بات قطاع الحليب على رأس المنتوجات الفلاحية والأكثر أهمية بالجهة، سواء من ناحية وفرة الانتاج أو من حيث الجودة العالية التي يختص بها، غير أن ذلك لم يمنع من وجود معادلة صعبة يعيشها الفلاح، بين ما يبذله من جهد بدني، وانفاق مالي وبين ما يجنيه. تضخ اليوم المنطقة حليبها الى وجهات تجميع مختلفة، داخل المعتمدية وخارجها بكمية هامة تبلغ 100 ألف لتر يوميا تحتل بها المرتبة الأولى على مستوى الولاية، أما من ناحية الجودة فحدثنا السيد علي النواصري رئيس الدائرة الفرعية للغابات بعمدون، أن أحد الخبراء أكد له أن حليب عمدون من أرفع ما يوجد على مستوى وطني، حتى بكمية الماء التي قد تخالطه هنا وهناك، ويعود ذلك حسب محدثنا الى التنوع العشبي الصالح للرعي في أرض تعد بكر تتمتع بالخصوبة. ويُجمع هذه السنة كل من الفلاحين، والوسطاء، وأصحاب مراكز التجميع أن هناك تحسن مقارنة بالسنوات الماضية من ناحية استيعاب الانتاج، حيث لم يقع اتلاف كميات حليب بالحجم الذي كان يُتلف في الماضي في كل ربيع، وان كان المشكل لا يزال قائما حسب رأي البعض مثلما حدثنا رمزي الجبري صاحب شاحنة لنقل الحليب، وسببه حسب قوله أصحاب المعامل وهي آخر محطة يصلها هذا المنتوج حيث يخضع للصناعات التحويلية، واذ يعطل هؤلاء بعض الصهاريج لتفريغ شحناتها في الوقت المناسب ثم يرفضون قبولها لاحقا بسبب أنها أصبحت فاسدة، ويشكل هذا كابوسا حقيقيا للجميع ويخسرون من جرائه أموالا كثيرة فإما أن يبيعوه بأبخس الأثمان 100 مليم للتر الواحد مثلا أو يلقونه على قارعة الطريق، ويبقى المشكل القائم عند المنتجين هو المعادلة الصعبة التي لم يستطع الفلاح الى حد الآن تحقيقها وخصوصا الصغار منهم والمتمثل في عدم قدرة ما يجنيه الفلاح الذي يُعوزه عامل الكم على تغطية مصاريفه التي ينفقها على مواشيه، خاصة العلف الذي يشتريه شهريا بأسعار في ارتفاع مستمر ليتجاوز 60 دينارا القنطار الواحد، وحتى باقي العلف الذي ينتجه هو من أرضه فكلفته أيضا باهظة، هذا فضلا عن جهده البدني المضني، واذا استطاع الفلاح أن يغطي ما يصرفه على حيواناته، فإنه لا يبقى له من المال ما يعتاش به أمام ثبات سعر اللتر من الحليب الذي لم يشهد تحفيز حقيقي حتى تتحسن أوضاعه، ويطمح الفلاح اليوم الى مزيد من الدعم الحكومي يشمل تهدئة أسعار الأعلاف لتكون في المتناول، وتحسين سعر الحليب ولو بزيادة صغيرة مما يخفف العبء عنه ويشده الى عمله.