لا أحد يمثلني في المجلس التأسيسي لأنني لم أنتخب أحدا ولم أعرف من الوجوه المترشحة أحدا ولا من الوجوه الفائزة وجها إلا في التلفزة حيث تتزين و«تتمكيج» كل الوجوه وتتغيّر وتتبدل وتتلوّن إذ لم يعد في هذا الزمان من يؤمن بأن «الرجال بوجوهها» وإنما الوجوه بالتلفزة. نعم، لا يمثلني أحد. فالمستقل يمثل نفسه والمتحزب يمثل حزبه والمنشقون عن أحزابهم يمثلون شقوقهم والمتكتلون يمثلون كتلهم ولكل منهم حصانة وأجر ومنح وامتيازات من بيت مال الثائر لا يهم إن كان هذا وعيا وحصانة رأي مني أم هو غباوة وتخلّف ذهني مقيت فالمهم عندي هو ما أرى وأحس وأسمع تحت قبة المجلس. أقلية وأكثرية الأولى مغلوبة والثانية غالبة وما بين الغالب والمغلوب أضرب كفّا بكفّ وأقول «اللّه غالب» بقى الشعب مغلوبا على أمره، حمدا لك يا رب لم أنتخب أحدا لا أكثريا ولا أقليا ولا تكتليا ولا مستقلا ولا غالبا ولا مغلوبا وإلا لكنت محجوجا أمام نفسي عمّن انتخبتهم وركبورا صهوة الغيابات عن الجلسات أو ركبوا على تدليس التصويت أو امتطوا ظهر التشكيك في بعضهم البعض مما جعل الأقلية لا تنطبق عليها مقولة «قلل ودلل» والأكثرية ينطبق عليها قول الناصحين «كثّر من العسل يمصاط» خاصة إذا ثبت أن غرباء يؤمون المجلس ويجلسون تحت قبته..
وكأن قبة المجلس هي قبة المنزه أو هي من قباب زوايا الأولياء الصالحين ولا أحد يدري إن كان هؤلاء الغرباء جاؤوا لإشعال الشموع تحت هذه القبة أم لإشعال النار فيها. والحال أننا لم نر شموعا وإنما نرى دخانا في المجلس يحدّ من الرؤية بين الكرسي والكرسي، أم أن هنالك من سمع بالحديث عن تقاسم الوليمة في الحكم فتراءى له في المجلس «زردة» فزار القبة وتربع تحتها ثم شمّر على ذراعيه ومد يده للبركة وقال «الشي للّه يا سيدي التأسيسي يا بو قبّة يا جامع الفرقاء من أجل الفقراء للحرية والشغل والكرامة» أو هكذا يزعمون والله أعلم.