أخبار تونس - يعد كتاب “التحليل والتأويل: قراءة في مشروع محمد عابد الجابري”، آخر كتاب صدر بتونس عن المفكر المغربي الراحل مؤخرا محمد عابد الجابري، والكتاب ألفه المفكر التونسي علي المخلبي ضمن منشورات كارم الشريف« لصاحبها الإعلامي كارم الشريف. ويندرج المؤلف الجديد ضمن السلسلة الفكرية، وهو الكتاب الأول من مجموعة كتب ستصدر عن نفس المنشورات تحت محور “في نقد الفكر العربي” وفيها سيهتم مجموعة من خيرة المفكرين التونسيون والعرب، بإعادة قراءة كتابات رموز الفكر العربي، وفق رؤية بعيدة عن كل أشكال التكرار وأنماط الاجترار والتأثر الأعمى . وجاء الكتاب الذي أشرف على تنفيذه فنيا الفنان التشكيلي التونسي حسين مصدق وتقوم بتوزيعه “الشركة التونسية للصحافة” داخل تونس وخارجها، في طبعة أنيقة من الحجم المتوسط تضم 186 صفحة طبعت بمطابع ” المغاربية للطباعة وإشهار الكتاب”، ويتوزع على مقدمتين الأولى خصصت لتقديم البحث والثانية موضوعها “النص وهامشه” وست فصول وخاتمة تتناول بالقراءة والنقد المسيرة الفكرية و البحثية للدكتور محمد عابد الجابري، وهي “تأسيس القول في الماضي” و”الحج و”الحج الأكبر” و”المضمون الإيديولوجي في خطاب الجابري” و”الطرح الإيديولوجي” و”التأويل والقياس “و”في الخطاب التراثي”. ويكتسي الكتاب أهية بالغة لثلاثة أسباب، أولها انه يعتبر مرجعا لقراءة مشروع الدكتور محمد عابد الجابري بصفة خاصة و بقية مشاريع نقد العقل العربي وقراءة الفكر العربي وتأويل الخطاب التراثي و دراسته بصفة عامة. كما أن الكتاب أول أطروحة أكاديمية تكتب عن فكر الجابري في الوطن العربي، إذ أن صاحبها أعدها سنة 1988 ونال بها شهادة الكفاءة في البحث- الماجسير- تحت إشراف المفكر التونسي الكبير المرحوم الدكتور سعد غراب العميد السابق لكية الآداب بمنوبة، وكان عنوانها “الحاضر بإزاء الماضي: دراسة تحليلية و نقدية في مؤلفات محمد عابد الجابري”، وضمت لجنة المناقشة الدكتور كمال عمران والأستاذ الباجي القمرتي، فضلا عن أنه آخر كتاب يصدر عن الجابري في حياته . ينخرط هذا الكتاب في صلب إعادة الوعي بما ينتجه الفكر العربي المعاصر من قضايا، خصوصا بعد التحولات الهيكلية التي شهدتها الساحة السياسية والفكرية، كقضية الحرية والديمقراطية وعلاقتها بالتنمية، أو قضية العلوم وتطور مناهجها سواء في إطار الاختصاص، ضمن العلوم الإنسانية عموما، أو في إطار الفلسفة والابستيمولوجيا، أو قضية الأصالة والمعاصرة. ويرى الكتاب أن هذه القضية الأخيرة هي التي تخترق كل القضايا السابقة وغيرها من المسائل التي تتفرع عنها، فهي قضية جوهرية لا تستقر عند حدود الإشكال الذي تفيض فيه الأقوال وتتكاثر فيه الأطروحات وإنما يرتقي إلى ما وراء ذلك فقضية الأصالة والمعاصرة أو التراث والتجديد ليست موضوع التفكير بل إنها تصوغ طريقة التفكير، إذ هي تمثل الموضوع والمنهج في آن واحد. ويشير الكتاب إلى أن هذه القضية قد وصلت إلى ما يمكن اعتباره مأزقا ابستيمولوجيا يحتم العمل على تحويلها إلى إشكال آخر يفتح آفاقا جديدة تثري عملية النظر في الدواعي التي أنتجت إشكالية الأصالة والمعاصرة، كداعي التقدم، والارتقاء والقوة والمواجهة، أو تدعيم الثورة أو إرساء الديمقراطية... ولقد استوجب العمل على بيان المأزق الذي وصلت إليه إشكالية الأصالة والمعاصرة الانكباب على نص أحد رواد هذه الإشكالية وأحد من كرّس جزءا هاما من نشاطه العلمي والفلسفي في بلورتها والوصول بها إلى مداها الأعلى: وهو محمد عابد الجابري في مشروعه “نقد العقل العربي”. ومؤلف الكتاب الأستاذ علي المخلبي باحث وناقد ومترجم تونسي متخرج من دار المعلمين العليا سنة 1985 ويعد شهادة دكتورا موضوعها الأساطير ومقارنة الأديان وله العديد من البحوث والدراسات والمقالات الفكرية حول التراث والأديان وراهن الفكر العربي منشورة في الدوريات والمجلات العربية المختصة وصدرت له ترجمة لكتاب سامي النير “الإمبراطورية في مواجهة التنوع”، ليبيا سنة 2007.