عاجل: البرلمان يصادق بالإجماع على قانون استثنائي لتوظيف هؤلاء    جلسة عامة يوم الإثنين للنظر في مقترح قانون العفو العام عن جرائم إصدار الشيكات دون رصيد    بعد فضيحة ظهوره وهو يحتضن احدى الموظفات خلال حفل: شركة "Astronomer" تتخذ هذا الاجراء ضد رئيسها التنفيذي..#خبر_عاجل    عاجل/ عملية دهس في مدينة أمريكية..وهذه حصيلة الضحايا..    ترامب يحذر: بريكس "ستنهار سريعا" إذا شكلت يوما ما أي كيان فاعل    عاجل: صفقة جديدة لتعزيز وسط ميدان النادي الإفريقي    دليل التوجيه الجامعي يُتاح النهار هذا.. حضّر روحك    مسرحية "لاموضى" تحصد ثلاث جوائز ضمن مهرجان "ليالي المسرح الحرّ" بالأردن    هاو شنوّة يفسد التليفون في الصيف وكيفاش تحميه؟    كيفاش تحمي البيسي متاعك من السخانة؟    بدّل الجافيل بحاجات طبيعية تنظف وتفوح!    أبرز الأحداث السياسية في تونس في أسبوع : (من 12جويلية إلى 18 جويلية 2025 )    السجن 8 سنوات لمسؤول سابق في قضية فساد بالصناديق الاجتماعية    حماس تدعو إلى انتفاضة عالمية نصرة لغزّة: أوقفوا الإبادة والتجويع    افتتاح المقر الجديد لمركز علوم وتقنيات التراث بالحلفاوين    رغم مرور 10 سنوات من البطالة.. عاملات مصنع نسيج يناشدون الهياكل المعنية للحصول على مستحقاتهن المادية    اتصالات تونس والنادي الصفاقسي يعززان شراكتهما الاستراتيجية لثلاث سنوات إضافية    شنوّة معناها المثل التونسي ''تعاركت الأرياح، جاء الدرك على الساري؟''    بعد النزول بمعدل القبول ل 14... التعليم النموذجي وحتمية إعادة الهيكلة    تونس: كميات الحبوب المجمّعة تتجاوز 11 مليون قنطار حتى 17 جويلية 2025    عاجل/ اتخاذ جملة من الإجراءات للتوقي من المرض في ولاية أريانة..    صفاقس: تزويد المركز الصحي الأساسي الوسيط بتجهيزات طبية متطورة    من الأكشن إلى الكوميديا: أحدث الأفلام الجديدة على "نتفليكس"..    الصادق المورالي يشرف على جلسة عمل لمتابعة إعداد ميزانية وزارة الشباب والرياضة لسنة 2026    20 سنة سجن وغرامة مالية لمهاجر تورّط في تهريب الكوكايين عبر ميناء حلق الوادي    تنبيه هام لمستعملي الطريق الجهوية 36: غلق جزئي وأشغال توسعة بمفترق ميامي    كيف تبني علاقة صحية مع طفلك؟ إليك 6 نصائح بسيطة وفعّالة    شراكة تونسية – عراقية لفتح أسواق دوائية جديدة وتعزيز السيادة الصحية    ترامب: الإفراج عن 10 رهائن إضافيين من غزة قريبا    اليوم: الحرارة تصل إلى 44 درجة    الرابطة الأولى: اليوم سحب رزنامة الموسم الجديد    النادي الافريقي ينفي انهاء التعاقد مع المدرب محمد الساحلي    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات - منتخب المغرب يبلغ المربع الذهبي بفوزه على نظيره المالي 3-1    البطولة الافريقية للجيدو: تونس تحرز اللقب القاري    الإتّحاد المنستيري يٌلغي مقابلته الودية أمام الشبيبة القيروانية    واشنطن: اتفاق بين إسرائيل وسوريا على وقف إطلاق النار    جلسة عمل بولاية تونس لمتابعة تنفيذ 3 مشاريع معطلة    الرئاسة السورية تعلن "وقفا شاملا لإطلاق النار" وتحذر من خرقه    في يوم شديد الحرارة...