استضافت مؤخرا جمعية «ميثاق» للتنمية فرع باجة السيد محسن مرزوق والسيدة سعيدة قراج وتناول موضوع آفاق المساواة بين المرأة والرجل في الدستور التونسي الجديد وشاركت في التنظيم منظمة العفو الدولية وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية .. مكتب باجة «الشروق» . فعاليات الندوة تمحورت حول حقوق المرأة والمساواة بينها وبين الرجل فيما اتسمت كلمة محسن مرزوق بالطابع السياسي حيث تحدث عن الانتقال الديمقراطي في تونس وشروط نجاحه..
وقد عرجت السيدة سعيدة قراج على مسائل من نوع المساواة بين المرأة والرجل في دستور تونس الجديد وأشارت إلى ضرورة الدفع الى الأمام في هذه المسألة وعدم القطع مع ماضي البلاد ورصيدها التاريخي المتميز بالتقدم النوعي في مجال حقوق المرأة انطلاقا من الطاهر الحداد وصولا الى مجلة حقوق المرأة مرورا بنضالات المرأة التونسية في هذا المجال منذ مرحلة الاستقلال وطرحت مسائل تعتبر الى حد اليوم من المسكوت عنها وهي مسالة المساواة التامة بين المرأة والرجل ومسألة الميراث وأجابت عن تساؤلات للحاضرين حول المسألة مستشهدة بمراجع فقهية قالت انها تؤيد فكرة المساواة في الميراث على غرار الشيخ السوداني حسن الترابي كما ربطت مسالة توزيع الميراث بالتطور الاجتماعي والذهني والظروف التي تعيشها المرأة والرجل واعتبرت ان المرأة تعمل اكثر من الرجل لذا وجب أن تنتفع بكل الحقوق التي ينتفع بها الرجل
من جهة اخرى تحدثت الضيفة عما تعيشه المرأة في تونس الداخل من مشاكل وظروف صعبة على غرار المرأة الريفية والمرأة العاملة وايدها في ذلك جملة من المتدخلين وخاصة من المنتمين لجمعية ميثاق في حين شهدت تدخلات اخرى تعارضا مع اراء سعيدة قراج.
السيد محسن مرزوق قدم محاضرة سياسية بامتياز حيث تحدث عن شروط الانتقال الديمقراطي في تونس وقدم مقارنات بين ما حصل في تونس بعد الثورة وبين الثورات في العالم على غرار جنوب امريكا وشرق أوروبا .....وقال ان دراسة ما وقع في تونس لا يجب ان تقتصر على مرجعية الثورة الفرنسية دون غيرها ويجب توسيع دائرة الرؤى.
وقد فسر مرزوق ما حصل في تونس يوم 14 على أنه غير مفهوم فى اشارة الى هروب بن على ولمح الى وجود عوامل او شخصيات او قوى دفعت به الى الهروب دون ان تؤسس لما سيحدث بعد ذلك في اشارة الى حالة الفراغ التي وجد التونسيون فيها انفسهم في تلك الفترة وقال بصريح العبارة ان ما وقع هو من «صنيعة اشخاص دفعوا بهروب الطاغية ثم تخفوا ولا يزالون متخفين الى حد الساعة».
من جهة أخرى سعى مرزوق الى تقديم مقاربة حول الانتقال من الحالة الثورية الى الحالة الديمقراطية وقال ان ما وقع في تونس هو غياب الرؤى والتصورات حول البديل الديمقراطي وغياب شخصيات تتقن الفعل السياسي ومن هنا تعددت الاراء وتضاربت حول ما يريد التونسيون ان يفعلوه ,كما نشأت وحسب رأيه افكار لا تمت للثورة وللفعل الديمقراطي بصلة وهي فكرة القطيعة التامة مع الماضي والبناء من جديد وقال ان من اخطر الاشياء هو تغييب تاريخ البلاد والتنكر لرصيده ومحاولة البناء من الصفر على غرار ما يقع اليوم في تشكيل الدستور الجديد لتونس مذكرا أن مجمل ثورات القرن العشرين لم تؤسس من الصفر ولم تتبن فكرة القطيعة بل استلهمت من الماضي وتصورت الحاضر وضرب مثال الزعيم نلسون مانديلا الذي جلس مع جلاديه وحاورهم واسس معهم دولة جنوب افريقيا بعد مرحلة الميز العنصري .
كلمة الباحث في مركز الكواكبي تضمنت رسائل للمعارضة وللحكومة حيث دعا كل من لم ينجح في الحضور في المجلس التأسيسي ألا يترك المجال مفتوحا في مسألة صياغة الدستور وأن يلعب المجتمع المدني دوره في الضغط للتصدي لكل محاولة لتحريف الدستور او إخراجه عن سياق التاريخ والثقافة التونسية اضافة الى القيم الكونية كالحرية والديمقراطية .
وفي نفس السياق دعا مرزوق المعارضة الى التنظم وتقديم بدائل ومشاريع حقيقية وعدم الاكتفاء بدور نقد الحكومة او لعب دور الضحية. كلمته للحكومة كانت متركزة على ضرورة الاستماع الى الرأي الحكيم حتى وان كان خارج المجلس التأسيسي قائلا انه لا يعني ان تكون الحكومة اوالمجلس شرعيا حتى تكتب الدستور خارج اطار المجتمع.