قال السيد راشد الغنوشي في تصريحات صحفية بمصر ان تنظيم القاعدة هو الخاسر الأكبر من ثورات الربيع العربي، والحقيقة ان هذا التنظيم هو الرابح الأكبر منها، فهو لا يجد أفضل من أوضاع الفوضى ليتصرف على هواه. وهذه الثورات وفّرت للقاعدة القدرة على تهريب السلاح في غياب الأمن والمراقبة والقدرة على تهريب الأموال الطائلة، والقدرة على استقطاب الشباب. وقد رأينا منهم من كان يحمل شعارات تمجّد أسامة بن لادن في مطار تونسقرطاج، ومن يجاهر في وسائل الاعلام التونسية بانتمائه للقاعدة، ومن يدعو علنا الى الجهاد. وليس تصريح السيد راشد الغنوشي إلا ترويجا منه وهو السياسي الذي يضطلع حزبه بالحكم لخطاب يريد أن يقنع الغرب بأن صعود الاسلاميين يمثّل خير بديل، بما ان تنظيم القاعدة الارهابي خسر وسيخسر بصعود «المعتدلين» من الاسلاميين لدفة الحكم أي في تونس او في مصر وقريبا في ليبيا، وذلك حتى لا يغيّر الغرب استراتيجيته في التعامل مع الاسلاميين، وحتى يدعمهم كل الدعم، وحتى يرضى بهم كبديل.
وهاهي القاعدة تصول وتجول في مالي وفي ليبيا، وفي الصحراء التونسية الجزائرية. ها هو فكرها يروّج له في الشوارع، والمساجد، والأحياء الشعبية بلا رقيب ولا حسيب. فكيف لا تكون هي الرابح الأكبر من هذه الثورات المنفلتة التي وفّرت الفرصة لهذا التنظيم الذي لا يجلب الا المشاكل ولا يوفّر الا المواجهة ولا يعد الا بالموت والارهاب.
إن حاجة السيد راشد الغنوشي للقول بأن القاعدة هي الخاسر الأكبر، لا يمكن ان يحجب الحقيقة وهي أنها على العكس الرابح الأكبر. وهو أمر لا يخفى على الغرب وأجهزته التي لا يمكن تضليلها او التلاعب بها.
أما ان يصبح هذا التنظيم في المستقبل الخاسر الأكبر، فذلك يتطلب وضع سياسات حقيقية اولها السعي الى وفاق وطي حقيقي، والى سياسة ثقافية واجتماعية تجمع شمل التونسيين، والى خطط أمنية تتعامل مع هذه الظاهرة كظاهرة ارهابية لا كمسألة سياسية وثقافية يمكن ان تعالج بالحوار. أما أن تتواصل حالة الانقسام الحالية، مع مواصلة سياسية الإقصاء للتيارات المدنية واستجلاب المقدس الديني للصراعات المفتعلة، فإن ذلك لن يكون الا في صالح التنظيم.