الحماية المدنية تُحذّر    الإدارة الجهوية للصحة بالكاف: قريبا يتحول قسم الاشعة إلى قسم جامعي    تاريخ الخيانات السياسية (19) الرّاوندية يتخذون المنصور إلاها    الشيخ العلامة يونس بن عبد الرحيم التليلي (فريانة) .. موسوعة علوم ومعارف عصره    استراحة صيفية    صابر الرباعي يختتم فعاليات الدورة 44 لمهرجان العبادلة الدولي بسبيطلة    عاجل: للقادمين من تونس نحو المروج: تغييرات في المسالك المرورية نهاية الأسبوع    الستاغ تضع حزمة اجراءات جديدة لتسريع دراسة وربط محطات الطاقة الشمسية الفولطاضوئية    وزارة التجارة: خبر الألياف يتطلّب خطّة.. #خبر_عاجل    وزارة الفلاحة تعلن عن فتح موسم جني الحلفاء في هذا الموعد    لطيفة العرفاوي حول حفلها في عيد الجمهورية: "هذا شرف لي"..    الموسيقار محمد القرفي يفتتح مهرجان قرطاج الدولي بعرض "من قاع الخابية"    السبت.. ندوة حول التوجيه الجامعي للناجحين في الباكالوريا بجزيرة جربة    عاجل/ موجة حرّ متوقعة آخر هذا الأسبوع و الأسبوع القادم.. أهم مميزاتها والتفاصيل..    مهرجان قرطاج 2025: انتقادات قبل الانطلاق وسجالات حول البرمجة وسط تطلع لتدارك العثرات    زغوان: تقدم موسم حصاد الحبوب بحوالي 98 بالمائة    في سهرة مشتركة على ركح الحمامات: "سوداني" و"جذب" يحلّقان بالجمهور بين البوب والإنشاد الصوفي    أستاذ تونسي يُفسّر ''ناقصات عقل ودين''    وزيرا الفلاحة والتجارة يشرفان على اجتماع لمتابعة وضعية تزويد السوق بالمنتجات الفلاحية ومواجهة الاحتكار    طقس الجمعة.. الحرارة تتراوح بين 31 و36 درجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفراد من المجتمع المدني يتحدثون عن الاحتفال بعيد الشغالين أمام المسرح البلدي : احتفال أعاد رمزية الشارع...وعبر عن إرادة الشعب في حب الحياة
نشر في الشروق يوم 02 - 05 - 2012

كان إلى جانب زوجته، يشدو أعذب الأغاني الملتزمة، ويصفق ويبكي...دمعه على الخد يسيل، ويداه لا تهدآن تصفيقا وتحريكا... كهل يبدو وأنه جاوز الخمسين من العمر في غمرة تلك الأحاسيس التي عاشها ليلة أول أمس أمام المسرح البلدي.
توجهنا نحوه لنكتشف سرّ تلك الدموع فقال إنه لأول مرة يشعر بطعم الحرية وإنه لأول مرة يشعر بطعم الثورة... كل شيء أحسه كان لأول مرة ، لكنه لم يقل تلك المقولة الشهير : «هرمنا من أجل هذه اللحظات التاريخية».
هذا الكهل هو السيد علي (متقاعد) رفض التصوير لكنه لم يرفض التعبير...لأنه حضر أمام المسرح البلدي لأجل حرية التعبير وحق الشغالين...تملكته أحاسيس لم يقدر على وصفها...بيد أنه بكى...بكاء الفرح...وكفى.
كان الرجل واقفا تقريبا في الصف الأخير على الرصيف مع الجمع الغفير الحاضر أمام المسرح البلدي لكنه ليس الصف الأخير الذي إمتد إلى الشارع الذي يتوسط الأشجار...بدلته الرمادية لم تمنعه من التصفيق والتعبير بجسده عن أحاسيسه، كأغلب الحاضرين هناك في الصفوف الأمامية المكتضة.
أجواء منعشة وخاصة جدا لم يشهدها منذ سنوات عجاف، عاشها شارع الحبيب بورقيبة مساء أول أمس بتنظيم من الاتحاد العام التونسي للشغل في ذكرى عيد الشغالين تحت شعار «كرامة الشغالين من كرامة الوطن»...شعار أضاف له الحاضرون هتافا شعار: «شغل...حرية...كرامة وطنية».
