لما اندلعت الثورة وتحقق الحلم وانتخبت الحكومة الشرعية الحالية ابتهج الشاب عمار رحموني كغيره ممن ذاقوا الأمرين، عمّار أطرد من عمله في العهد السابق بسبب خطإ مهني أمكن له تسويته حينئذ لكنه الى اليوم عاطل عن العمل. هذا الطرد تسبّب في تشريد العائلة وتجويع الأبناء وتاه عمّار بين مقرات الوزارات علّه يجد من يرحم عائلته ويرأب صدع العلاقة الزوجية بينه وبين زوجته التي هجرته لأنه أصبح عاطلا عن العمل وفي الأخير اهتدى الى الطريق الصواب حسب تصريحه وتحامل على نفسه وحل بيننا في مكتب الشروق ليروي قصته علها تجد آذانا صاغية.
وتعود القصة كما رواها صاحبها الى سنوات التسعين حيث التحق عمار سنة 1992 بالوظيفة العمومية في خطة مراقب مصالح مالية بكلية العلوم بتونس وفي سنة 1994 انتقل الى العمل بالقصرين مسقط رأسه بالقباضة الجهوية بنفس الخطة وبحكم تدرجه في عديد المسؤوليات تم تعيينه سنة 2000 قابض مالية بقباضة معتمدية القصور من ولاية الكاف التي افتتحت ابوابها لأول مرة في تلك الفترة وكان يشرف على تجهيز المقر بنفسه قبل الافتتاح بل وصل به الامر الى المبيت هناك الى جانب الحارس الليلي لحراسة المقر ايمانا منه بحب العمل والتفاني في خدمة الوطن لكن في تلك الفترة حصل ما لم يكن في الحسبان حيث مرض والده وتعكرت حالته الصحية مما اضطره الى التنقل بصفة متكررة بين القصور والقصرين مما أثر على آدائه في العمل وعلى انضباطه الذي عهده في ظل غياب من ينوبه في الحرص على التمشي الاداري الصحيح فحصل عجز في مالية الادارة قدر بألف دينار و856 مليما تفطن اليه متفقد من أمانة المال بالكاف كان قد زاره في الادارة.
تحمل السيد عمار مسؤولية خطئه وسارع بتسديد العجز من ماله الخاص باعتبار أنه المسؤول الاول في الادارة ولكن ذلك الاجتهاد لم يؤد الى نتيجة حيث استقبل فاكس من الادارة العامة للمحاسبة العمومية يعلمه بأنه محال على مجلس التأديب بعد 15 يوما من تلقيه الاشعار امتثل الى ذلك وقصد تونس العاصمة في اليوم المحدد ليكتشف عدم وجود مجلس تأديب أصلا بل أن القرار كان حاضرا حسب تصريحه حيث لم يتم الاستماع اليه أصلا، وانتهت المسرحية بقرار عزل من الوزير ورمي الرجل في الشارع بين براثن البطالة صحيح أنه يستحق العقاب على هذا التهاون ولكن كان بالامكان ان تكون العقوبة أقل حدة خاصة وأن الرجل لم يضبط في حالة سرقة ولا براهين تدل على انه متورط سوى أنه المسؤول الاول في الادارة ورغم ذلك سدد المبالغ، بعد الثورة وأثر صدور قرار العفو التشريعي العام حلم كغيره من المطرودين بالعودة الى العمل وبالتالي الى الاستقرار العائلي باعتبار ان زوجته نفرته وأبناءه تشردوا فتقدم بمطلب في الغرض بتاريخ 17 فيفري 2011 ولكن الجواب كان قاسيا عليه مرة أخرى حيث أبلغه المسؤولون بأن حالات اختلاس الاموال العمومية لا يشملها العفو العام رغم بعض التطمينات الاخرى من أن الوضعية ربما تتم تسويتها فكيف يتم استثناء جرائم اختلاس الأموال العمومية رغم أنه يُقرّ أن لا ضلع له في الجريمة في الوقت الذي شمل القانون جرائم أخلاقية غريبة جدا حسب تصريحه وهو بهذه المناسبة يوجه نداء الى السلطات المعنية بالأمر الى النظر في وضعيته التي أصبحت لا تحتمل الانتظار أكثر أوادانته من جديد وإيداعه السجن.