دعت صفحات تونسية كثيرة يوم أمس الى تفعيل لجان شعبية لحماية الممتلكات العامة والخاصة في كامل البلاد مثلما حدث أيام الثورة فيما طالب ناشطون وحقوقيون من عدة توجهات بالتحقيق الجدي لكشف من يقف وراء أعمال التخريب والحرق والفوضى والضرب بصرامة ضد كل من تسول له نفسه تحدي النظام العام. حظي بيان الرئاسات الثلاث يوم أمس بالكثير من النشر في الصفحات التونسية، انما دون أية مساندة لما جاء فيه، وكشفت أغلب التعاليق عن عدم الرضا والخيبة واعتبره ناشطون كثيرون أقل مما هو منتظر من السلطة قياسا بفداحة ما حدث، ولم يحمل شيئا من الأجوبة التي يرغب الشعب التونسي في سماعها، وخصوصا في تحديد المسؤوليات في ما حدث من اعتداءات وحرق للممتلكات العامة والخاصة. وفي هذا المجال، ثمة سؤال يتكرر في العديد من الصفحات منذ صبيحة الاثنين: «من يقف وراء هجمات العنف والتخريب؟».
نقل ناشط حقوقي مقطعا من بيان الرئاسات الثلاث جاء فيه: «اننا ندين هذا العنف الذي تمارسه هذه المجموعات سواء كان جسديا مباشرا أو بالترهيب وان هيبة الدولة تفرض مواجهتها بكل الوسائل القانونية»، علما وأن هذه الجماعات المتطرفة هي نفسها مخترقة من قبل الاجرام، يموّلها الخائفون من المحاسبة وتطبيق القانون أي فلول العهد البائد وهدفهم ارباك السلطة واثارة الفزع بين المواطنين وافشال المسار الانتقالي الحالي»، ثم طرح للنقاش مجموعة من الأسئلة مثل: من هم الذين يمولون العنف والارهاب؟ لماذا لا تتم تسميتهم؟ هل أن هرم السلطة الثلاثي الذي يمسك كل وسائل القوة والتحقيق عاجز عن كشفهم أم أنه يعرفهم ويكتفي بالتلميح ؟
وكتب محام معروف بالالتزام بقضايا الحرية: «لو كنت مكان وكيل الجمهورية لوجهت دعوة رسمية الى المسؤول الأول عن الحكومة لكي أحقق معه حول عبارة فلول العهد البائد، فإما أن يقول للقضاء كل ما يعرفه وإما أن يتوقف عن توجيه التهم يمينا ويسارا». ولقي هذا التعليق الكثير من المساندة، مثلما كتب حقوقي شاب: «لدينا عشرات الموقوفين وعشرات الأدلة الجنائية معروضة للجميع، وأي تحقيق بسيط يمكن أن يوصل المحققين الى هويات من يحرض على العنف، ومن يموله ومن يمارسه، لكن أعطني الارادة السياسية لذلك». وكتبت طالبة من العاصمة: «الحكومة تعرف كل شيء عن كل شيء، لكن الأسهل أن نعلق كل شيء على فلول العهد البائد».
الغريب في الصفحات التونسية هو اتفاق الجميع على ادانة العنف والتخريب، ثم الاختلاف على تحديد مصدره، أنصار اليسار والمعارضة لا يختلفون حول توجيه الاتهام للتيارات السلفية وربط ما يحدث بالدعوات الصريحة التي يطلقها زعماء السلفية للقتال والعنف، أما أنصار الحكومة والنهضة فيصرون على اتهام «قوى الثورة المضادة التي تحرك السلفيين والمنحرفين المندسين بينهم». كتب ناشط حقوقي في صفحته: «أما الخنجر الذي تطعن به تونس هذه الأيام، فليس مهما أن يكون صنع في اسرائيل أو في أفغانستان، بل الخطير هو أن الطعن يتم بأيد تونسية».
ناشطون كثيرون معروفون بجديتهم يتهمون الحكومة بالليونة والتردد أمام التهديد الذي أصبحت تمثله التيارات السلفية التي تخلع الأيمة من منابر المساجد، تتحدى القوانين المنظمة للبلاد فتغلق الحانات وتضرم النار في من يرفض الامتثال لها وتنادي بقتال وقتل من يخالفها الرأي علنا. ثمة أيضا دعوات جادة في عدة صفحات للضغط على الحكومة حتى تضرب بيد من حديد ضد كل الدعوات الى العنف، كتبت حقوقية من سوسة تعليقا على أحداث العنف التي شهدتها المدينة: «أعطتنا الثورة الديمقراطية، لكنها ديمقراطية بلا أنياب، لا تقدر على الدفاع عن نفسها». أما أغرب ما قرأنا يوم أمس، فهو تعليق ساخر من ناشط شاب جاء فيه: «عاجل: أفغانستان تحذر رعاياها من السفر الى تونس لتوتر الأوضاع الأمنية فيها».