حفل إستثنائي
وفي واقع الأمر، نظم الإتحاد العام التونسي للشغل ليلة أول أمس، حفلا فنيا، احتفالا بذكرى عيد الشغالين، أمام المسرح البلدي بالعاصمة وكان الحفل مفتوحا للعموم، حفل كرم خلاله الشغالين ومناضلي الاتحاد العام التونسي للشغل والشهداء والفنان الراحل الهادي قلة والشاعر الراحل عبد الحفيظ المختومي...وأثث هذا الحفل كل من الفنانين نبراس شمام (البحث الموسيقي) وجمال قلة، وياسر جرادي (فرقة ديما ديما) وامال الحمروني وخميس البحري (فرقة عيون الكلام) ولبنى نعمان (فرقة حسّ) بينما غاب أو تغيب «بنديرمان» الذي كان في البرنامج حضوره في احتفال «الاتحاد» بذكرى عيد الشغالين بينما قدمت الحفل ونشطته الحقوقية والشاعرة يسرى فراوس.
«نشبه الشعب والشعب يشبهنا»
وفي الوقت الذي كان فيه الفنان جمال قلة يشدو بأحلى الأغاني الملتزمة وفي غمرة نشوة الجمهور وتفاعله مع هذه الأغاني إتجهنا صوب كواليس المسرح البلدي... هناك وجدنا الثنائي آمال الحمروني وخميس البحري ينتظران الوصلة الخاصة بفرقتهم «عيون الكلام» للخروج «للشارع».
وقبل أن أبادرها بالسؤال سألتني الفنانة آمال الحمروني عن الإقبال الجماهيري فقلت إنه إقبال جيد زاده التفاعل وحفظ الجمهور للأغاني رونقا خاص...إجابة كانت كافية لطمأنتها...وبدموع ترقرقت في عينيها دون أن تخرج تأهبت للإجابة عن أسئلتنا لتتحدث في البداية بنشوة وإعتزاز عن أحاسيسها، تجاه هذا الاحتفال الخاص قائلة : «أنا سعيدة جدا...فمنذ يوم 14 جانفي 2011، وأنا محرومة من الغناء بشارع الحبيب بورقيبة، وبفضل الاتحاد تحققت رغبتي...اليوم أنا سعيدة... سأغني في شارع بورقيبة وفي عيد الشغالين...اليوم وصلنا لنقطة اللاعودة رغم بعض المخاوف التي مازالت تسكننا.
الشارع لنا، ولن يمرّوا على جثتنا...ولما لا، يصبح الاحتفال بعيد الشغالين، لا الشغل سنويا بشارع بورقيبة...» كانت آمال تتحدث بحيوية غير معهودة وبشحنة معنوية كبيرة جدا، كيف لا وهي التي خرجت وزملائها من القاعات المغلقة، ومن المواعيد غير المعلنة إلى الشارع الرئيسي بالعاصمة لتغني للشعب ويغني معها وهي القائلة «اليوم تأكد للجميع أننا نشبه الشعب والشعب يشبهنا... اليوم أكد الشعب أنه في هذا الشارع يعبر عن ذاته وسيظل ويوميا سيكتشف نفسه أكثر بعد كبت تواصل لعقود...إنه مذاق الحرية الحلو...آه ما أحلى الحرية...اليوم أنا واعية بأن صوتي لن يسكت في المستقبل...»
أجمل الكلمات في عيد الشغالين
صوت في الواقع أطلق عنانه مرددا «قمرة يا الوقادة» ليطفئ عطش الكبت والإقصاء من الشارع الذي هو من المفترض المكان الطبيعي للأغاني الملتزمة أو البديلة في كل الأوطان... صوت غنى كذلك جديد مجموعة «عيون الكلام» الأغنية التي تقول مطلعها :
إرفع رأسك في الفلوجة
إرفع رأسك في جينين
إرفع رأسك في بوزيد
إرفع رأسك في القصرين
ومنها أي الأغنية إلى أحلى ما غنى الشيخ إمام وغنى بالأمس الأول شباب وكهول ورجال ونساء وأطفال الاتحاد بشارع الحبيب بورقيبة ومن حضر منكم الإحتفال، حتما لن ينسى أصغر طفل في الاتحاد العام التونسي للشغل...الطفل سليم...الذي بمجرد أن أمسك المصدح بين يديه الرقيقتين أخرج صوت شاب أو رجل مسؤول ليرفع أغلى شعارات العمال والشغالين ويطلب من الاتحاد بكل جوارحه، أن يضمن كرامة الشغالين .
