«وضع السياحة وأفق تطورها في جزر قرقنة ومنطقة برج السدرية» هو محور نقاش الطاولة المستديرة التي نظمتها أمس الجمعية التونسية للتنمية السياحية وقدماء السياحة بالتعاون مع لجنة مهرجان القرنيط بجزر قرقنة. اللقاء كان فرصة لوقوف مجموعة من الخبراء في السياحة والبعيدين عن الهاجس الاداري والتجاذبات السياسية للجهر بحقيقة الوضع السياحي في بلادنا ومزيد تهميش بعض المناطق المهمشة قبل الثورة رغم ثرواتها الطبيعية.
«الشروق» حضرت اللقاء والزيارة الميدانية نحو برج السدرية سليمان ونزل «السوليمار». وحاولت معرفة أبرز الاشكاليات المطروحة. أفرزت الجولة في المنطقة السياحية ببرج السدرية سليمان بروز مجموعة من النقائص المتمثلة في تداخل المنطقة السياحية مع المنطقة الصناعية ومع الزحف السكاني.. وهو ما وصفه السيد لطفي خياط رئيس الجمعية التونسية للتنمية السياحية وقدماء السياحة بالوضع المؤسف في منطقة لم تتم العناية بها وبشوارعها رغم أهميتها.
سياحة بعد الثورة
خلال حديث «الشروق» مع السيد لطفي خيّاط رئيس الجمعية التونسية للتنمية السياحية وقدماء السياحة بيّن لنا أن الوضعية الحالية للسياحة شيء لا يحسد عليه وأن أهل السياحة حزينون لما يعيشه القطاع في هذه الفترة الانتقالية ووصف الوضعية الحالية بالأزمة التي لم يعرفها القطاع من قبل.
واعتبر محدثنا أن المناطق ذات السياحة الهشة والتي كانت تعاني في السابق من هشاشة ازداد وضعها سوءا بعد الثورة، لكن اشكال هذه المناطق لا يتعلق بالوضعية الآنية والراهنة بل يتطلب معالجة شاملة وكاملة وهيكلية.
واعتبر السيد رئيس الجمعية أن التونسي عرف حاليا قيمة السياحة في تونس والتي تشغل حوالي مليوني تونسي بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وانه على جميع الأطراف أن تتعاون من أجل إعادة القطاع الى حيويته.
وأشار الى ما تتمتع به هذه المناطق من ثروات طبيعية لكن ما ينقصها هو الامتثال للمثال العمراني أي عدم الخلط بين الانفجار السكاني والعمراني مع النسيج السياحي إضافة الى ضرورة توفير بنية أساسية وطرقات لائقة.
مناطق منكوبة
تحدث السيد وحيد ابراهيم (خبير في السياحة) عن ندوة الأمس باعتبارها نشاط من أنشطة قدماء السياحة وقال إن محور الندوة يحاول التركيز على بعض المناطق المنكوبة سياحيا رغم ثرائها طبيعيا. واعتبر أن قرقنة وبرج السدرية وسليمان هي من المناطق المنكوبة أيضا من حيث التنمية وأنهما منطقتان زاخرتان بالثروات العذراء.
وتعتبر منطقة برج السدرية سليمان من المناطق المفضلة على شاطئ نظيف وهي بوابة تونس والوطن القبلي، كما تحتوي على أحد أجمل الموانئ التونسية! وتعاني هذه المناطق حسب السيد وحيد الخبير في السياحة من مشاكل بيئية خطرة مثل انجراف الرمال في قرقنة والتلوث البترولي ومشاكل النقل نحو صفاقس.
وأضاف أنه قد تمّ وضع دراسات لتنمية منطقة قرقنة سياحيا ولكن هذه الدراسات وقع استعمالها في الخطب والزيارات الى قرقنة وكمطايا لوعود سياسية دون تنفيذ! وقال السيد وحيد ابراهيم «حتى المهدي حواص أصيل المنطقة تحدث عن الدراسات دون تنفيذ». من جهة أخرى تحدث الخبير في السياحة عن المنطقة السياحية ببرج السدرية التي تعاني من تلاعب في مثال التهيئة العمرانية حيث زحفت فوضى العمران وغلب التلوث وكثرت الأوساخ. وقال إن ما حصل في السبعينات وما تمّ تسجيله من معدلات وطاقة إيواء لهذه المناطق هو أفضل بكثير مما موجود اليوم.
ديزناي... وحلم
قامت ندوة أمس بالبحث في «المستقبل» وسبل الخروج من حاضر وضعية هذه المناطق السياحية. واعتبر السيد وحيد ابراهيم ان الحل في منطقة برج السدرية سليمان هو تنمية السياحة الداخلية والمغاربية نظرا لأن شروطها أسهل. ولم لا يتم إحداث منطقة مثل «ديزناي لاند» حقيقية وهو حلم ممكن.
أما منطقة قرقنة فهي تحتاج الى التخلص من البناء العمودي واعتماد بناء أفقي ومنازل صغيرة شاطئية بنمط تقليدي.. وهي قادرة على استقطاب السياح من الجيل الثالث والباحثين عن الحرارة والاستشفاء. وأكد السيد وحيد على ضرورة أن تحافظ كل منطقة على خصوصيتها أو ان تخلق خصوصية لسياحتها كما اكد على أهمية المحافظة على الأمثلة العمرانية وعلى الأراضي البيضاء.
بدوره تحدّث السيد حمزة اسماعيل من جمعية قدماء السياحة عن الندوة الصحفية التي انطلقت من ملاحظة مشاكل الجهات السياحية مثل قرقنة وبرج السدرية سليمان والتي لم تأخذ حظها في العناية والتنمية. ولاحظ ان للسائح عقلية جديدة هي عقلية الحجز في اللحظات الأخيرة.
وقال إنه يجب العمل على المحافظة على الاستقرار وتحسين المحيط الطبيعي والبشري وعدم اعطاء الاعلام الأجنبي «الولاعة والوقود» لإحراق سياحتنا وقال إن حادثة مثل حادثة العبدلية هي حادثة مجانية زعزعت الاستقرار الهش لبلادنا. كما أكد على أهمية العناية بالطعام والمطاعم والخدمات في مجالات متعددة تهم السياحة.