أثار موضوع عودة التعليم الزيتوني وارجاعه وسطا بين أوساط المفكرين والمتابعين... وكثرت التساؤلات حول امكانية تعويض التعليم الزيتوني للتعليم الحديث بأصوله... كما شكك البعض في قدرة طلبة اليوم على استيعاب التعليم بقواعد تقليدية... واعتبر البعض الآخر ان لا سبيل للعودة الى الوراء. «الشروق» فتحت تحقيقا في الموضوع وحاولت جمع كل الآراء بين المواطنين والوزارات المعنية وجامعة الزيتونة والهيئة العلمية للتدريس بجامع الزيتونة. بداية الجولة كانت بين صفوف المواطنين لمعرفة ردود فعلهم حول عودة التعليم الزيتوني وارجاعه بصنعته التقليدية.
هوية وأصالة
يقول بلال متصرف ان التعليم الزيتوني كما عرف قديما كان معترفا به وكان جامع الزيتونة يخرج أفواجا من المختصين وكانت له سمعته الجيدة واعتبر ان عودة التعليم الزيتوني له قيمته كجامعة لكنه لا يجب ان يقصي التعليم الحديث والمدارس. واعتبر ان الدراسة الحديثة لها قواعدها ويجب ان تستمر وان رجوع التعليم الزيتوني لا يعني شكل التعليم الحديث بقواعده.
بدوره اعتبر فيصل وشتاتي (تقني) وهشام (طالب) أن فكرة ارجاع التعليم الزيتوني هي فكرة جيدة، وأن قيام العلوم الدينية لا يلغي استمرار العلوم الحديثة وقال هشام ان التشبث بالأصل واجب فمن لا حضارة له وماضي لا مستقبل له.
ويرى كل من فيصل وهشام ان عودة التعليم الزيتوني فرصة لغرس القيم وعودة المبادئ والعلوم الدينية وتخريج أئمة وخطباء وهو ما يحتاجه المجتمع للتقدم... واعتبرا أن رجوع التعليم الزيتوني لا يتعارض مع تواصل دور المدارس.
ويقول هشام ان عودة التعليم الزيتوني هو شكل من الحفاظ على الهوية والتعبير عنه، لكن لابد في الآن نفسه من الالمام بالعلوم الحديثة والتكنولوجيا واعتبر فيصل ان جامع الزيتونة ارتبط اسمه بكبار العلماء وبالفترة الذهبية من عمر البلاد.
من جهته اعتبر علي الهمامي (عامل) أن كل الاطارات القديمة قد تخرجت من جامع الزيتونة... وكان للجامع علماؤه وأن وجود ورجوع التعليم التقليدي لا يجب ان يقصي المدارس والمعاهد والأصول التربوية الحديثة.
لا رجوع الى الوراء
بعيدا عن الآراء التي رحبت بعودة التعليم الزيتوني جنبا الى جنب مع التعليم العصري تعتبر بثينة (موظفة) وأم لطفلين أنها لا تتخيل تدريس أبنائها بطريقة تقليدية وتقصيهم عن النهل من العلوم الحديثة.
وتعتبر بثينة ان التعليم الزيتوني قد ولى عليه الزمن، وأنه غير صالح لهذا الزمان ولا لتقديم شهادات معترف بها. وتضيف هذه المواطنة أنه بالامكان تقديم دروس دينية أو خطب بصفة اختيارية لكن لا يمكن تقديم تعليم بأصوله.
من جهته اعتبر السيد ناصر (موظف) أنه «من الغباء» العودة للتفكير في ارجاع دروس وشهادات زيتونية في عصر تشهد فيه العلوم في العالم وطرق التدريس الحديثة قفزة نوعية وقال انه بالامكان توسيع رقعة دروس التربية أو تقديم العلماء والأيمة لدروس في بهو الجامع لكن هذا لا يخول لها تعويض أو اقصاء طرق التعليم التقليدية. ولم يختلف محمد علي (مهندس) عما ذهب اليه السيد ناصر قائلا انه وان أعطي له الخيار لتدريس ابنته الناشئة فإنه سيضعها بمدرسة خاصة وقد تكون فرنسية أو انقليزية حتى يتوفر لها سبل النجاح في هذا العصر أما التعليم الزيتوني فخطوة الى الوراء ورجوع الى الوراء.