيها على حساب الدين. كما يتعرض الى هضم الحق من خلال علاقته بالمصانع التحويلية التي كثيرا ما تكون هي المزود وتضغط عبر دينها على الفلاح ليسلم الصابة دون مناقشة السعر وهو مسلوب بالارادة. حيث يصل سعر الطن الواحد من الطماطم إلى 100دينار بينما يتطلب جمعها فقط اكثر من المبلغ ناهيك عن سعر التكلفة والخسائر الجانبية والطارئة. دعم الدولة للمتضررين ويبدو أن عددا من الفلاحين ممن ضاقت بهم السبل ولم يستشرفوا اي حل لدى السلط الجهوية والمحلية في الافق القريب عمدوا الى اغلاق الطرقات واحجموا عن تزويد الاسواق الاسبوعية بالمنتجات الفلاحية. وطلبوا مبدئيا ان يتم فتح المعامل التحويلية لانقاذ ما تبقى من الطماطم ومراجعة الاسعار (اقترحوا 130 مليما للكلغ الواحد) لجبر الضرر. كما اقترح البعض تفعيل صندوق الجوائح. كما مثل مشكل كهربة الابار بعض عناصر الحوار بين الفلاحين والمسؤولين. واكد ممثل عن «الستاغ» ان عدد مطالب كهربة الابار بعد رفع الحظر عن مناطق الصيانة، فاق ال10 آلاف مطلب وهو ما يعني ان الفلاحة في ولاية القيروان كانت تتخبط في مشاكل وان الفلاح كان يجدف في أرض لا ماء فيها المزودون: أعينوا الفلاح على سداد ديونه واقترح أحد الفلاحين ان يتم دعم المؤسسات البنكية والدولة للفلاح، من خلال جدولة الديون واعطاء قروض ميسرة دون فوائض. وتسند للفلاح والمزود على حد السواء.. واقترح ان يتم انشاء صندوق للكوارث يكون فاعلا لتعويض الفلاح المتضرر. وضرب مثالا على ذلك ما يوجد بالدول الأوربية التي تخصص صندوقا للدعم يتدخل عند وجود مشكل. وقال انه واجب وان يتم تدعيمه من قبل الدولة. من جهتهم أكد المزودون وهم الوسطاء الذين يوفرون للفلاح حاجياته من المشاتل والادوية والمعدات، ان تضرر مزارع الفلاحين واتلاف البرد لمحاصيلهم سيؤدي الى عدم خلاص ديونهم لديهم. وبينوا ان خسارتهم كبيرة بقدر خسارة الفلاح. وطالبوا ان يتم تدعيم الفلاح ومساعدته والتكفل بجانب من ديونه وكذلك مساعدته على الشروع في الموسم الفلاحي المقبل. غير ان الشروع في ذلك يحتاج الى مصاريف ونفقات اخرى علاوة على الديون غير المسداة. وبين أحد المزودين ان المبالغ الجملية التي قدمها للفلاحين في شكل ادوات وبذور ومشاتل وادوية تناهز المليون دينار وتغطي 500 هكتار. مؤكدا ان جملة المبالغ التي يدين بها الفلاح تقدر ب10 آلاف دينار علاوة على قيمة الاضرار التي لحقت الفلاح. واقترح ان يتم توفير آليات دعم وتعويض. سواء عبر منح او عبر قروض ميسرة للفلاح وللمزود على حد السواء. مبينا ان اهم مسالة هي مساعدة الفلاح كي يسدد ديونه وبالتالي توفر امكانية تزويد الوسطاء له من جديد. وذلك بسبب وجود حلقة تجمع بين الفلاح والمزود والشركات ويرتبط جميع الاطراف بصكوك وديون في شكل حلقة. وقد أكد كل من والي القيروان ومندوب الفلاحة بالجهة انه سيتم رفع الملاحظات والمقترحات الى الجهات المعنية من اجل طلب الدعم المالي والمادي لتعويض الفلاحين.