أسبوع «ساخن» عاشته تونس من تحريض وأحداث عنف وحرق شملت مؤسسات للدولة وممتلكات عامة وخاصة، إلى إصدار أحكام بخصوص قضية شهداء وجرحى الثورة أغضبت قطاعات واسعة من الشعب وصولا إلى إطلاق مبادرة الوزير الأول السابق الباجي قائد السبسي أمس، الناشطة الحقوقية رئيسة مركز تونس للعدالة الانتقالية سهام بن سدرين تقدّم قراءتها لهذه الأحداث: أحداث العنف والانفلاتات
أعتقد أنّ هذه الأحداث غير عفويّة بل هي مدبّرة من طرف عناصر تحنّ إلى النظام القديم وتسعى إلى بث الرعب في قلوب التونسيين وبث حالة من عدم الطمأنينة، بصرف النظر عن الحكومة القائمة فالهدف هو ضرب استقرار تونس.
وإذا أردنا تتبّع مسار هذه الأحداث سنجد عدّة أشياء مثيرة للتساؤل، فما العلاقة بين الاستنفار للدفاع عن المقدّسات والأماكن التي تم استهدافها والتي لها علاقة مباشرة بالسيادة الوطنية كالمحكمة ومراكز الأمن، فضلا عن ممتلكات عامة وخاصة وحرق ملفات فساد وحرق شيكات لأطراف عبثت بأموال الشعب، فكل ذلك له علاقة بالفساد والفاسدين الذين وقع استهدافهم في أهم مؤسسات الدولة بعمليات إحالة على التقاعد، خصوصا في قطاعات الديوانة والأمن والقضاء، حيث حصلت عملية تنقية وكانت ردّة الفعل بعد أيام قليلة.
وثمة أيضا ما يُسمّى بالظاهرة السلفية التي أصبحت ظاهرة تستخدم العنف وشعور بالإفلات من العقاب وهذا الشعور ناتج عن تراكم أعمال عنف لم يتمّ ردعها فجعلت هذه الأطراف تسمح لنفسها بالهجوم على مؤسسات الدولة والملك العمومي.
إنّ ادعاء الدفاع عن الإسلام والمقدّسات الإسلامية هي ادعاءات واهية وذريعة لبلوغ أهداف أخرى، وأعتقد أن جزءا هاما من الظاهرة السلفية مخترقة من النظام البائد وموظفة من طرفه من أجل زعزعة استقرار تونس.
صدور الأحكام في قضية شهداء وجرحى الثورة
نحن كحركة حقوقية طالبنا في وثائق وتقارير بألّا تكون القضايا التي لها علاقة بالثورة والفساد في عهدة القضاء العسكري بل بيد القضاء العدلي العادي لأن اللجوء إلى القضاء العسكري، وهو قضاء استثنائي لا يوفر بما فيه الكفاية شروط المحاكمة العادلة، هذا على مستوى المبدإ. أمّا بخصوص التعامل مع ملف شهداء وجرحى الثورة فأنا أتفهّم أن المحكمة العسكرية كانت تعمل تحت ضغط رأي عام قوي جدّا، وبالتالي كان من الممكن أن ترفض بعض الطلبات من الدفاع الذي طالب مثلا بسجل توزيع الخراطيش لمعرفة من أطلق النار وقد كان من الممكن بطريقة بسيطة بلوغ الحقيقة، وهذا لم يحصل، فكانت هذه من بين الشوائب التي شابت عمل المحكمة.
يجب إذن أن يمارس القضاء مهامه بعيدا عن الضغوط حتّى تكون الأحكام سليمة وعادلة، ولكن من الضروري أيضا أن يتجرّد من كل الضغوط من جهات لا مصلحة لها في كشف الحقيقة، ونأمل أن يتم استئناف هذه الأحكام. إعلان مبادرة الباجي قائد السبسي
لا أريد التعليق على هذه المبادرة ولكن فقط أقول إن قائد السبسي قاد البلاد لفترة 8 أشهر وقد صارت في تلك الفترة أيضا أعمال عنف، ونحن نرفض منطق أن يظهر اليوم في مظهر المنقذ، وعموما هو حرّ ويحق له إطلاق مبادرة ونحن نحترم ذلك ولكن نعتبر أنه ليس له أي ميزة تميزه عن السياسيين الآخرين، بل هو ورقة على الساحة السياسية ونأمل أن تلعب كل الاوراق أدوارها حتى تسير البلاد نحو الديمقراطية ويسير الانتقال الديمقراطي بشكل سليم.
من هي سهام بن سدرين؟
ولدت سهام بن سدرين في 28 أكتوبر 1959 في المرسى (تونس) متزوجة من عمر مستيري وهي أمّ لثلاثة أولاد. متحصلة على دبلوم في الفلسفة من جامعة تولوز، وتشغل حاليا منصب رئيسة مركز تونس للعدالة الانتقالية الذي تأسس بعد الثورة. تعرّضت سهام بن سدرين إلى عدّة مضايقات واعتقالات واعتداءات إبان العهد السابق، حيث أسست وترأست (بين عامي 1989 و1995) دار نشر تحت اسم Arcs التي تم إجبارها على الإفلاس (بسحب طلبات الشراء والسرقات والضغط على الزملاء في العمل وعلى البنوك، ومصادرة الاعداد بعد الطباعة) وتولت تأسيس عدة هيئات وجمعيات تعنى بالدفاع عن حقوق المضطهدين في تونس. وقد غادرت تونس عام 2009 لتعود إليها بعد 14 جانفي 2011 .