في 256 صفحة من الحجم المتوسط وفي طبعة أنيقة صدر لرجل الثقافة الأستاذ البشير السالمي كتاب «شرعية الثورات ضدّ أنظمة الطغاة». جاء هذا الكتاب بتوطئة و3 فصول رئيسية. هذه الفصول هي: علاقة النظام السياسي بالمجتمع المدني الخلفية الاستعمارية للمظلة الفرنكفونية في جرائم الأنظمة الغربية وموالييها وتتفرع هذه الفصول الرئيسية الثلاثة الى عدّة أبواب تفصيلية لها علاقة بالواقع الذي نعيشه في تونس وهو يثير بتمحيص وتدقيق معضلة استمرار الأنظمة الاستبدادية في فرض قانونها الخاص بها دون احترام للأعراف والقوانين.
وخلص رجل الثقافة الأستاذ البشير السالمي في هذا المؤلف القيّم الى أن الحكام العرب بعد التخلص من الاحتلال الأجنبي خيبوا من خلال ممارساتهم توقعات شعوبهم وانتظاراتهم... حيث وجدت هذه الشعوب نفسها تحت سلطة استعمارية جديدة من خلال خنق الهوية واحتضان لثقافة بديلة والتعاطي مع اقتصاد رأسمالي متوحش وغيرها من الممارسات والسلوكات السلطوية التي سلبت الشعوب العربية هويتها ومقوّماتها الحضارية...
هذا الوضع المزري مثل الحافز الأكبر لهذه الشعوب كما أبرز ذلك المؤلف للتحرك في وجه هذا الاستعمار الجديد الذي تقوده السلطة الحاكمة، حيث كانت البداية بالكلمة الجريئة وصولا الى الثورة الشعبية العارمة التي وضعت حدّا لأنظمة شمولية.
ولا غرابة أن يتوقف الأستاذ البشير السالمي عند ضرورة إعلان ثورة ثقافية تعيد للتونسي ذاته وخصوصياته الابداعية التونسية العربية وتحرّره من كابوس الانبهار المزمن بالغرب المنافق المستهتر بحقوق المجتمعات العربية والاسلامية.
نقول لا غرابة على اعتبار أن الأستاذ البشير السالمي من دعاة التنوير الثقافي وهو من أشد المدافعين عن الخصوصيات الابداعية التونسية العربية... ويبقى كتابه «شرعية الثورات ضد أنظمة الطغاة»، شاهدا على مثل هذا التوجه في كتابات صاحبه.