عندما تتحدث أوساط كرة القدم الفرنسية عن الأزمة التي ستحدثها كأس أمم افريقيا لمختلف الفرق المحترفة وبالدرجة الأولى مرسيليا مثلا ندرك الحجم الذي أصبح يميز اللاعب الافريقي عالميا فالمائة وخمسة لاعب نيجيري والتسعون لاعبا كامرونيا الموزعون على مختلف الاندية العريقة الأوروبية صارت اوزانهم فاعلة ومؤثرة على النتائج الفنية. اللاعب الافريقي اصبح وجهة كرة القدم المحترفة، فهو يلعب بلا حسابات وتكون غالبا دوافعه فنية بحتة بالنظر الى التكلفة المادية للاعب الاوروبي. فنيا، هو يستمد خطورته أساسا من اللياقة الجسمانية والقوة العضلية وجملة من المهارات البدنية كالليونة (souplesse) الخفّة (agilité) والسرعة وغيرها. اللاعب الافريقي غالبا يميل الى اللعب المباشر بدون تعقيد وهو يخير التمريرة الأمامية على الورائية في أغلب الحالات وهاجسه هو الاقتراب من مرمى المنافس بأقل اللمسات وبالاستبسال والارتماء والانزلاق الارضي نحو الكرة بدون خوف من الاصابات... والالتحامات من عدّة زوايا ومن بعيد. التصويب هو ايضا من مفاخر اللاعب الافريقي ويقوم بذلك بصفة طبيعية اي بدون تعقيد وبالتفتيش عن المساحات وأحيانا يفاجئ بالتصويب حتى في حالات لاتوازن DESEQUILIBRE. * مهارة المقاومة الفيزيولوجية (RESISTANCE) تمكنه من الضغط على حامل الكرة في المواقع المتقدمة بدون تروّ او تفاعل جماعي مادام جسمه جاهزا فهو يتولى ذلك فرديا (وكم من مرة فوجئ الحراس بانزلاقات المهاجمين نحوهم في سابق الكؤوس الافريقية). * دفاعا هو «مقاتل» اذ ينازع بدون كلل او ملل على الكرة حتى اذا راوغته وأرديته أرضا فهو يقوم بسرعة فائقة بالتدارك لردّ اعتباره في ظرف زمني وجيز وان لزم الامر أحيانا يرتكب مخالفة. * محاصرته للمنافس من الخلف فيها الكثير من الاستفزاز والدفع باليدين والمناكب والكتف والصدر ومسك القميص وارتكاب المخالفات واذا كلف بمحاصرة من إطاره الفنّي فهو يتبع منافسه المباشر كظلّه ويشعره بذلك منذ بداية اللقاء حتى يضغط على معنوياته. * تنفيذه للتماس يستعمل فيه كل قوّته العضلية حتى تربح الكرة مساحة كبيرة من الميدان وحتى يعسر على المنافس خطفها وهي عالية. * سرعته كبيرة لعكس الهجوم والتمرير اماما في المساحات الورائية مع الاعتماد على الجري بالكرة والتنافس «كتفا لكتف» مع الوثب المتميز لاجتناب التدخل الارضي للمدافع. * عند النزاع على الكرات العالية يستعمل أقرب جزء من جسمه للمس الكرة ولا يهم ان كان سيرتفع عاليا مع رفع القدم ايضا في حركة شبيهة بحركات «رياضات المبارزة» او ان كان سيسطعها بمؤخرة رأسه فالمهم هو ادراك الكرة قبل المنافس مهما كانت وضعيته او المسافة الفاصلة عن الكرة. * قدرته على تحمل الاصابات ومواصلة اللقاء رغم الالام التي تلحقه من التدخلات العنيفة تنيرنا ايضا على الاستعدادات الجسمانية (Pre-dispositions) من ناحية وقيمة التحضير العضلي الذي أصبح يخضع له في مختلف النوادي الأوروبية. * حرّاس المرمى الأفارقة لهم قامة وتركيبة جسمانية هائلة لا تؤثر سلبا على خفتهم (Agilité) في الارتماءات والقفز العالي والقيام من الارض وغيرها من حركات ردّ الفعل... وأهمّ من ذلك قدرتهم على المحافظة على المعنويات ولا أدلّ على ذلك من تألق السينغال في كأس العالم الأخيرة بالحارس الثالث لموناكو. * المهاجم الافريقي ايضا يدعو للاستغراب احيانا فهو حتى مستحوذا على الكرة يرتكب مخالفات باستعمال المناكب واليدين دون ان يتفطّن اليه بعض الحكّام. بصفة عامة اللاعب الافريقي لدود، مقاوم، مجهوداته على الميدان لا تنقطع فهو مداوم (Endurant) منازع الى آخر لحظات اللقاء، سريع في العدو والتوقف وتغيير الاتجاه بالكرة او بدونها. * فيزيولوجيا يتوفر له ذلك بفضل ما تحتويه عضلاته من خاصيات لأغلب «السمر» اذ المعروف عنهم سهولة تنقل الأوكسيجين في الدم لغزارة مادة الايموقلوبين» لديهم. * نفسانيا نحن نتصور ان 80 من اللاعبين الأفارقة ينشؤون في وسط فقير فتصبح الكرة والاحتراف بالذات منفذا لديهم لتحسين أوضاعهم ومواردهم فيولّد هذا الاحتياج غيرة شديدة على الكرة في الميدان حتى في ظل امكانيات فنية متوسطة. وفي الأخير نقول ان الامكانات البدنية للاعب الافريقي تزاوجت مع الرصيد الفني الذي اكتسبه من مغامراته الاحترافية في الفرق الاوروبية مما عقّد مهمة اللاعب الشمال افريقي وجعله لا يحصل على أكثر من كأس افريقية واحدة مدّة الاثنتي عشرة سنة الأخيرة (مصر 1998).