قطاع النقل البحري من القطاعات الحيوية في الاقتصاد الوطني وهو يعرف كغيره من القطاعات من مصاعب بالجملة يتحدث عنها السيد فريد عباس في هذا الحوار مع «الشروق» لماذا ظلت مساهمة القطاع الخاص في النقل البحري ضعيفة في تونس؟
قطاع النقل البحري في العالم أغلب المستثمرون فيه من القطاع الخاص لكن في تونس فان سياسة الدولة حرصت على أن يكون القطاع محتكرا من الدولة و تواصل هذا الخيار إلى غاية 1992 لما تقرر فتحه إلى الخواص التونسيين وقد دخلنا القطاع سنتها ومع الأسف فان كل المبادرات التونسية أو لنقل أغلبها تعرضت إلى صعوبات أهمها المحيط الجبائي الذي لم يكن ملائما للنشاط البحري وكذلك المحيط الاجتماعي والجانب المالي من ناحية الاستثمارات الثقيلة.
كما لم يكن هناك وعي لدى عديد الناشطين في المجال الصناعي والاقتصادي لتوحيد رؤاهم وايجاد تكامل بين النقل البحري وسياسة التصدير التي وضعتها الدولة ومع الأسف ترسخت عقلية مفادها تفضيل المؤسسات الوطنية أو المنتصبة بتونس التعامل مع مؤسسات نقل بحري أجنبية على المؤسسات التونسية وهو ما أدى إلى مغادرة عديد المؤسسات القطاع بعد الصعوبات التي تعرضت اليها ونحن لا نطالب امتيازات خاصة بل فقط المعاملة بمثل ما تعامل به المؤسسات الأجنبية دون أن تعرض عليها شروط أعسر فالمؤسسات التونسية لا تقدر على منافسة المؤسسات الأجنبية التي تتمتع باعفاء جبائي فالمؤسسة التونسية لا تقدر على مجابهة كلفة الاستثمار والصيانة وبقية التحديات الموجودة أمام القطاع.
المعطى الثاني الهام هو حرية التشغيل في القطاع فالأجور في قطاعنا تتجاوز بثلاثة أضعاف وأكثر الأجور العادية لكن هناك في المقابل حرية تشغيل اذ تمنعنا قوانين البحرية التجارية حق التعامل بعقود محددة المدة فأي فني فوق السفينة يتقاضى 5 الاف دينار وربان السفينة 10 آلاف دينار ولكن مقابل هذه الأجور هناك مخاطرة اذ يمكن أحداث تغيير في العمال عند انتهاء العقود حسب أحكام السوق فلا يمكن مطلقا ضمان ديمومة التشغيل ومنع هذه الأجور المرتفعة فالمطلوب ايجاد توازن وهذا معمول به في كل انحاء العالم وليس خاصا بالملاحة التونسية.
وما يحصل في تونس ان لدينا مؤسسة عمومية وهي «الشركة التونسية للملاحة» تتمتع بامتيازات من الدولة وتتمتع بضمان الدولة للحصول على قروض ميسرة ولا يقدر القطاع الخاص الحصول عليها.
كما تتمتع هذه الشركة بامتيازات أخرى كاحتكار بعض الخطوط وهو ما جعلها تواصل نشاطها على خطين فقط بين تونس وفرنسا وايطاليا رغم أنه مضى على بعثها نصف قرن ونتمنى أن يتغير هذا الواقع ويصبح مواكبا لما يحدث في العالم لتتكافأ الفرص وتتساوى خاصة وأنه قطاع مشغل ومحرك لعديد القطاعات الأخرى ففي الفليبين هناك اليوم 120 ألف عامل على السفن.
نحن اليوم نعاني في مجال البحرية التجارية العالمية من عجز يقارب 40 ألف فني وكان يمكن تكوين شبان تونسيين للاستجابة لطلبات السوق العالمية كما أن هناك صعوبة تعانيها الشركات المالكة للسفن اذ تضطر إلى البقاء في البحر لأسابيع تنتظر قبل الدخول إلى رصيف الميناء وهو تعطيل مكلف للدولة وللاقتصاد مئات ملايين الدنانير (500600 مليون دينار) وهو ما يتطلب اعادة العمل في موانئنا للزيادة في مستوى نجاعتها.
هناك فكر لمنع استغلال الأرصفة في الموانئ إلى شركات خاصة فماذا تقولون عنها؟
هي فكرة مقبولة لكن يجب منحها إلى مؤسسات تونسية وليس لأجنبية لأنها أولى بذلك.
هل هناك استعداد لدى الخواص لدخول أسواق جديدة في إفريقيا والبلدان العربية والخليج؟
هذه خطوط سبق للشركة التونسية للملاحة أن فتحتها لكنها تراجعت عنها لأن حجم المبادلات معها كان ضعيفا ونحن نعلم أن قرابة 80 بالمائة من معاملاتنا التجارية تتم مع بلدان الإتحاد الأوروبي.
تعرضتم خلال العهد السابق إلى ضغوطات وابتزاز من عائلة وأصهار المخلوع ماهي تفاصيلها؟
لقد عملوا على الإضرار بعديد المشاريع فقد قمنا باستثمارات هامة لتوزيع الغاز ولما بدأنا الإنجاز سحبوا منا الرخصة كما قمنا بشراء مستودع في بنزرت كان على ملك شركة أجنبية عملت به لمدة 30 عاما عندما أردنا استغلاله سحبوا الرخصة وعلى مدى 17 عاما كنا نشارك في المناقصات في قطاع النقل ورغم أن عروضنا كانت الأفضل فإننا كنا نحرم من الفوز بها بتعليمات شخصية من المخلوع مباشرة.
كما كنت إتفقت مع المسؤولين عن شركة كيا«KIA» لصناعة السيارات واتفقت معهم على فتح وكالة لها بتونس لكن بن علي افتكها مني ومنحها لصهره صخر الماطري رغم أني كنت أبرمت استثمارات هامة لصناعة وتركيب الحافلات الصغرى والمتوسطة والشاحنات المتوسطة وبإيجاز أقول إنهم أفلسوا لنا ثلاث شركات وشردوا 1500 عامل وأذكر أن بن علي جاءني إلى معملي في جبل الجلود سنة 1993 دون علمي وطلب مني مطالب مجحفة قبل أن يأذن بإغلاق المعمل كما أنه حرمنا من حصتنا في توريد السيارات لمدة 10 سنوات إلى أن جاءت الثورة فعدنا بكل قوة.