اعتبر أستاذ القانون الدولي، السيد عبد المجيد العبدلي في لقاء مع «الشروق» ان محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك ومعاونية شكلت لحظة فارقة في العالم العربي لكنها لم تخل من بعض السلبيات. الدكتور عبد المجيد العبدلي استغرب تبرئة نجلي مبارك وبعض مساعديه الآخرين ملاحظا أن الأمر يوحي وكأن هناك صفقة ما.
بداية، ما هو توصيفكم القانوني لمحاكمة مبارك ومعاونيه... والى مدى تعتقد بوجود سقطات قانونية في هذا الحكم، كما ذهب الى ذلك البعض؟
برأيي أن هذه المحاكمة تتضمن جانبا ايجابيا ذلك أنه لأول مرة يمثل دكتاتور أمام القضاء... وهذا يعد أهم كسب وانجاز للثورة المصرية... لكن بلا شك فإن هذه المحاكمة لم تخل من بعض النقاط السلبية لعل أهمها بالتأكيد تبرئة المشاركين والمتورطين معه في قضايا فساد وأعمال قتل... بحيث ان الأمر يوحي وكأن هناك صفقة والا كيف نفهم تبرئة الآخرين على أساس سقوط الدعوى بمرور الزمن... نحن نعرف أن مبارك كانت هناك موانع مادية وقانونية تحول دون محاكمته حين كان في السلطة وحين كان نجلاه يساهمون في قيادة الأمن... لكن اليوم الأمر تغير... ومنذ لحظة سقوط نظام مبارك سقطت معه هذه الموانع المادية والقانونية لكن جرائم الفساد والقتل لا تسقط بمرور الزمن... لأنه من الناحية القانونية البراءة نتيجة سقوط الدعوى بمرور الزمن غير قانونية... ولا تتماشى مع قواعد القانون الدولي الجنائي بعدم الافلات من العقاب في كل الجرائم الماسة بحقوق الانسان...
ما أود أن أقوله هنا هو أن الثورات تؤسس لشرعية ثورية... وما هو فاسد في النصوص السابقة يلغى آليا... لكن في الحالة المصرية، فإن الحكم ارتكز على نصوص سقوط الدعوى بمرور الزمن...
هذه الحالة المصرية التي تفتقد الى «شرعية ثورية»، كما تشير هنا، ما مدى تشابهها وترابطها مع الحالة التونسية، من هذه الزاوية تحديدا؟
ما يهمنا في تونس أن المحاكمات يجب ألا تتم أمام المحاكم العسكرية أو المحاكم العدلية فكل الثورات التي حصلت في العالم تقضي الى تكوين محاكم متخصصة يتولاها رجال قانون نزهاء ومحايدين يمثلون النيابة العامة والقضاة ويهتمون بمواجهة التهم التي ارتكبها النظام السابق.... وعليه أرى أنه من الضروري انشاء محاكم متخصصة حتى يطمئن المواطن على حقوقه لأن المحاكمات الاستثنائية لا توفر ضمانات... وطالما لم تتحقق هذه الاهداف فإن الثورة ستجهض لأن نقل المحاكمات الى القضاء العسكري هي مؤشرات على اجهاض الثورة...
أثرت هنا، الجانب القانوني، لكن برأيك، ما هي المدلولات السياسية لهذه المحاكمة؟
في تصوري أن محاكمة مبارك كانت درسا لكل الطغاة وهي تعطي الأمل للذين قاموا بالثورة... لكن ما أود أن أشير اليه وأؤكد عليه هنا أن ثورة تونس لم تكتمل بعد طالما لم تكون محاكم متخصصة ويعهد بها الى أناس نزهاء... وطالما مازلنا أمام القضاء العدلي فإن الثورة لم تحقق أهدافها...