رمزية شارع بورقيبة
ونحن نتجول بين تلك الأعداء الغفيرة من الجماهير الحاضرة أمام المسرح البلدي، إلتقينا زميلنا كمال هلالي، الذي بدا هادئا ومتأملا «أكثر من اللزوم، بادرناه بالسؤال عن رأيه في الاحتفال ودون جزئيات لخّص موقفه قائلا : « هذا الاحتفال أعاد رمزية الشارع الرئيسي بالعاصمة، وأعاد الأغنية الملتزمة إلى مكانها الطبيعي (الشارع) وهذه الأجواء المنعشة لم نشهدها بل بقينا ننتظرها منذ 14 جانفي 2011، وكأنه إحتفال بالثورة وبالشغالين وبفصل الربيع...ونأمل أن تعم الفائدة على الشغالين وتتقلص البطالة وتنبت الثورة نباتا طيبا كنبات الربيع..»
عرس حقيقي
ولئن إختار كمال هلالي صورة الربيع وجماله للتعبير عن موقفه فإن زميلنا محمد سفينة إختار التشبيه البليغ للتعبير عن إحساسه والحديث عن حضوره المفاجئ لكل زملائه وهو الذي إحتفل مساء أمس بزفافه... يقول محمد سفينة بإبتسامة المعهودة : «أنا من الشغالين وهذا هو النصف الأول من حفل زفافي، وكما ترون نحن قادرون على الزواج في عيد الشغل واليوم العرس عرسين»...وأنهى حديثه بضحكته المميزة كالعادة.
إرادة الشعب في حب الحياة
الإحتفال بعيد الشغالين ليلة أول أمس كانت له نكهة خاصة والتعبير عنها اختلف من شخص لآخر فالسيد نور الدين الشمنقي كاتب عام نقابة المتفقدين للمدارس الابتدائية إعتبر هذا الاحتفال تعبيرة عن إرادة الشعب التونسي في حب الحياة ويؤكد بما لا يدع مجالا للشك على حدّ قوله، «قوة المجتمع المدني والحركة الديمقراطية في تونس ضد كل أشكال السلطة...سلطة الإستبداد بكل تمظهراتها : «الدينية والعرقية».
وأضاف السيد نور الدين الشمنقي موضحا : «الإتحاد العام التونسي للشغل، بهذه الإحتفالية، مثلما كان سيظل الرقم الصعب في المعادلة التونسية، لأن الإتحاد هو نصير المجتمع الحداثي وهو الذي يريد المستقبل».
احتفال بطعم الحرية
السيدة وسيلة العياشي عضوة المكتب التنفيذي بالاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس ذهبت إلى أن إحتفال أمس الأول ، هو إحتفال بذكرى عالمية، كنا نحتفل بها بكل مرارة على حدّ تعبيرها في السنوات الفارطة وأضافت : «كنا محرومين من مثل هذه الأجواء الاحتفالية، وحتى إحتفالاتنا كانت تلتئم في فضاءات مغلقة واليوم كما ترون الاحتفال مفتوح للجميع وإحساس بطعم الحرية نعيشه في هذه اللحظات بفضل الشهداء والمناضلين الذين دفعوا الثمن في سنوات الجمر».
إحتفال أمس الأول كان إحتفالا ناجحا، وإستثنائيا وهو ما أكده عدد كبير من الحاضرين وربما سيكون الاحتفال عالميا لو حضره مارسيل خليفة وأنشد «شدوا الهمة...الهمة قوية» ولو أن الحفل نجح رمزيا كأفضل ما يكون وكما قال خميس البحري في الحفل «كنا ندخل المسرح البلدي لنغني به ، واليوم نخرج من المسرح البلدي لنغني بشارع بورقيبة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.