تعيش مدينة نابل هذه الفترة حركية غير معهودة تزامنت مع انطلاق فعاليات الدورة الخمسين لمعرض نابل الدولي والتي تمتد من يوم 20 أفريل إلى غاية 6 ماي القادم، ولعل أكثر ما يثير الانتباه شدة الإقبال من جهة وتراجع العارضين الأجانب من أخرى. يعتبر معرض نابل الذي أشرف على افتتاحه هذه السنة وزير التجارة والصناعات التقليدية بشير الزعفوري من أقدم فضاءات المعارض المتواجدة بالجمهورية التونسية حيث تأسس سنة 1962، وكان يُسمى في بداياته بمعرض «عيد الزهر» وتطور بعد ذلك ليصبح معرضا شاملا والقبلة المفضلة لعديد العارضين من داخل البلاد وخارجها نظرا لخصوصية الجهة باعتبارها مدينة سياحية يقصدها السياح من جميع أصقاع العالم بالإضافة إلى ما يتوفر في المعرض من فضاءات مغطاة ومساحة جملية تفوق الخمسة آلاف متر مربع. الإقبال على المعرض خلال الأيام الأولى كان مكثفا من مختلف الفئات العمرية ومن الجنسين، حيث جلب انتباه البعض الأجواء الاحتفالية والتنشيطية داخل أسوار المعرض، فيما كان العنصر النسائي الأكثر إقبالا على شراء المعروضات المتنوعة التي تلبي جميع الأذواق خاصة وهو يمثل فرصة لغير المتزوجات لاقتناء مستلزمات عش الزوجية. وتقول الحريفة منية في هذا المجال: «أنتظر هذا المعرض منذ فترة لأقتني بعض التجهيزات المنزلية خاصة وأنا على أبواب الزواج لأن الأسعار تبقى دائما في متناول الجميع في مثل هذه المناسبات». والأكيد أن هذه الدورة الجديدة تعد فرصة سانحة لتلاقي الحرفيين والتجار لعرض منتوجاتهم وابتكاراتهم بعد فترة من الركود التي عاشتها بعض القطاعات على غرار الصناعات التقليدية، ويمثل كذلك مناسبة للبعض للتزود ببعض الحاجيات في ظل تعدد المعروضات وتنوعها، إلا أن المشاركة المحتشمة للعارضين الأجانب قد ينزع عن المعرض صفة «الدولية» وهو ما أكده كذلك الرئيس المدير العام لشركة معرض نابل الأخضر الجبالي خلال الندوة الصحفية. وكان السيد الجبالي اشرف مؤخرا على ندوة صحفية بمقر وزارة التجارة والصناعات التقليدية أشار خلالها إلى بعض الصعوبات التي يمر بها المعرض خاصة في ما يتعلق بفقدان إشعاعه الدولي سابقا وأرجع الأسباب إلى سوء تصرف الإدارات المتعاقبة عليه والنقص الواضح في التعريف بالمعرض في الخارج بسبب محدودية الإمكانيات كما أكد في إطار آخر أن الشركة المالكة للمعرض تسعى جاهدة لإعادة البريق إليه ليصبح «دوليا» بأتم معنى الكلمة وذلك من خلال العمل على تكثيف المجهودات لتشجيع البلدان العربية والأجنبية على المشاركة في المعرض حتى يكتسي بذلك الصبغة الدولية التي فقدها منذ مواسم طويلة، حيث عرف خلال السنوات الماضية تراجعا على مستوى المشاركات الدولية وانعدمت في دورات أخرى ويشارك في هذا المعرض 23 عارضا من الخارج خاصة من سوريا ومصر وليبيا من جملة 300 عارض، لكن الهيمنة كانت للمنتوجات والمعروضات المحلية، وقد أسرّ لنا بعض العارضين التونسيين بأن جل السوريين المشاركين يعيشون في تونس منذ سنوات وهم أنفسهم تقريبا الذين يسجلون مشاركاتهم سنويا.وقال لنا العارض غسان البير: «تسلمت المشعل عن أبي الذي لم يغب عن المعرض منذ أكثر من 40 سنة»، ولم يخف في الآن ذاته تذمره من تراجع إقبال الحرفاء في الدورات الفارطة ويأمل في تحسن الوضعية هذه السنة. ويضيف متحسرا: «في الماضي كان المشاركون في المعرض يأتون من جميع أصقاع العالم على غرار السينغال والهند والباكستان وإيطاليا وبلجيكيا ومصر...» ويتساءل عن الأسباب الحقيقية وراء احتجابهم خلال السنوات الفارطة.أحمد الحموي وهو عارض سوري صرّح بأنه مشارك وفيّ للمعرض حيث يشارك فيه للسنة العاشرة على التوالي، وقد تذمر من الإجراءات الديوانية المعقدة والمعاليم المشطة المترتبة عنها، وهو ما يفسر حسب رأيه غياب العارضين الأجانب على هذا الأساس. أما مجدي المصفار، وهو عارض مختص في بيع الأزياء التقليدية فأكد أن معرض نابل يبقى دوما الجهة المفضلة لديه، لأن «تكلفة تسوّغ الأجنحة مقبولة فيما وصلت في بعض المعارض الأخرى خاصة بتونس العاصمة إلى حوالي الضعف».تغيّب العارضون الأجانب خلال الدورات القليلة الفارطة من المؤكد أن له أسبابه، لكن عودتهم من الباب الكبير للمشاركة في أكبر معرض بالجمهورية رهين توفر خطة تسويقية وترويجية ناجعة تكفل عودة بريق المعرض وتكسبه صفة «الدولي» بكل امتياز.