وصف هنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكي الاسبق الثورة في تونس ومصر واليمن بالانقلاب الابيض ناصحا بنقل الفوضى الى لبنان والاردن لمنع استقرار سوريا داعيا الى ابقاء الملك عبدالله على طريقة شارون لتفادي انتقال ثورة البحرين. وقد نقل موقع جامعة ميريلاند لمشتركيه حوارا جرى في احدى جلسات الثينك ثانك اي البحث والتفكير في مركز بروكنغز الذي تديره الجامعة وقد ضم الحوار عددا من السفراء السابقين في منطقة الشرق الاوسط ووزير الخارجية الامريكي الاسبق هنري كيسنجر.
حديث كيسنجر الذي تركز على الربيع العربي اعتبر ان الثورات التي شهدتها كل من تونس واليمن ومصر اظهرت عبر نهاياتها قربا من الغرب سواء بمواقف العسكر فيها او النخب السياسية او التيارات الاسلامية بينما كان الحكام ايضا معروفين بقربهم من الغرب لذلك لا يمكن التحدث عن هذه البلدان وكأن ثورة صافية قد جرت فيها فالثورة حسب كيسنجر تحمل تغييرا في النهج السياسي والاقتصادي يصل في بداياتها حد الراديكالية والتطرف ونحن لم نسمع اي كلمة سيئة بحق السياسية الامريكية ولا تلويحا بتغيير نظام الاقتصاد الحر ولا تهديدا لأمن اسرائيل وهذه هي حسب استطلاعات الراي السابقة للربيع العربي مكامن وجع الشارع العربي.
ويتابع كيسنجر في محاضرته امام السفراء «أن ما جرى ان لم يكن انقلابا ابيضا نفذته الادارات الغربية بقوة الاستناد الى ملل الشعوب من حكام معمرين مضى على حكمهم عشرات السنين وضمن تفاهم واسع مع الحركات الاسلامية والجيوش لتنظيم العلاقات الجديدة بالاستناد الى صيغة نظام ديمقراطي يملك شرعية شعبية، فهي تحول ديمقراطي داخل الانظمة نفسها بالاستناد الى ضغط شعبي لتحسين الممارسة السياسية في احسن الاحوال..
لكن في كل الاحوال يقول كيسنجر «كان مفاجئا حجم المشاركة الشعبية في التغيير في ليبيا رغم حجم اموال النظام وقلة عدد السكان وضآلة المجهود الحربي والمفاجئ في سوريا هو الحجم المحدود للمشاركة الشعبية خصوصا في حلب ودمشق رغم «فساد بعض اجهزة النظام وعدم شفافية «مؤسساته».
اما في ليبيا وسوريا فيقول كيسنجر «ان الغرب يقف امام نموذجين لاسقاط انظمة حكم معادية او ليست موضع ثقة باحسن الاحوال واستثمار الربيع العربي والتدخلات العسكرية المحسوبة والرعاية الخليجية والتركية يتم بصورة محسوبة للتخلص من مصادر قلق للسياسات الامريكية والاسرائيلية في المنطقة ومثلما كان التغيير في ليبيا مستحيلا بلا تدخل عسكري مباشر، فهو مستحيل في سوريا لان التدخل العسكري المباشر مستحيل بالرغم من ضآلة موارد سوريا وحجم سكانها الكبير قياسا بمواردها». والمفاجئ اكثر براي كيسنجر هو «تماسك الجيش السوري» ومناعته بوجه الحمى المذهبية التي تجتاح المنطقة و خطورة خروج النظام منتصرا في كونه سيعود اقوى مما كان وسيشكل تهديدا وجوديا لبقاء اسرائيل.
ويختم كيسنجر الموقف مما يجري في سوريا بالقول ربما يجب هدم جدار الامان الاردني والاستقرار اللبناني لمنع الاستقرار للنظام في سوريا فتتصل ساحات التوتر المديد في سوريا والعراق ولبنان والاردن وعلى اسرائيل ان تعد نفسها لتوترات حدودية مزعجة ستكون افضل من انتظار حرب دراماتيكية يضعها الرئيس بشار الاسد على جدول اعماله لفتح صفحة جديدة بعد خروجه من الازمة.
وفي خلاصة التقييم يرى كيسينحر ان الثورات التي يمكن التحدث عنها بجدية ولا تلقى اهتماما من الغرب لتقييم وتفادي نتائجها الخطيرة هي ما يجري في البحرين منذ اكثر من سنة بمشاركة اكثر من ثلاثة ارباع السكان وبصورة سليمة مدهشة وبشعارات جذابة وعاقلة ومصدر الخطر ان هذه الثورة باتت عصية على الاخماد وخطر انتقالها الى السعودية قريب وقريب جدا مع اعلان نبإ رحيل الملك عبدالله الذي يشكل صمام امان الحكم السعودي ببقائه حيا ولو في حالة «كوما مديدية» على طريقة حياة شارون لسنوات كحارس لمملكة بني اسرائيل وهذه اهم نصيحة يمكن تقديمها للحكم في السعودية.