الدكتور شكري الحمروني من مؤسسي حزب المؤتمر وأحد منظريه قبل ان يقرر الانسحاب ليعود اليوم بعد ان ساءت وضعية الحزب عودة جاءت لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر بين المتخاصمين. فهل يعود بعودته الوفاق صلب الحزب ؟ وكانت عودة الحمروني من خلال التقائه بأعضاء الحزب من الطرفين واستمع لمختلف وجهات النظر' الشروق التقته في هذا الحوار لمعرفة كواليس الاحداث داخل حزب المؤتمر. كيف تقيم وضع البلاد 6 أشهر بعد الانتخابات؟ وضع قلق متوتر, لعل ابرز ملامحه تنامي ظاهرة المطلبية والضغط اللامنقطع على أصحاب القرار من أجل تلبية الانتظارات وهي كثيرة والخروج بالبلاد من المرحلة الانتقالية وعدم اضاعة الوقت. ألا ترى ان العديد من التحركات توجهها اطراف ليست لها مصلحة في نجاح الحكومة الحالية؟ أنا لا أميل الى التفسيرات التآمرية بل ادعوالى قراءة الاحداث من زوايا مختلفة. فالتونسيون علقوا آمالا كبيرة على هذه الحكومة لا سيما بعد فترة انتخابية اتسمت بالتطمينات والوعود هذا من ناحية .ومن ناحية اخرى فان عودة اهتمام التونسي بالشأن العام و«فرط السياسة» يؤدي بالضرورة الى «فرط المطلبية «.ولكن لا بد من الاقرار أيضا ان بعض القوى السياسية والمدنية اختارت المعارضة على المشاركة وسياسة الكراسي الفارغة على المساهمة في ادارة الحكم في هذه المرحلة مما ولد شعورا متناميا بسعيها لتعطيل عمل الحكومة وافشال تجربة الحكم الجديدة. وكيف تقيم اداء الحكومة؟ الصعوبات التي تعيشها لا يمكن ان تفسرها بغياب «إرادة الاصلاح» بل بغياب «إدارة اصلاح» ناجعة. فنقص التجربة وقلة الالمام ببعض القضايا والوقت الذي يستوجبه فهم الملفات ودراستها واتخاذ القرارات في شأنها ومقاومة التغيير في بعض الفضاءات الحيوية أدى الى ما يعتبره البعض بطئا والبعض الاخر ترددا في اتخاذ القرارات وتنفيذ البرامج. أنت واحد من مؤسسي حزب المؤتمر من اجل الجمهورية. ما رأيكم فيما يحدث داخله اليوم؟ أنا أتابع باهتمام شديد ما يحدث داخل المؤتمر ويؤسفني حالة التجاذب التي يعيشها من مدة. فكما يمكن ان تآكل الثورة أبناءها يمكن للمؤتمر ان يأكل أبناءه. لن يكون المؤتمر بالأكيد هو نفسه بدون أم زياد أو عبد الرؤوف العيادي أو عماد الدائمي أو محمد عبو فهؤلاء واخرون هم روح المؤتمر وذاكرته. ولن يقدر أي حزب على الاستمرار دون روح ودون ذاكرة.. ما حقيقة ما يُروّج من أنك تدخلت للإصلاح بين الفريقين المتنازعين في الحزب؟ العلاقة الحميمية التي تربطني بقيادات المؤتمر وتقبلهم بابتهاج وساطتي من جهة ومن جهة اخرى حرصي على عدم اضعاف المؤتمر كطرف محدد في تثبيت التوازن السياسي في البلاد وتجنيبها المعارك العارية والمفتوحة بين طرف سياسي وحيد (النهضة) وبقية مكونات المجتمع السياسي والمدني ,ثم ان المؤتمر هو ضمير الثورة والحفاظ عليه هو الحفاظ على الثورة. وهناك سبب اخر : دين تجاه عبد الرؤوف العيادي الذي عرض نفسه للإيقاف وبطش البوليس السياسي اثر ايقاف زوجتي وابنتي عند عودتهما الى تونس بعد اكثر من 10 سنوات في المهجر سنة 2002 . هل ان أسباب الخلاف في المؤتمر شخصية ام سياسية؟ لا تكاد تخلو تجمعات بشرية من الخلافات الشخصية ومن المجحف تفسير ما يحدث داخل المؤتمر بصراع بين شخصين ..فهذا من شانه ان يسقط عنهما قيمة الشعور بالمسؤولية ونكران الذات.. الحقيقة ان المؤتمر يعيش مخاضا عسيرا يقتضي منه التحول من حزب الهيئات الانتخابية الظرفية الى حزب الهياكل القارة من حزب المعارضة الى حزب الحكم من حزب الشعارات الكبرى الى حزب البرامج والمشاريع من حزب الافراد الى حزب المؤسسات طبيعي ان يحدث تباين في تصور مستقبل الحزب لا سيما وقد تنوعت المنطلقات والاولويات (الحزب الائتلاف الحكومة المجلس التأسيسي)..لا يمكن ان تذيب الجليد ويردم هوة الخلاف الا مشروع جامع طموح يحدد ملامح المرحلة القادمة ويجعل من المؤتمر من اجل الجمهورية بديلا ومنافسا جادا على السلطة وحلقة مهمة في تحقيق اهداف الثورة وانجاح المسار الانتقالي.. هل يعني هذا عودتكم الفعلية للحزب؟ اهم من عودتي هي عودة الوفاق داخل الحزب . ثم اني لن أعود الى حزب يتخلى عن روحه وذاكرته , ولن أعود الى حزب فيه منتصر ومهزوم , اذا عاد الانسجام والوفاق فربما أعود. هل تشاطر رأي من يقول ان المعارضة تبحث عن هزم النهضة بدل ان تسعى لكسب الشعب؟ لا أصنف المعارضة في خانة واحدة فتركيبتها اكثر تعقيدا وتنوعا مما نتصور ففيها المخلص الوطني الذي لا نشكك في نزاهته وحرصه على انجاح المسار الانتقالي والعملية الديمقراطية من وجهة نظره ومرجعيته وهناك من لا يتمنى لهذه الحكومة النجاح دون ان يمر الى الفعل بل خيّر وضع المشاهد والمترقب متوقعا أو منتظرا فشل الحكومة حتى يجني «الثمار» وهناك من يسعى قولا وفعلا الى اضعاف الحكومة والتركيز على اخفاقها وإنهاكها في انتظار الاستحقاق الانتخابي القادم .ان الوعي بأن من تنسب لهم صفة المعارضة هم متنوعون ومختلفون في مقاربتهم وممارساتهم هي مقدمة ضرورية للتعامل مع المخلصين منهم ودفعه نحو المشاركة في عملية إدارة السلطة وبالتالي عزل الاطراف التي ينسب اليها التخريب ومزيد فضحهم.